العراق إنموذجاً.. الأنظمة الاوتوقراطية الانتخابية
محمد عبد الجبار الشبوط
في كتابها “Autocracy, Inc.” الصادر هذا العام تقدم آن أبلباوم تحليلاً عميقًا للأنظمة الأوتوقراطية الحديثة، موضحة كيف تطورت هذه الأنظمة من حكم فردي إلى شبكات معقدة تتعاون عبر الحدود للحفاظ على السلطة والثروة.
تسلط أبلباوم الضوء على ظاهرة “الأوتوقراطية الانتخابية”، حيث تُجرى الانتخابات بشكل دوري، لكن النتائج تكون محسومة مسبقًا بسبب سيطرة النخب الحاكمة على مفاصل الدولة. تُستخدم هذه الانتخابات كأداة لإضفاء الشرعية على الحكم، بينما تهمش المعارضة وتُقيَّد الحريات.
تبين المؤلفة ان الأنظمة الاستبدادية الحديثة لا تدار من قبل فرد واحد فقط، بل من خلال شبكات معقدة ومدروسة تعتمد على هياكل مالية ناهبة للمال العام (kleptocratic financial structures) وأجهزة أمنية متنوعة (عسكرية، شبه عسكرية، شرطية) و خبراء تكنولوجيا يديرون أنظمة مراقبة، ودعاية، وتضليل.
وتلاحظ المؤلفة ان هذه الشبكات متصلة ببعضها داخل نفس الدولة ومتداخلة أحيانًا مع شبكات في دول استبدادية أخرى، بل وحتى مع دول ديمقراطية.
يُصنَّف العراق ضمن الأنظمة الأوتوقراطية الانتخابية، حيث تُجرى الانتخابات بانتظام، لكن العملية السياسية تهيمن عليها النخب السياسية والطائفية. تُستخدم الانتخابات كوسيلة لإعادة توزيع او تدوير السلطة بين هذه النخب، دون تحقيق تغيير حقيقي في السياسات أو تحسين حياة المواطنين.
تُظهر أبلباوم أن الأنظمة الأوتوقراطية الحديثة تعتمد على شبكات معقدة تتعاون عبر الحدود، مما يجعل مواجهتها تحديًا عالميًا.
في العراق، تُستخدم الانتخابات كأداة لإضفاء الشرعية على حكم النخب، دون تحقيق ديمقراطية حقيقية. لذلك، فإن فهم هذه الديناميكيات ضروري لأي جهد يسعى لتعزيز الديمقراطية ومواجهة الاستبداد.