الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نظرة على الحسين..  روايتان تحققان أهدافاً ونتائج

بواسطة azzaman

نظرة على الحسين..  روايتان تحققان أهدافاً ونتائج

شامل بردان

 

هو شخصية تاريخية، اي انها ليست وهمية، وليست من نسج سياسي، او ابتكاري.

تعرضت سيرته للتلاعب، فصار معروفا، لكن الضرر وقع على اسباب نهايته التي اختصرها من يدعون محبته بقولين، رفض المبايعة ليزيد بن معاوية، ورفض النزول على شرط واليه عبيدالله بن زياد، كذلك اضر بسيرته عند ختامها و قبل ختامها الفريق الذي يقفز بين ادانة قتله، و بين البحث عن رواية لاظهار قتله اجتهادا من والي الكوفة، دون معرفة يزيد.

الحسين شخصية كبرى في الاحداث التي رافقت تحولات الحكم في الاسلام، في فترة مابعد اخيه الحسن، ثم صار شخصية دائمة الحضور بعد مقتله، ومقتله كان سببا في تبدلات مهمة داخل بيئة المعارضة و داخل بيت الحكم.

الاسلام مثله مثل اي دين اخر فيه السلطة السياسية مشرعنة فقهيا، ما يعني ان التبشير او الجبر من خلال التوسع في جغرافيا الدولة، سيعني من ضمن مايعني دخول من هم من خارج عنصري العرق و الثقافة العربيتين الى بيئة منشيء الدولة في شكلها و مضمونها يومذاك، وهذه تفصيلة لا يمكن اهمال تأثيرها على البيئة صاحبة الدين، مثلما اثرت هي ايضا بالذين انتهوا رعايا للدولة.

يختلف الحسين عن اقرانه من جيل الاسلام المبكر في ما بعد الهجرة، بأن محمدا النبي هو جده لأمه، وقد شاهد النبي وعاش معه، فهو معايش وليس سامعا، وانه و الحسن و زينب، ليس لهما ابناء خالات، اي ان النبي بلا احفاد من نسله الا من ابنته فاطمة زوج علي بن ابي طالب، الذي غطت سيرته في مرحلتين من حياته على سير آخرين، مرحلة التصريح بالنبوة و الدعوة و الهجرة و ظروف المجتمع المدني الى وفاة النبي، و مرحلة الفترة التي تصارع فيها عثمان بن عفان و طبقات تم افقارها الى مقتله بعد سنوات في الكوفة.

قيام الدولة

الحسين من مجموعة حلقة ضيقة في اعدادها ببيت قامت على اساس جده الدولة، اذ لولا جده لما كان لقريش و لا لغيرها ان تتخيل انها تنتج نظام حكم مثل الذي وصلت اليه بعد عدوان مع النبي.

اضر بالحسين لاحقا كثير من الشيعة مثلما اضر به غيرهم من خارج الشيعة، اذ ان الرواية المطولة التي تبدأ من ترقب مرض معاوية، لا تقدم تصورا واضحا او محايدا و لا يعرف من الذي وضعها، وهي تتلخص بتصريح للحسين لعبدالله بن الزبير بعدما طلبهما والي المدينة الوليد بن عتبة لأمر هام، انه قال: يبدو ان معاوية قد هلك، ثم يذهب ثم يطلب منه بعد معرفته بوفاة معاوية ان يبايع ليزيد، و هنا يقال مرة انه رفض و يقال مرة انه طلب تأجيل الامر للغد و للعلن.

انا اتكلم عن المكتوب دون ان اضطر للتصديق، وعليه فأن اي مهتم بسيرة الحسين و من خلالها سيرة الحدث العام لسياسة الدولة او العكس سيكون من حقها اذا تتبع الروايات ان يفهم ان هناك عاملان، مجهولية المصدر، و ضبابية و تضارب المروي، وكأن الامر اشبه بملىء فراغ يسبق المقتل، فراغ اسرف في تفاصيل و اهمل سبب المقتل.

وقعت خاتمة الحسين في واقع يحكم اغلب مفاصله قتلته من البيت الاموي، ولذا فلابد ان نغفر ندرة الصدق الكامل للحدث، بعيدا عن الجو النمطي المشحون الذي وفرته الاشعار و الطقوس، وهي وان رسخت الحدث لكنها تركته شحيح المحتوى و افرغته من حقيقته التي تطرح سؤالا كبيرا و اجابة لن تجد مؤيدين كثرا لها حول دور الحسين الذي وضعه تحت السيف فأنتهى مقتولا.

ذلك ان الحكومتين الاموية على عدة عقود و العباسبة ايضا، قدما روايتين الاولى رسمية و الثانية شعبية، الاولى اموية و الثانية عباسية، الاولى قدمته مدانا، و هي رواية يرفضها الشيعة و الضمير السليم، و الثانية وهي العباسية كانت اشبه بطبخة لذيذة لكنها مفيدة للبيت العباسي، صورت عبر تقديم الحسين ضحية، ضعف الولاء له، و انقياده للمصير، و تشاؤومه من صدق الروايات التي قالوا انها حسمت مقتله مذ كان طفلا، وهي الروايات التي تم تفصيلها لتلائم الحاجة الشعبية للشيعة، بعد ان تسببت نفس الرواية بدفع المشروع العباسي في الوصول للسلطة.

سلطة البقاء

كلا الروايتين حققتا اهدافا للدولتين، و حققت اهدافا للشيعة، وبعض الاهداف و النتائج المصاحبة وان وفرت مجالين للسلطة في البقاء و للمعارضة في الوجود، الا ان الفريق المعارض ضخم من تفاصيل رواية المقتل و لم يصرح او يسمح للحسين الحقيقي بالبروز فكرة نقية من غير شائبة.

ان الحدث الضخم المتمثل بالتحرك الثنائي لمسلم بن عقيل ثم الحسين، والفاصل الزمني القصير بين مقتليهما و من معهم بأستثناء ناجين قليلين ممنوعين من التصريح، يضاف اليها تفصيل لابد من فهمه يتمثل في الخوف من التدوين لكثير من تفاصيل حدثت مع الحسين قبل المواجهة و كذلك تدوين تفاصيل خارجية مثل موكب السبايا او حوارات الاسرى في الكوفة و الشام، ومن ثم الوقوع في خطأ استنتاج الخفي من الظاهر من الحوارات، امور قد ساهمت في التلاعب بالمسرح الذي وقع فيه الحدث، فكان ان جرى تخيل السؤال من اجابة تحتمل كثيرا من الحلول، وهي اشبه بقيام شخص وجد رقما مكتوبا فصار يتخيل انها اجابة على سؤال فراح يضع جمع رقمين ليظهر له نفس الرقم او يطرح او يقسم او يضرب.

يحتل الحسين مكانا متقدما في قائمة من اساءت لهم مشيخة الدولة لاحقا، و خلال حياته، ومن نفس بيوت المشايخ القبلية التي اتخذت من جده و ابيه خصوم دم بعد اصطدامهم بالرسالة.

قريش التي دخلت بعداوة مع محمد و علي و كل داعم لهما واجهوا صراعا منفتحا متسلسلا، واستمر ذلك حتى ما اخذ خصوم سابقين مواقع في الحكم ذي الطابع الاسلامي.

لقد تجرأت زعامات من قريش و بالتبعة احلافها، تجرأت على محمد وحاولت قتله بالمواجهة او بالخفية للاغتيال، و كذلك اعتقلت و حققت و عذبت و طردت و اعتدت و صادرت اموالا، و طاردت و اطلقت دعاياتها المضادة ضد شخص محمد و مجموعته الاولى، لذلك فأن قتلها للحسين وان كان حدثا متأخرا، الا انه ام يكن الاول في المحاولات للخلاص من شخصيات لم ترتح قريش لتصدرها بعنوان لا يمكن سحبه الا وهو النبوة.

اقول: ان قريشا في اغلب البيوت التي لم ترد ان تستوعب محمدا و طريقته، لم ترتدع عن التفكير و التخطيط و انجاز التنفيذ لمحاولات الخلاص منه علانية، حتى بعد ان تحول لقوة محسوبة الحساب، فما الغريب اذا اعادت المحاولة مع الحسين؟

ثم ان قريشا التي قتلت الحسين، قاتلت متحالفة عليا، وضيقت على الحسن، و استمرت تضطهد عمار بن ياسر و عبدالله بن مسعود، ومارست قريش دورا مكنها من التوثب على السلطة يوم حان وقت اختيار بديل لسلطة محمد النبي الدنيوية، وتناست مثل كثيرين حدث غدير خم، و ظهر الاجتهاد السياسي لاول مرة في حلبة الصراع التي بناها الطمع و الاستعجال و تخلخل الايمان، وهي حلبة من الاولى بمحمد، المهاجرون اهله ام الانصار؟

ماهي تصوراتنا عن طبيعة افراد المجتمع ذلك الوقت الذي عاش فيه النبي و علي و الحسين، و تبدلاته التي تفرضها الحياة المتغيرة، تفيرات واكبها بعد النبي، واكبها علي و الحسين، ثم بعد وفاة علي واكبها الحسين.

لم تبدو تصوراتنا بين الضبابية او الوان قليلة، الوان تعكس حكما مسبقا عن الحدث بأعتبار الروايات التي وصلت، وبالتالي تبدو الالوان بحسب التثقيف، وبحسب الفئة المجتمعية و فهمها للدين و الصراع. ومع هذا فاقتحام ضباب المشهد لن يقدم مع انعدام الصوت الحقيقي اي ما هو مطلوب من معرفته عن ذلك الحدث الكبير.بأستبعاد النهضة التكنلوجية المعاصرة، و بمعرفة انظمة المعيشة التي عاشتها بيئات مجتمع محمد، من زراعة و تبادل تجاري، واستقرار عقائدي متنوع وطبقية قومية و اقتصادية و دينية، يمكننا ان نبذل جهدا يوصلنا الى فهم جملة امور تاريخية:

مجتمع قبلي له اعرافه، ولاؤه عشائري و تحالفاتي.مجتمع تحكمه مصالحه الاقتصادية المعاشية

مجتمع غير مبال للتدوين، بل شفاهي حيث الحرص على تعلم القراءة و الكتابة ليس ضروريا

مجتمع لا يبالي بالتوجهات الفكرية مالم تهدد استقرار المجتمع

ثم هو بعد ذلك يحمل افراده في الغالب طبائع بيئتهم المتنوعة بين الصحراء و المدينة البدائية

مجتمع قليل العداواة لمصالح تسويقية.

من هذه البيئات ظهر لمحمد اتباع لا يصح الحزم بتساويهم لا اجتماعيا و لا فكريا و جسمانيا، قسم منهم تبع محمد بردة فعل و قسم كان مقتنعا بطرحه، قسم دخل تحديا و قسم دخل بلا تحد، فأن كانت هذه التنوعات مقبولة منطقيا، فمنطقي ايضا انها ربما تغيرت مع ضغط الاحداث او انفتاحها.

ان شخصا مثل معاوية يختلف عن علي و ان جمعتهما قرابة البيت، وتختلف عن ابي لهب وهو قريب ايضا لمعاوية ابعد من قرابته لمحمد و علي، وعثمان يختلف عن ابي بكر، وعمار يختلف عن عمر.

هؤلاء و غيرهم ممن اسسوا للاحداث و اكملوا معها مراحل او زالوا قبل تصاعد الاحداث، هم بشر لهم فهمهم الخاص الذي ليس بالضرورة استباق اعلانه منهم، عن واقعهم و ارتباطهم بدعوة محمد، ارتباط الخصم او المؤيد او الذي صار مؤيدا بعد خصومة او العكس.

ان التفكير بقولبة مسبقة بفئة مُسلمة طائعة نقية ثابتة زاهدة قوالة للحق، لهي معجزة لم تتحقق، و الا لنزلت ايات الكتاب بعكس ما نزلت به من تكرار دعوات الاستيقان بصدق المرسل له و اصل المرسل منه.

لو اننا الان اعادة رواية مقتل الحسين بأختصار لا يختلف عليه الرواة، فسنقول: رفض الحسين بيعة يزيد لان يزيدا شارب للخمر، فخرج الى مكة بأهله، وارسل مسلم بن عقيل للكوفة، وطلب من النصرة والا فأن من لم ينصره لم يشهد الفتح، تخاذل الناس عن مسلم، تم قتله، بعدها وصل الحسين و صار يقول لمن ادعى سابقا تأييده اليست هذه كتبكم تطلبون مجيئي؟

رفض عرض عبيدالله بن زياد، و الاخير رفض ترك الحسين يرجع او يذهب الى يزيد، افلتوا عليه الالوف فقتلوه و اخوته و اكثر اولاده و مناصريه القليلين من اقرباء و غرباء، تركت بقايا الجثث لايام، و تك حمل الاسرى و الرؤوس، ثم عادوا للمدينة، وظل القبور ثم اخفيت ثم بنيت وتطورت لتكون مزارات.

اين الثورة و تحضيراتها و برنامجها؟

اما مقولة لم اخرج اشرا و لا بطرا، ولكن خرجت للاصلاح في امة جدي، فتلك جزء من كلام و عنوان من عناوين مخفية لا يجوز ترديدها من واعظ او طامح برصيد دم الحسين ثم يفعل افعال من لم يقبل الحسين بيعته.

ثمة توجهان و تاريخان في قتل الحسين، توجه في دمشق يعضده تاريخ خصومة مشخصة بعلي، و توجه من الحسين للمواجهة المؤجلة يعضده تاريخ الدعوة.

الحسين اكبر سنا من يزيد، و كلاهما ابن لحاكم، لكن يزيد هو ابن لوال من ولاة ابن عمه عثمان و قبل ذلك لعمر، فيما الحسين لم يكن واليا لا على ايام ابيه و لا على فترة اخيه الحسن القصيرة.

بتجرد تاريخي، فثمة سوابق دامية بين الاسرتين، كان محمد فيها ممثلا بعلي، وبقي علي في مواجهة ابي سفيان و من بعده معاوية، و كان ان دخل معاوية سلك العمل للدولة و تنحى علي بعد ان تمت تنحيته مرتين.

بأستثناء قرابة الدم، فلا مشتركات جمعت بين الاسرتين، حتى مع دخول متأخر لبيت ابي سفيان للاسلام، مسبوقا بزواج مبكر نسبيا غير مؤثر لبنته من النبي.

ان المنطق السليم يرفض ان يُسلّم بقبول البيت الاموي ان يقطع سيف علي تحت نبوة محمد مجموعة من رجال بيت عبدشمس، فتقبل الخسارة يعني تسليما بالحق حدا يجعلها عدالة عند المتضرر، و مثل هذا قد يصدق على ابي حذيفة اخ هند لما شاهد اهله يقتلون وهو بصف محمد، لكنه يصعب ان يصدق عند قادة البيت خصوم محمد.

ثمة عامل اخر، اذ ان محمدا و عليا لم يكونوا قتلة و لا دعاة قتل، بعكس القبلية ومفهمومها المعروف و المبرر لمن استعدوا و تقدموا لقتال محمد، ففي منظور محمد و علي هم يدافعون عن انفسهم و يقاتلون بأمر من الله، وهذا الامر لم يكن موجودا في مفهوم تجمع قريش على امتداد معاركه مع محمد قبل الفتح.

ليس يداخليني اي شك ان اغلب مجتمع الصحابة اصابه شيء من التبلد بمرور الايام و تبدل الحكام، وهم مثلهم العامة البشرية تتغير نفوسهم مع التغيرات التي يفرضها الواقع، ولا شك ايضا ان كثيرا منهم لم يجدوا ما يميز الثلاث الاوائل في الحكم حتى مع افتراض قربهم من النبي، وحتى مع التسليم بسابقيتهم للشهادة بنبوته، ذلك ان الاسلام مسيرة و مواقف، لا يسد فيها شيء عن شيء، بخاصة ان الاسلام في بداياته كان في تحد يهدد بقاءه بعد انبعاثه.

قلة قليلة هم الذين ثبتوا على صيانة منحنى المسيرة الشخصية من المجاملة او التورط في مشاريع تدويل الدين وجعله منظومة حكم لكنها اقرب للتوسعية على حساب فحوى الكتاب الذي يستهدف بناء الفرد على اساس عقد سماوي و نسخة تعامل حياتي مع الافراد و الاحداث.

في ضوء ذلك يصبح مفهوما ربما القبول بتنحية علي عن مكانه و الذهاب الى غيره ثلاث مرات على التوالي ولمدد كافية لخراب مشروع الرسالة، اذ لم تمضِ اسابيع حتى جرت عمليات قتل وضعت لها لافتة مخيفة اسمها الردة، ثم بعد ذلك بدأ الغزو القبلي تحت راية الاسلام بصيغته الحاكمة، ثم ترسخ مفهوم النشر العسكري حتى وصل شرقا و شمالا و جنوبا و غربا، و هي امور يفخر بها جهلاء الدين و التاريخ، وشكلت ارتدادات اجتماعية و فكرية و مكاسب مالية على حساب امم اخرى.

وسط هذه المشاريع جامل كتبة التاريخ ليظهروا عليا رفيقا مجيبا للسؤال ممدوحا من الاخرين، فيما الامر على حقيقته ليس اكثر من تجميل لابعاد الرجل و تركه مصحوبا بعدم رضا اجتماعي عن ماضيه الذي يتعلق بسيفه.

لكن الحدثين اللذين سيرسمان منعطفا خطيرا كانا مقتل عمر بسبب توسعاته الجغرافية و عثمان بسبب اعتماده على اقاربه و رفعهم على رقاب الناس.

في تلك الفترة القاسية كان على علي ان يضرب موعدا قريبا من نهاية مأساوية، اذ انه سيكون عليه اعادة هيكلة ما لا يمكن هيكلته، فقد استحكم التفكير القبلي و امتزج بسلطة دين لا يشبه حقيقة دين محمد، و فهم اسلام محمد بصعوبة يومها الا على الذين لم يبدوا قناعاتهم، لكن تلك القلة اكثرها قد تقدم به العمر، و اصغرها كان على موعد هو الاخر مع تصفية حساب قديم و ازالة من الوجود.

في الاسلام الذي صار حكومة وفي غيره من اي حكومة، هناك دوما ما يشبه الوادي الزمني و الحدثي المغيب، محسوب لكنها مضلل او مغطى عليه، فأن تم اكتشاف شيء منه فهو اشبه بأكتشاف الاثار.

هذا الكلام بد نحتاجه لاحقا في تتبع لا ما حصل من تفاصيل المقتل، فالحسين سواء كان شابا ام شيخا، يحمل سيف ابيه ام سيفه، قال ما قال لزينب ام لم يقل، فالنتيجة انه انتهى مقتولا، قتلته حكومة بينها و بين اخيه الذي حكمها مدة عشر سنوات و عشرين عن ابيه و خمسين عن جده، سواء قتله مرتزقة غير عرب، ام مسلمون عرب، بالنتيجة الدولة قتلت الحسين.

السؤال الاهم، عن الثورة،

لم يثبت ان عليا كان له تنظيم او جماعة، لا ايام ما قبل الخلافة او خلالها، فهو قبل الخلافة و بعدها ظل يحتفظ بعلاقات واضحة مع محيطه بين محب و مبغض، و كان مسموع الكلمة من الطبقة الفقيرة و من اغلب الانصار، له جمهور يسمع عنه في العراق و مجاميع اجتماعية تعرفه في اليمن التي عمل فيها فترة وجيزة، لكن عليا و الحسن بعده، لم يشرعا و لم يكونا ممن يميل لفكرة السرية و تشكيل التنظيمات، لا طبيعتهما الفكرية ميالة لذلك، و لا الفكرة موجودة في الجزيرة، بل حتى الدعوة السرية المحمدية كانت كتومة لكنها ليست تنظيما سريا، فالاديان الوليدة لا تقدم نفسها بأعلان للجمهور مباشرة، اذ لابد لها من تجمع يتدراس بعد القناعة كيفية التحرك و اسبابه و اعلان القناعة بالجديد.

وقع اغتيال علي من مجموعة صغيرة، وقع في داخل مناطق نفوذه، مقتل علي تبنته جماعة الشراة وهم الخوارج، نعم الشراة هم اول تنظيم عقائدي و اطولهم عمرا، ويرى قسم من كتاب التاريخ ان نواة تشكيلهم و قسم من تصوراتهم الفكرية المبكرة تعود الى اواخر ايام النبي، لكنهم لم يعلنوا وجودهم الرسمي الا بعد صفين.

اقول: ان فكرة و مشروع تأسيس حكم اسلامي بعد النبي كان دافعا مباشرا لنشوء فكرة الحكم الذي يبتلع الدين، وقد جرى الابتلاع التدريجي في حادثة السقيفة، اذ اختتم مجموعة من الصحابة فصل النبوة ليكتبوا الفصل الثاني بأجتهاد مستعجل، مستعجل منشغل بالتجمعات القبلية و قيادتها، وترك الرسالة في المكان الذي انتهت فيه معتبرين ان الرسالة و صحبتهم لصاحب الرسالة يكفيها من خدماتهم التي تمتد لقسم منهم من دار الارقم الى قبر محمد بغرفته، وان الرسالة الان هي الخلافة.

صار معاوية خليفة- ترك الحسن حكم مناطق كانت تابع سلطة ابيه، كانت التركة ثقيلة ليس على الحسن، بل على ابيه قبله، تركة فيها دم على يد الحاكم الاول ابي بكر، و توسعات جغرافيا عمر و امتدادات اقصى لعثمان، وهي اعمال دولة غزو، اذ ان القصة من اولها مبنية على تصورات للدين خاطئة، لكن الاقدار سارت لعلي ليكون حاكما بعد ان اخذ القضاء حياة عثمان مقتولا بداره بعد حصار سبقه انتفاضات تنبه لها عثمان متأخرا.

لم اجد في المصادر الا قلة كتاب يوجهون نقدا لابي بكر و عمر و عثمان، فقد وضعت خطوط حماية لهم بحجة الصحبة و المصاهرة، و قسم من هذه المقاييس لم تشفع لعلي وولديه!.

فأن يك عليا قد صار خليفة، فأن معاوية الذي لم يكن خليفة بعد، امضى عشرين سنة على ولاية كبيرة، وعلي ان كان معروفا في المدينة و اهلها، فعلي في الشام غير معروف، بل ربما جرى الحديث عنه بالمكروه، لكن عليا في المدينة صديق للانصار و قليل من بواقي المهاجرين، لكنه مكروه من قسم من نساء النبي، وقسم من اهليهن.

المفارفة ان عليا يسحب محبته و كرهه على محبيه، فلن تجد محبا لعلي يكره عمار بن ياسر و لن تجد كارها لعمار يحب عليا، فثمة مجموعة صنفت تاريخيا لاحقا على انهم انصار علي، صاروا محبوبين مع حبه او مكروهين بكرهه.

وقد نزل الامر و امتد للحسن و الحسين.

تعرض الحسن لنكسة عسكرية مبكرة لما فهم الكثيرون ان الامر لن يستقيم للحسن، الحسن كان شاهدا ذكيا على طببعة تبدل المجتمع و نقاط ضعفه، ولذا ترك الحسن الحكم لتشخيصه الدقيق لمسار الامور التي انتجتها حروب للدفاع عن الشرعية لم تنجح، وهذا الامر لا يختص به لا العرب فقط و لا المجتمع الاسلامي مع التحفظ من كلمة اسلامي فثمة فرق بين الاسلام حسب الرسالة و الاسلام الذي كان بعد محمد.

لئن كان النبي محمد اضطر للهجرة من مكة، فقد اضطر علي لترك المدينة من اجل اعادة الشرعية، ثم اضطر الحسين لهجرة جديدة، هذه المرة هجرته تشبه هجرة ابيه في شيء و تختلف في شيء، لكنهما هجرتان بسبب اضطراب مجتمع دولة ابن عم علي و جد الحسين، فلئن طارد القرشيون محمد في نظامهم القبلي و محمد فرد بصحبة افراد، فقد اضظر علي لاحقا لترك وطنه الثاني نحو الكوفة التي لم يرجع منها ابدا، ثم كرر الحسين الخطوة لكنه لم يبلغها بل وصلها رأسه و اسرى اهل بيته، اما الاختلاف بين الهجرتين، فعلي كان قد صار حاكما، وخرج لتدارك امرين صارا حربين و ثلاثة، اما الحسين فلم يخرج حاكما، بل خرج ليحرك الناس نحو ثورة تكاد تشبه من حيث بعض ملامحها ثورة اطاحت بعثمان.

قد يكون للحسين بضعة عيون تترصد الدولة الاموية، لكن الاكيد ان الدولة كانت تترصده منذ ايام معاوية، ذلك ان للحسين قيمة اعتبارية مفروضة له حتى عند كارهي جده و ابيه، فهو قبل كل شيء ابن مجتمع الهجرة، ولم يسجل عليه حتى من الد كارهيه ما يعيب الرجل او يطعن في ايمانه.

هذا بحد ذاته و برأيي الشخصي اهم من قصة القرابة مع النبي، اذ ليست القرابة حصنا من الوقوع المتعمد بما يوجب النار او العار، فعمار ليس قريبا بالدم للنبي و لا بالرحم، لكنه بمكانة رفيعة لايمانه و ثباته، و ابو لهب عم للنبي لكنه في النار بنص قرآني ذكره و زوجه تحديدا.

ان تخيل وجود تنظيم تحضيري لثورة الحسين احتمال وارد لكنه ضعيف لاسباب تتعلق بخشية شعبية من السلطة الاموية التي تعاملت مع انصار علي و الحسن بقسرية و تنكيل اضافة لعدم وجود حام لهم في حال انكشافهم، كذلك سيكون لمثل هذا التنظيم تكاليف مالية، و امكانية اختراق، لكن المقبول ان يكون قسم من محبي علي يزورون الحسين علانية حتى اذا ماتم نقل حديث مجالسهم فلن تشكل خطورة على الحسين و زائريه.

المدينة- الكوفة- دمشق- مكة- بغداد- سامراء

كانت الاولى عاصمة محمد و الثلاثة خلفاء الاُول، و فترة قصيرة لعلي، ثم صارت الكوفة، ثم استقرت الخلافة بدمشق مع فترة قصير لمكة في خلافة عبدالله بن الزبير ثم بغداد لبيت العباس بعد مرورهم بالهاشمية و ايضا سامراء.

ولئن كان الاسلام هو غطاء الدولة التي تطورت و تراجعت و اندثرت لاحقا، فأن الخلافة التي كان يبدأ صاحبها بخطبة الزهد فيها صارت ملكا يسعى اليه بالتوريث و المكر و الاغتيال و العزل.

ويبدو ان البيت الحاكم بدمشق كان يستعد لمد بقائه كما اي سلطة، فدرس الشخصيات التي تقلقه بخاصة صاحبة السوابق برأيه، فلا عبدالله بن الزبير بخطورة الحسين، و لا عبدالله بن عمر بدر منه القلق، لكن الحسين  لم يكن لدمشق مريحا، هذا مع معرفة ان ليس كل جمهور الخلافة مع يزيد مثلما لم يكن كله معاوية، وان كان معاوية متحكما بأنفعالاته و ممن امتد به العمر و سبق قبلا فعرف كثيرا من الصحابة و استمالهم وهو ايضا معدود منهم فليست الصحبة بما يصوره تكييف السلطة انهم منزهون، فليس الامر مشابها مع يزيد، فهو شاب كبر ببيت ولاية مستمرة، دمشقي العيش وان كان اصله مكيا، جرى العمل على اعداده للحكم، فيه مزاجية الشاعر، و ترف الحرير، و قسوة المشايخ، و لست اعتقد انه محب لبيت طالما تردد فيه مدح قتلى ضربهم علي، ولا تخفف من ناره المتوارثة توددات عبدالله بن جعفر و لا عبدالله بن عباس، وكلا الرجلين عاشا ترفا و كرما من معاوية و ضمنا دمهما و كثيرا من الكرامة، و كلاهما يعلمان سر تقريبهما و تقربهما بنفسيهما لدمشق، فالاول ابن لجعفر الطيار، وهو ايضا ابن ابن عم النبي والثاني ابن ابن عم للنبي، اما الحسين فهو ابن بنت النبي، و هو ثاني ولد علي، واحد عساكر اليه في الجمل و صفين، وهو لا يقبل بالتقريب و لا هو يتقرب، وكان ابوه قد اتعب معاوية، وسار اخوه بعد ذلك للحرب لولا غدرة من غدرات كثيرة كانت احداهن لعبيدالله بن العباس، لكان للتاريخ تبدل، وعلى ذلك او شيء منه، ومعه فالحسين في سن مقبولة، و له اولاد، فأن صمت اليوم فقد يتحرك غدا، او يتحرك ولد من ولده، فهو اخر الذكور من بطن فاطمة، ويحمل لقبا لا تنازع عليه و لا انكار، سيد شباب اهل الجنة.

تخيل لو انك خصم بمواصفات يزيد ماذا كنت ستفعل بخصمك الحسين، تذكر انك في الحكم، وان لك تاريخ عداوة مع بيت هاشم.

في البيت الهاشمي لم تكن الامور مع تبدلات الوقت على افضل حالاتها، فمحمد بن علي والمعروف بأبن الحنفية لم يكن ميالا جدا لاخيه غير الشقيق، وليس وحده بل ان عمر بن علي مثل محمد، والغريب ان والدة عمر حضرت يوم الطف و تغيب ابنها، ولعله رأى- وذلك قراره ان الذهاب مع الحسين سيكون بلا فائدة، وكان عمر يومها قد جاوز الاربعين ويقال انه اكبر من اخيه محمد و عموما هما ليسا شقيقين.

محمد هذا كان له ولد احس بالمرض يوم مر على علي بن عبدالله بن عباس، فكشف له خارطة تنظيمات كان يعدها بالخفية للانقلاب على البيت الاموي، واما عمر فتضارب الانباء على وفاته و تشكيل اسمه فقيل انه عمرو و قيل انه مات و قيل بل مقتول مع مصعب و ثمة خلط بينه و بين عبيدالله بن علي، لكن شقيقا له هو العباس الاصغر كان من قتلى الطف.

من البيت الهاشمي كان عبدالله بن عباس قد عاد للمدينة و يتنقل بينها و مكة، ويبدو ان الايام قد سمحت له بالاعتذار من بيت علي بعد ان سرق على ايام علي اموال البصرة و هرب لمكة بحماية اخواله، و عبدالله هذا هو اكثر ابناء العباس حضورا و صلفا و دهاء، وهو صاحب مكانة عند عمر و عند علي لفترة ثم عند معاوية و هو مفاوض جيد، وكان احد القاسين على زوج النبي بعد الجمل، وهو كذلك يمثل ابيه مكانة، مكانة مصطنعة بسبب كونه عما للنبي، والا فالعباس عم النبي شخصية نفعية.

ثمة قرابات تطورت وهي كثيرة لبيت علي مع باقي بيوت قريش، منها قرابة مع الزبير، فأمه هي عمة علي، وابو طالب هو خال الزبير، وقد سبق ان تحول الزبير في العلاقة مع علي من القرب الى الابتعاد قليلا بعد ثرائه و صديقه طلحة، ثم الى الزعل لما يأس و قد كبر و تعود الراحة من منحه حكما على احد اقاليم دولة علي، ويومها اقنعه الجو السائد بالخروج مع من خرج ومنهم اخت طليقته اسماء ام المؤمنين عائشة، و صار لاحقا ان لما عاتبه علي او ربما لانه خلال لقاء علي ابتعد عن تأثيرات ابنه عبدالله، الذي طلبت اليه خالته ان يؤم اباه و طلحة وهو ابن عم لها في صلاة الجيش الذي جاء يطلب ثار عثمان وقد تم تموينه من طبقة اثرياء عثمان و بعض منهوبات بيوتات المال.

و قد تفير الزمن و غيره الناس، فصار ان تكررت لقاء عبدالله بن الزبير بالحسين، فكلاهما بالمدينة، وان كان الحسين هو حفيد محمد من امه، فعبدالله هو حفيد ابو بكر من امه، وعبدالله اكبر من الحسين بسنوات قليلة، وثمة رواية خطرة لو صحت تقول بأن عثمان اوحى او اوصى لعبدالله بالخلافة، لكن لا شهود على ذلك، اذ برزت الحكاية و لم يتناولها الامويون، ولا المنطق يقول بهذا، خاصة ان عثمان مع لينه الظاهر لكنه لايخل من دهاء و قسوة على اخرين و معهم، وبعض الزبيريين اشاعوا وصية عثمان له بالخلافة خلال تواجد عبدالله ببيت عثمان دفاعا عنه، ويقال انه اصيب بجرح يوم الدار، ومع ذلك فقد اخذت سيوف المهاجمين عثمان بسرعة و كان قد جاوز الثمانين، ويبدو انه استفزهم بقول غير ذي قيمة دينية بحته لكنه مهم لفهم تفكير الحاكم: لن اخلع ثوبا البسينه الله، هذا جوابه لما رفض العزل، فكان ان عزلوه عن الحياة.

من يومها و عبدالله بن الزبير يجتهد و يقاتل و يؤسر و يسالم، حتى استفرد لفترة بالحجاز وهي احدى مغانمه من مقتل الحسين، وخدمته ملائكة الموت اذ قبضت يزيد و بعد عام مروان بن الحكم، لكنه انتهى مصلوبا بقرار الحجاج صاحب حملة عبدالملك على الزبيريين.

في كربلاء بالعراق، يرقد الحسين، و معه وبالقرب منه و الى الكوفة، تستقر اجساد لمن تم قتلهم قبله في واقعة لن يتخيل احد ثقلها و بشاعتها الا من شهدها و ظل حيا من مجموعة الحسين، وربما كانت واجبا عسكريا اقرب للفتك بالنسبة للذين كانوا ضده، وقسم ممن كان ضده لم يكن غريبا عنه فقسم منهم كانوا قد شاهدوه قبل سنوات لما كانوا يومها بجيش ابيه، وهذا لا يعني ابدا انهم عسكريون بالمعنى المعاصر او انهم عقائديون مؤمنون بعلي، فمنهم من لم يتمكن من الذهاب للشام ليكون مع معاوية، او لم تقبله الخوارج، انهم ببساطة لا يحسنون الا حمل السيف، وهم قبل هذا و خلاله، وبعده، عشائريون ومعلوم ان تشكيلات الجيوش العربية في تاريخها القديم كانت قبائلية الاحتياطي، وعليه فلا سُبة على قائد جيش ايا كان ان كان فيه من جاء يقاتل لان صنعته هي القتال، واما العقيدة السليمة فحبل بين التقي و من معه، ان اخذوا بها و عملوا بمقتضاها فلهم الاجر و الثواب، اقول هذا حتى لا يفهم نفر ما ان متزعمي تنفيذ قتل الحسين و من معه هم عساكر او قادة قبل ذلك في جيش ابيه.

لم يلبث قتلة الحسين طويلا بعده، و ايا كان مرابحهم و مرابح البيت الاموي، الا ان بعضا من افراد ذلك البيت احسوا بفداحة الفعل ليس حبا ربما بالقتيل بل لسمعة طاردتهم بسبب التجروء عليه.

لم تتمكن قوى السلطة التي طوت صفحة الحسين من تمزيقها لا من تاريخهم و لا تاريخ معارضيهم.

وايا كان رأي اصحاب العقول من القبول او الرفض، فالحسين يزار و يتقرب به، ولم اجد مادحا لقتلته الا لسبب غير مشرف.

لكن السؤال يبقى بقاء الحسين

ماهي ثورته؟

الرسالة.. الاصلاح.

اعلان الحسين بنفسه انه خارج، يعني رفضه لمسار الدولة التي تدعي انها ذات مضمون اسلامي، وتكملة قوله: للاصلاح في امة جدي، تحمل معنيين مترابطين، الامة هنا هي الناس، كل من هو تحت سلطة دولة قامت بحجة دين الله الذي كان محمد بلّغه للناس و اشهدهم عليه شهادة جمع من حضر في حجة وداعه. الناس على اختلاف السنتهم و اعراقهم و طبقاتهم، فليس الاصلاح حصرا بمتسبب الفساد بل بالساكت عنه او الجاهل بتعرضه للحيف.

لم ينتظر الحسين معجزة تزيل فساد السلطة و تحرك اصحاب الحقوق، بل عمل بالاسباب و الوسائل، ولكن الاصلاح احيانا يكون اصعب من الرسالة الالهية حتى وان قامت الرسالة على التصديق بالغيب، وتلك صعوبة يتم تجاوزها بعقل له القدرة على التساؤول عن البديل المعبود المجسد، ومثل هذه العقول قليلة، اذ انها لو كانت هي الاغلبية لسهل امر الرسالة و لقل الفساد او شح.

لكن الاصلاح صعب لتشابك الاغلبية الجاهلة مع نظام رموزه اعلنت اسلامها ثم وصلت السلطة عبر قريبها القديم عثمان.

لا يمكن فهم ثورة الحسين بصيغ نمط الثورات التي سمعنا عنها، فهذا الفهم يعود بالضرر على حقيقة ثورته و الاعداد لها، فأن اخذنا مفهمونا القاصر عن الانقلابات التي غايتها الحكم بحجج الاصلاح، سنجد ان ثورة الحسين على هذا القياس محكومة بالقمع و النهاية مع اول خطواتها.

ولئن صح ما ينسب للحسين من كتاب بعثه ان الخارج معه مقتول، فهمنا ان الحسين لم يمد خطوطا تنظيمية لانصار حركته، بل اراد التحرك واضعا اسوأ الاحتمالات امامه ليضرب البيت الاموي، بمواجهة علنية تبدأ بأعلان الموقف بالكلام و التذكير، و تنتهي بالقتل بدل ان يتم قتله صامتا او جالسا بداره.

هنا لن يعود مهما حجم ما قيل انه الوف كانوا ينتظرونه لنصرته، فبهم و بغيرهم، بوجودهم و عدمه، تم قتل الحسين، والثورة بدأت ساعة افصح للعلن انه لن يقبل بيزيد و ما يمثله اختيار يزيد للاحكم و استمرار احتكار السلطة التي سرقت دولة جرى افسادها ووضع اسس افسادها مستقبلا ثم ضحى لاصلاحها علي و الحسن بعد ان قامت بحجة دين جده، ولذا فالعدد القليل هو مصداق لقلة عدد المؤمنين لا بدين محمد فقط بل بالتضحية لاصلاح الامة، اصلاح الحاكم و المحكوم.


مشاهدات 54
الكاتب شامل بردان
أضيف 2025/09/26 - 5:33 PM
آخر تحديث 2025/09/27 - 4:02 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 112 الشهر 19349 الكلي 12037222
الوقت الآن
السبت 2025/9/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير