الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
روحانيات رمضانية مباركة

بواسطة azzaman

روحانيات رمضانية مباركة

قاسم المعمار

 

    نترقبه بكل شوق حيائي تسمو اليه النفوس والعقول والعيون هـو احد اركان ديننا الاسلامي العظيمة يؤديه المسلمون بمختلف مذاهبهم شكلاً ومضموناً وجوهراً واحداً هو الصيام طيلة هذا الشهر الكريم (رمضان) بعيداً عن مغريات واهواء الذات والحياة اطاعة وصبراً وايمانا... الذي انزل فيه القرآن المجيد هدى ورحمة للعالمين في ليلة (القدر) التي هي خير من الف شهر ... اجلالاً لهذا المنسك الكريم في كتابه المقدس.

انه امر شرعي واضح المعالم والوجوبية والشرطية الفقهية لأداء.وتغدو مجالس الوعظ والذكر والمناقب النبوية ومنابر الخطباء والارشاد مراتع خصبة للأستشراق والتقويم وكسب الخصال العظيمة المفيدة لقائد الامة الاسلامية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (صل الله عليه وسلم) رسول الإنسانية نبي الله العظيم وما حمله الدين الحنيف من سمات سامية في الدين للدنيا والآخرة ... (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين...) .

والله ما حملت انثى ولا وضعت

كمثل احمد من قاصي ولا داني

مهذب شرف الله الوجود به

وخصه بدلالات وبرهان

وما المأثرة العظيمة فى مقولة (صوموا تصحوا) ليس فقط بالمعنى الدليلي للصحة العامة واللياقة البدنية ، وأنما ذهبت أبعد من ذلك فهي الصحة النوعية في الرجاحة العقلية والاتزان الخلقي والعمل الجاد والقول النافع والصبر والفعل الصادق والتجارة الحسنة والانجاز الناجح .. فهي محمل الكثير من الصفات والسمات الجليلة التي تدل على التقويم الذاتي والعام اذ يكون الفرد منا لبنة سليمة عامرة لبناء المجتمع الأسري الصحيح.فالصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب والتطاول والنميمة والتجريح والاعتداء والكبرياء والتحايل والكذب وايذاء الآخرين واكل السحت الحرام ... بل هو محبة الله جل وعلا والناس اجمعين والتواضع والحمية في كل شيء .

وتموج دور العبادة بنفحات القرآن الكريم عبر مكبرات مآذنها واثير اعلامها المرئي والمسموع يملأ ويشنّف اسماعنا وقلوبنا بتلك الأصوات الرصينة لعذوبة تلاوتها من لدن شيوخ القراء امثال عبد الباسط عبد الصمد وابو العينين الشعشاعي والحاج محمود عبد الوهاب والحافظ خليل والحافظ مهدي وعلاء القيسي ومحمد سعيد القلقالي والحصري وعبد الزهرة العماري والضاري وآخرين طاب ذكرهم..

وذلك قبل فترة مدفع الافطار وآذان المغرب والدعاء .فيما تبتهل حلقات الذكر والمناقب النبوية وكانت سابقاً اشهرها بطانة الشيخ القاريء عبد الستار الطيار تحف بهم قلوب المعجبين حين انتهاء صلاة العشاء والتراويح في ظل روحية التصوف الايماني اللاهج بالمحبة والثناء والسجود للبارئ العظيم وما يتبعها من صلاة التهجد المتواصلة مع الدعاء .. (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاماً محمودا) وما اروع من المشاهد الرمضانية المباركة ابان فترة الخميسنيات والستينيات والسبعينيات وكيف كانت مناطق الفرات الاوسط تهب حضوراً لأمسيات محاضرات الشيخ الدكتور احمد الوائلي في مدينة (طويريج) طيلة ايام شهر رمضان المبارك في اسياف (علاوي) تاجر التمور الحاج رحيم الصدام العامرة سعة وضيافة للوافدين... وذلك استلهاماً وتبصراً تتضمنه هذه الامسيات التوجيهية ارشاداً وتوعية وسمو في الطرح والبحث والتحليل والاستنتاج والاقناع .. واجلالاً واحتراماً لما تحمله المدارس الفقهية والمذاهب الاسلامية كافة من الاجتهادات الدينية الرفيعة والدعوة الصريحة التي كان يحملها الشيخ الوائلي في التنقية من الشوائب والادران والأرهاصات والبدع والدخيل ذات الآثار السلبية على وحدة المسلمين ، وتأكيد احترام وقدسية اهل البيت النبوي الشريف والصحابة الاجلاء والأئمة الاطهار والمشايخ الكرام .وكانت هذه المحاضرات توهب الحاضرين المتنوع الثقافة والتعليم بالشيء الكثير والكبير من التبصر والمفهومية والتعمق بتاريخ مجد الأمة الاسلامية لأنسيابه وسهولة وقدرة هذه الشخصية الدينية الفذة في الايصال والاسترسال والقدرة الاستنباطية والحفظ والاتزان والتشويق حيث بزغ شعاعها الفقهي عربياً وعالمياً مما نال الخطوة المتقدمة لدى الجامعة الازهرية في مصر ..

البقية على الموقع الالكتروني

وهو يمثل العلمية الفقهية في النجف الاشرف..فقد كنا طيلة مرحلة الدراسة الابتدائية والمتوسطة شديدي الحضور اليومي لهذه المحاضرات الروحانية التي تمتد حتى منتصف الليل .. كان هذا الرجل الجليل يحط الارحال من النجف الاشرف الى هذه المدينة مساء كل يوم طيلة شهر رمضان الخير والمحبة.

اذن في هذا الشهر الكريم تحلو جلسات الأحبة والاحاديث الدينية والمناجات الصوفية في حكمة خليقة الخالق والبكائيات القلبية لصفائية العقل والروح وطمأنينتها وتكريس الوجد النفسي لغسل الادران وصد الشهوات والصوم عنها .. فجاء ديننا الحنيف محمولاً بطهر وزهدية وعظمة وعزة حامل رسالته رسول الانسانية الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) في سموه .. وهو القائل فيه شاعرنا البوصيري :

فاق النبيين في خلق وفي خُلق

ولم يدنوه في علم ولا كـــــرم

أكرم بخلق زلة خلق

بالحُسن مشتمل بالبشر متسم

فيما تتجلى صور الكرم والوفاء والشعور الذاتي بالمتعففين من لدن اصحاب الشأن والطيبة والمسؤولية الاجتماعية والدينية فتزهوا وتفتح اواوين وفضاءات ومضايف أئمتنا الاطهار في العتبات العلوية والحسينية والعباسية والكاظمية والعسكرية ومشايخنا الابرار ابو حنيفة النعمان وعبد القادر الكيلاني والشيخ معروف الكرخي ، وكافة مسجدنا وجوامعنا للبركات الربانية الوافرة لإطعام مسلميها وزائريها طيلة فترات الافطار لشهر رمضان المبارك حيث الواجبات للصائمين من المآكل والمشرب والرعاية الكريمة ، هذا اذا ما عرفنا حجم البيوت والمضايف الكريمة لعامة الناس في المدن والأرياف لأقامة ولائم الافطار وطلب الاجر بالخير واليمين والمباركة على جميع ابناء امة محمد (ص) وآله وصحبه أجمعين داعين المولى جل وعلا أن يحفظ هذا البلد الطيب بشيمه واصوله وابنائه وقدسية من احتضنت ثراه بالأجساد الطاهرة ، اذ يعد في صفوته الثاني بعد ارض بيت الله الحرام والكعبة الشريفة في نظر المسلمين مكانة وعزة ... والله حافظه من كل شر مستطير ..

 

 

 


مشاهدات 94
الكاتب قاسم المعمار
أضيف 2025/03/26 - 2:08 PM
آخر تحديث 2025/03/30 - 1:09 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 422 الشهر 18741 الكلي 10579690
الوقت الآن
الأحد 2025/3/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير