الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قطع الكهرباء .. جريمة إنسانية لا تغتفر

بواسطة azzaman

قطع الكهرباء .. جريمة إنسانية لا تغتفر

علي إبراهـيم الدليمي

 

قصة ظريفة، ومضحكة فعلاً، رواها لي أحد الزملاء المغتربين، قبل أكثر عشرين عاماً تقريباً، حيث لم تنقطع عنهم الكهرباء، ولا (رمشة) عين، نهائياً.. إلا قبل فترة انقطعت بسبب خلل فني بسيط، لم يستمر أقل من ساعة واحدة فقط لا غيرها، وتم تصليحه والاعتذار من المواطنين، لكن أحدى جيرانه (العجوزة) جاءته خائفة، لتختبئ في منزله، لاعتقادها ان سبب هذا الانقطاع قد يكون وراءه عمل (إرهابي) جبان..!!.

هذا الموضوع قديم جداً، جداً، لكن واقع الحال المأساوي الذي نعيشه في العراق لم.. ولن يتغير، بل يتجدد يوماً بعد أخر، بسبب وجود الفساد والفاسدين في مفصل (الكهرباء)، هو جوهر المشكلة. نعم الفساد يعيق أي جهود حقيقية لتحسين الخدمات وتطوير البنية التحتية، لأن الأموال والموارد التي يجب أن تذهب لتحسين الكهرباء يتم هدرها أو تحويلها لمصالح شخصية. الذي يؤدي بالتالي إلى (إنشاء) مشاريع وهمية أو غير مكتملة، وفيها تخصص ميزانيات ضخمة لمشاريع لا يتم إنجازها على الوجه الأكمل أو لا تُنفذ بالأساس. مع عقود غير شفافة، وصفقات مشبوهة لشراء معدات رديئة بأسعار مبالغ فيها. وإهمال صيانة المحطات والشبكات الموجودة، مما يؤدي إلى أعطال متكررة، وخارج الخدمة. ناهيكم عن توظيف أشخاص وفق المحسوبية والواسطة، غير كفؤين في مناصب حساسة، مما يؤثر على جودة الإدارة والأداء.والنتيجة النهائية هي أن المواطن العراقي يعيش هذا الواقع المأساوي بشكل يومي ومتواصل، ويضطر للتعايش مع انقطاعات الكهرباء الطويلة، والاعتماد على المولدات الخاصة التي تزيد من الاعباءات المادية والبيئية. هذا الوضع يحرم العراق من إمكاناته الحقيقية ويعيق أي تقدم على الصعد الاقتصادية والاجتماعية.فانقطاع الكهرباء المستمر ليس مجرد إزعاج، بل هو تعطيل للحياة اليومية بكل تفاصيلها، ويؤثر على الاقتصاد، التعليم، الصحة، ورفاهية المواطنين بشكل عام. الشعور بأن هذا الوضع هو نتيجة لـ «إرهاب نفسي متواصل» وأن الحكومة «تقف مكتوفة الأيدي» هو شعور شائع ويعكس الإحباط العميق من غياب الحلول الفعالة والفساد المستشري الذي يُتهم بتبديد الأموال المخصصة لتحسين الخدمات.عندما أعدم الرئيس الروماني السابق (نيكولاي تشاوشيسكو) وزوجته، عام 1989، رمياً بالرصاص، بعد محاكمة عسكرية قصيرة، كان من ضمن (جرائمه) ضد الإنسانية، انه قد قطع الكهرباء، في يوماً ما عن منطقة نائية في أثناء حكمه لبضعة ساعات مما تسبب في أزعاجهم..!!. الشعور بالعجز أمام هذا الوضع، والتساؤل عن كيفية محاسبة المسؤولين عن «تدمير البلاد والعباد» هو سؤال مشروع ومؤلم. إنها دعوة للتفكير في المسؤولية الأخلاقية والوطنية تجاه الشعب الذي يعاني بصمت.

لا أدري، كيف سيحكم الشعب العراقي، (المسؤولين) الذين دمروا البلاد والعباد، على جرائمهم ضد الإنسانية وازعاج الناس، والتي ما تزال متواصلة لغاية، كتابة هذه الكلمات..؟!.(العجوز) التي لخصت موقف انقطاع الكهرباء عنها لمدة ساعة بـ (إرهاب) جبان، كيف إذن نحن نعيش منذ زمن الاحتلال المشؤوم عام 2003، وحتى هذه اللحظة، بدون كهرباء، وفي كل فصول السنة، ويدركون جيداً هو عمل الارهاب المتواصل، ويتقابلون معه وجهاً لوجه، والحكومة الرشيدة تقف «مكتوفة الايدي» أمام هذا المشهد المأساوي الرهيب، لا حس ولا نفس، مشغولة بكيفية توزيع الكراسي المتآكلة، وتقاسم (الكيكة) المسمومة.

 

 

 

 

 


مشاهدات 53
الكاتب علي إبراهـيم الدليمي
أضيف 2025/06/30 - 3:31 PM
آخر تحديث 2025/07/01 - 5:02 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 126 الشهر 126 الكلي 11153738
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير