الإنسان قبل البنيان
حامد الزيادي
السلوك والتصرف الشخصي هو نتاج تفكير الشخص وقناعاته ويعتمد ذلك على مدى التاهيل الذي يمتلكه فكلما كان الشخص واعٍ ومدرك حجم التحدي أزاء كل تصرف وقادر على التعامل معه بكل موضوعية ومهنية سيكون حتما مواطن صالح ونافع للمجتمع وحتى يتحقق ذلك يحتاج الأمر مجهود كبير جدا من الطرفين لخلق بيئة صالحة للعيش بعيدة عن الفوضى والتخلف، ومن يراقب المجتمعات التي نجحت في تجاوز الفترات العصيبة من حياتها إنها حولت الفشل الى نجاح وشخصت العلل ووضعت لها العلاجات والتزمت بها بكل دقة وكفاءة حتى أصبحت مثال يحتذى به عندما أعتمدت بناء الإنسان الجديد الذي يستطيع مواكبة التطور والتميز الدائم، وما احوجنا نحن لهذه التجارب في بناء شخصية الإنسان واعداده وتأهيله بالشكل الذي نصنع منه إنسان ناجح في كل مفصل يشغله وكل محل يتواجد فيه ونخصص المال الكافي لرسم السياسات والخطط والبرامج عبر التنمية البشرية التي تعد البوابة الرئيسية لبرامج التنمية الاقتصادية والمالية والسياسية وغيرها، لكن ما نأسف له تم اتباع سياسة الإهمال المتعمد لخطط التنمية البشرية وترسيخ القواعد الأخلاقية الفاضلة على حساب باقي التنميات متجاهلين دورها المحوري والاساسي، فما نفع بناء المؤسسات الاقتصادية الكبرى والثراء الفاحش وتخصيص أموال للمشاريع العملاقة ونحن نفتقر للخبرات الوطنية مما يُهدد المؤسسات الخاصة والعامة للضرر والفشل لوجود الجهل واللامسؤولية للحفاظ عليها او التعامل معها بعلمية ومهنية، وما نراه من هدر وتهور وتبذير واهمال وفساد وافساد وانحراف وانجراف نحو الموبقات والمعاصي هو بسبب غياب المؤهل وبناء الشخصية القوية المنتجة التي نفتقر لها، وحتى نخرج من هذا المازق والنفق المغلق نحتاج لخطوات عملية عاجلة تعتمد في جوهرها الأساسي على تعزيز روح المواطنة والاحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين وكذلك الاستعانة بالخطط العملية والعلمية الحديثة عبر دورات منتظمة يشرف عليها كبار المختصين للتعامل مع الوقت والجهد وكيفية استثماره بالشكل الامثل كما ونؤكد على الدور المحوري للمدرسة ومدها بالامكانيات اللازمة لتاهيل الأجيال وغرس روح الوطنية ونبذ الطائفية والعنصرية واعتماد المعايير الدقيقة في توزيع المهام والمسؤليات وفق الكفاءة و النزاهة والمهنية فمقدار رقي الشعوب وتطورها ليس مرهون بمقدار الميزانيات الانفجارية أو الثروات الكبيرة بل بمدى الانضباط والاحترام للقانون والحفاظ على المال العام َومراعاة الذوق العام هنا فقط ننجح في بناء الإنسان الذي هو أهم واكبر ثروة وطنية لكل دولة.