الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البطاقة الوطنية.. من وثيقة تعريفية إلى حصان طروادة

بواسطة azzaman

البطاقة الوطنية.. من وثيقة تعريفية إلى حصان طروادة

عبدالرزاق البهادلي

 

 # مقدمة:

منذ تأسيسها، اعتُبرت البطاقة الوطنية الموحّدة في العراق رمزاً لوحدة الهوية وضماناً لحقوق المواطن. غير أنّ ما تكشّف مؤخراً حول تسلّل عناصر متطرفة أو مشبوهة للحصول على هذه الوثائق، عبر شبكات فساد أو تلاعب سياسي، يحوّلها من وثيقة تعريفية إلى "حصان طروادة" يهدد الدولة من الداخل.

# الهوية المهددة:

الهوية ليست مجرد اسم وصورة ورقم، بل هي انتماء وولاء للوطن. حين تُمنح البطاقة لمن لا يؤمن بالعراق وطناً جامعاً، أو لمن ارتكب جرائم بحق شعبه، تصبح الوثيقة سلاحاً يُستخدم ضد الدولة بدل أن يحميها. الخطر يتضاعف حين يجري تمرير هذه البطاقات في مناطق كانت مسرحاً للإرهاب أو مسرحاً لصراعات نفوذ، مما يعيد إنتاج الماضي بوجه جديد.

# البعد السياسي والديمغرافي:

وراء هذا الخرق، يطلّ شبح "إعادة التوزيع السكاني غير المباشر"، حيث يمكن أن يُستغلّ منح البطاقات لخلق واقع سكاني جديد يخدم مشاريع انتخابية أو جغرافية أو حتى انفصالية. فالتحكم بمن يمنح الهوية، يعني التحكم بخريطة الناخبين والمقيمين في مناطق حساسة، وهذا باب واسع للتلاعب السياسي على حساب وحدة البلاد.

# الإرهاب بوجه مدني:

الأخطر أن يحصل الإرهابي، أو من يرتبط به، على بطاقة وطنية رسمية تخوّله المرور عبر الحواجز، دخول المؤسسات والمنشات والدوائر الحكومية والاسواق والمولات وغيرها ، وحتى التسجيل في الجامعات والوظائف الحكومية وفي القطاع الخاص دون أي شبهة. بهذا الشكل، يتحول الإرهاب من تهديد مسلح ظاهر إلى غزو ناعم متخفي، أشد فتكاً من أي معركة عسكرية.

# من المستفيد؟

قوى داخلية تبحث عن مكاسب انتخابية عبر تضخيم قواعدها.

شبكات فساد ترى في بيع الوثائق فرصة ذهبية للإثراء.

جهات خارجية تستثمر في تمزيق المجتمع وإضعاف ثقة المواطن بدولته.

# العواقب الوخيمة:

1. فقدان الثقة بين المواطن والدولة.

2. عودة الخلايا الإرهابية بغطاء شرعي.

3. احتمالية تغييرات ديمغرافية في مناطق حساسة.

4. تمهيد لمشاريع تقسيم وتفكيك العراق.

# ما المطلوب؟

إعادة تدقيق شامل للبطاقات الصادرة من المراكز المشبوهة.

تجميد عمل الدوائر التي يثبت تورطها لحين التحقيق.

محاسبة علنية للمسؤولين المتورطين، مهما كانت مواقعهم.

إشراك المواطن في حماية هويته عبر التبليغ عن الغرباء والمشبوهين.

# خاتمة:

البطاقة الوطنية التي كان يُفترض أن تكون جدار الحماية الأول لهوية العراق، قد تتحول إلى بوابة اختراق إذا لم تتم مواجهة هذه المؤامرة بحزم. الهوية ليست للبيع، ومن يفرّط بها إنما يفرّط بوجود العراق نفسه.

26 اب 2025


مشاهدات 164
الكاتب عبدالرزاق البهادلي
أضيف 2025/08/27 - 3:12 PM
آخر تحديث 2025/08/28 - 7:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 197 الشهر 20060 الكلي 11415146
الوقت الآن
الخميس 2025/8/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير