الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأرباح قبل الأرواح

بواسطة azzaman

الأرباح قبل الأرواح

ابتهال العربي

 

في دول الغرب، يتولى المناصب رجال حقيقيون، يبنون ويعمرون، ويخدمون المواطن. ولذلك تعتمد الدول المتقدمة التي تضع أرواح مواطنيها في مقدمة أولوياتها إجراءات السلامة الصارمة في المراكز التجارية، لتفادي الخسائر البشرية والمالية.. أما في العراق، تُمنح المناصب لمن يحترفون الفساد والنصب، يسرقون ويهدمون، وعند وقوع المصيبة بالاستقالة يتهرّبون .

إن حريق الكوت كشف عن مأساة بعنوان (أرواح الناس أرخص من أي سلعة في السوق)، وكما هو واضح للجميع، فإن أرواح العراقيين وحقوقهم آخر همّ المسؤولين، لأننا باختصار تركنا الفساد فساد، كما إن الحريق لم يكن مجرد حادث محزن أو خبر عابر في شريط الأخبار، بل كان جرس إنذار مدوياً يذكّرنا بثقافة الإهمال المُعدية في نظام الإدارة، فبينما كان الدخان الأسود يلتهم المنتجات، كانت الحقيقة تظهر بوضوح: وجود مولات لا تملك حتى طفايات حريق صالحة للاستخدام، بالمقابل، إذا دخلت إلى مول عالمي تابع لوكالة تجارية كبرى مثل كارفور ستلاحظ أول ما تراه:

مخارج الطوارئ موزعة ومدروسة

إشارات إرشادية واضحة بكل اللغات

أنظمة رش أوتوماتيكية تتساقط خلال ثوانٍ

موظفون يخضعون لدورات إلزامية في إدارة الأزمات والإنقاذ والإخلاء، كما أن قوانين السلامة الأوروبية لا تمنح الترخيص لأي مركز تجاري قبل التأكد من مطابقته لأكثر من 30 معياراً أمنياً تشمل نوعية الأرضيات، التهوية، المخارج، المولدات، الأسلاك، وأجهزة الإطفاء، وذلك ليس ترفاً هندسياً بقدر ما هو قيمة أخلاقية تحترم حياة الإنسان.

إن حريق الكوت لم يدمر البضائع فقط، بل عرّى غياب الأمان في تخطيط مشاريعنا التجارية والاستهانة بأرواح البشر، ولذا فإن أخطر أنواع الحرائق تلك التي تحرق ضمائرنا ورحمتنا دون أن نحاول إخمادها .

 

 

 


مشاهدات 73
الكاتب ابتهال العربي
أضيف 2025/07/26 - 1:35 AM
آخر تحديث 2025/07/27 - 3:29 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 122 الشهر 17764 الكلي 11171376
الوقت الآن
الأحد 2025/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير