زيلينسكي يقلب طاولة الدبلوماسية
نوزاد حسن
لا اشك في انه سيقال كلام كثير عن المؤتمر الصحفي الذي ضم الرئيس الامريكي ترامب بالاوكراني زيلينيسكي.ولا اعتقد ان احدا كان يتوقع ان يكون ذلك اللقاء على هذه الدرجة من التوتر.وفي النهاية غادر زيلينيسكي البيت الابيض دون توقيع اتفاقية المعادن التي كان من المفترض ان يوقعها الرئيس الاوكراني مقابل ضمانات بايقاف الحرب وانهاء حالة الصراع القائمة.
في الجو الصاخب الذي ذكرني ببرنامج الاتجاه المعاكس اوضح ترامب ان الدعم الامريكي هو ما جعل اوكرانيا على الرغم من اعتراف ترامب ببسالة الجنوج الاوكرانيين.هذه مجاملة واضحة.حاول ترامب ان يظهر ان اوكرانيا لم يعد لها احد.فبدون الولايات المتحدة ستخسر الكثير.من جهة اخرى كان زيلينسكي وحيدا لكنه جادل بعناد سقراطي رئيس اكبر دولة في العالم.
كيف لي ان افهم هذا الموقف الغريب الذي لم يعتد احد على رؤيته في البيت الابيض.في الغالب يظهر رئيسان يجلسان قرب مدفأة في انسجام وكأن كل مشاكل العالم ستحل بعد ذلك اللقاء الذي تنقله فضائيات وصحف العالم بدقة كبيرة.
في السابق كانت الصورة نمطية تماما.الرئيس الامريكي يتحدث ثم يتحدث الرئيس الضيف.في هذه المرة قلب حضور زيلينسكي طاولة النمطية في البيت الابيض.وهكذا شاهد العالم ما جرى.
قبل كل شيء لا بد ان نركز على نوعية الجدل بين الرجلين.ترامب تحدث بلغة لا يفهمها الرئيس الاوكراني.وعلى الرغم من قرب الرجلين الا انهما كانا بعيدين جدا.
منطق ترامب يرتبط بالارقام,اما منطق خصمه فيرتبط بكيان بلده كله.كيف يمكن ان يتفق رجلان يفكر احدهما بصفقة يجب ان توقع ورجل يفكر ببلد يواجه حربا منذ سنوات.
يمكن لي وصف ترامب بانه رجل المدفأة(هذا الوصف اطلق على ديكرت ايضا).فهذا الرئيس صادق جدا مع وعيه الذي يتدفق بلغة ارقام تشعر المشاهد وكأن امريكا ستفلس غدا.ما صدم الجميع هو انفجار ترامب بهذا الشكل.تدفق وعيه بكل تفاصيله امامنا فاذا به يتكون من 350 مليار دولار انفقتها امريكا على حرب اوكرانيا.ولا بد من اعادة هذا المبلغ.علنا يقال هذا الكلام,وكان الاولى ان يقال في جلسة خاصة لكن الوعي اذي امتلأ بمضمون يشبه لون العملة لن يكون سوى صورة للعملة نفسها.
ترى هل هذا الرقم دقيق ام انه غير دقيق؟