الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رسالة رمزية إلى من يعنيهم الأمر

بواسطة azzaman

رسالة رمزية إلى من يعنيهم الأمر

فؤاد مطر

 

إذا جاز التوصيف مقروناً بالتفسير معطوفيْن على دور الطرَف الدولي- الإقليمي الذي يرعى ويمول ويسلِّح ويأمر ويُنهي، فإن الخطوة الرمزية المتمثلة بإقدام ثلاثين من مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” يوم الجمعة 11. 7. 2025 على إحراق إسلحتهم الذين لم يشْقوا في الحصول عليها ودفْع أثمانها وإنما جاءتهم من صاحب مشروع سياسي رحب وإرفاق التسليح بما يستوجبه الإنفاق الشخصي والأُسري، هي رسالة رمزية أو مجرد لفتة إنتباه إلى أطراف إقليمية ينطبق عليها ما يقوم به منذ ثلاثة عقود من الزمن الحزب الكردستاني. وهذه الأطراف بالذات “حركة حماس” وشريكات لها في العمليات التي تقوم بها ضد إسرائيل المعتدية وإخواننا في النصف الحوثي من اليمن و”حزب الله” وأطياف حزبية لبنانية تحلِّق في فضائه منذ ثلاثة عقود.

واللافت أن خطوة الإحراق الكردستانية تزامنت مع سعي عربي – إقليمي لإقناع “حماس” بإعتماد النهج الحزبي السياسي نضالاً ومع نُصح صدر عن المبعوث الأميركي إلى لبنان توم برَاك مُزكى سعيه من الرئيس ترمب، ومضمون هذا النصح أن يتحول “حزب الله” إلى حزب سياسي بإعتبار هذا التحول يؤدي بطبيعة الحال إلى تسليم ما لديه من أنواع السلاح الخفيف والصاروخي إلى الجيش اللبناني إنسجاماً مع قرار الرئاستين (الجمهورية والحكومة) الإلتزام بتحقيق مبدئية حصر السلاح، والذي يعطي التشجيع له أن الرئاستين بالذات وفي إطلالات محلية وزيارات إلى دول شقيقة تؤكدان على الإلتزام بتلك الحصرية التي يؤخر حسْم أمرها أن إسرائيل نتنياهو تريد بقاء الحالة مع “حزب الله” مستمرة إلى أن تصل الأمور مع موضوع غزة إلى خواتيمها وفْق مبدأ لا هازم ولا مهزوم.

وما يراه المبعوث الأميركي يأخذ في الإعتبار إستناداً إلى الملف الذي لدى المختصمين في الإدارة الأميركية حول الأطراف العربية التي تحلق في الفضاء الثوري – المذهبي الإيراني، أن بداية “حزب الله” كانت سياسية أي بما معناه ليس حزباً مسلحاً ثم جاء تسليحه لاحقاً مع إنتقال إيران الخمينية من الحرب مع العراق إلى البدء بترتيب أوراقها في ضوء نتائج الحرب التي لم تخرج منها منتصرة. وتحضْرنا تأكيداً لذلك عبارة الإمام الخميني إن الإيقاف الإضطراري للمواجهة مع عراق صدَّام حسين هو “كمن يتجرع السم”. وبعد وفاة الخميني بدأت عملية إنشاء الأذرع سلاحاً وتعبئة ثورية ومذهبية في أكثر من بلد عربي حيث الحضور الشيعي لافت ومن شأن تسليح الطائفة أن يشكِّل ورقة من عدة أوراق ذات شأن في إعادة ترميم الشأن الإيراني. وإلى ذلك فإن بداية الزرع ﻟ “حزب الله” كانت من خلال الحضور الحيوي للسيد موسى الصدر في لبنان مع فارق أن هذا الحضور أخذ في الإعتبار الصيغة الطوائفية التي عليها لبنان وتمثلت في خُطب وتصريحات له بدأها بعبارة “السلاح زينة الرجال” عندما حط رحاله في لبنان وإستعان ﺑ “فتْح العرفاتية” لتدريب شبان من الشيعة في بلدات جنوبية وبقاعية، لكن بعد أحداث 1975 وجد أن الصيغة الطوائفية للبنان تتطلب منه إعادة نظر خصوصاً بعدما بات لبنان الذي إنقسم جيشه ثلاثة جيوش ودخلت سوريا حافظ الأسد على حلبة المتدخلين في الشأن اللبناني مما جعل حديث التقسيم يتقدم على الوحدة الوطنية. ونجده في بداية السنة الثانية ﻟ الإحتراب اللبناني – اللبناني المطعَّم فلسطينياً يقول في بيان حاسم “نريد لبنان واحداً عربياً عصرياً لا لبنانات ولا إسرائيليات. ونريد أمناً كاملاً لا سلاحاً ولا مسلحين ولا ميليشيات بل حرساً وطنياً...”. وفي شأن هذه النظرة الصدرية ماضياً التذكير بها راهناً وإعتبارها واجب الأخذ بها من جانب “حزب الله” وإلى كثير من التبصر من جانب العرب الذين يحلِّقون في فضائه. ولعل في ما قاله الرئيس جوزف عون ﻟ “الشرق الأوسط” (المقابلة التي أجراها زميلنا رئيس التحرير غسان شربل) “بصراحة تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه وأصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة إقتصادية وسياسية، وتعب من تجارب السياسيين ومسؤوليه وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا”.

وما قاله الرئيس اللبناني جوزف عون ينسجم مع رؤية موسى الصدر الذي ما زال مغيَّباً في نظر حركة “أمل” التي أنشأها ويتولى زعامتها رئيس البرلمان اللبناني (القصد من “مغيَّب” هو عدم التسليم برواية إتهام ليبيا القذَّافية بتصفيته خلال زيارة قام بها إلى العاصمة الليبية محادثاً خلالها معمَّر القذَّافي).

مرشح للرئاسة

ويبقى إستكمالاً لما أوردناه التذكير بوعد قطعه دونالد ترمب المرشح للرئاسة وينتظر العالم وبالذات العالم العربي أن يفي بوعده بعدما حقق الفوز المبهر. جاء الوعد في مقابلة مع فضائية “العربية” بثتها الأحد 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وورد فيها قوله: “إن إسرائيل ردت على عملية 7 أكتوبر بقوة أكثر مما يتوقع ذلك وإن السلام سيعود إلى الشرق الأوسط عندما أعود إلى البيت الأبيض. كما إن الحرب في غزة ولبنان لم تكن لتندلع لو كنتُ رئيساً للولايات المتحدة. وإن العلاقات الأميركية – السعودية جيدة في الوقت الراهن. كانت رائعة أثناء فترة رئاستي وتُعد علاقات عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة. وسأعمل مع الأمير محمد بن سلمان من أجْل إعادة السلام إلى المنطقة...”.

الآن دقت ساعة إيفاء الوعد الذي يعزز الأخذ به أن الواعد بات صاحب القرار وليس مجرد واعد وأن ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إنتهج وما زال ما من شأنه التبصر بأمل جعْل السلام واجب الإنجاز.

فهل ستشرق الطمأنينة وتبدأ حقبة على الأرض السلام وفي الناس المسرَّة بإعلان الحل الذي لا حل سواه وهو أن تكون الدورة المنعقدة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد شهرين وبحضور على مستوى القمة دورة إعلان قادة دول العالم بمن في ذلك إسرائيل قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وبذلك يُصلي المسلم هانئاً في المسجد الأقصى ويتبرك المسيحي بالصلاة في كنيسة القيامة.. وتترسخ حقيقة أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وبالذات حق الوطن.

 

 

 


مشاهدات 71
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/07/20 - 2:47 PM
آخر تحديث 2025/07/21 - 3:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 529 الشهر 13701 الكلي 11167313
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير