الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
يوم تعيس يخر من روزنامة الحائط

بواسطة azzaman

يوم تعيس يخر من روزنامة الحائط

علي السوداني

 

لم‭ ‬يكن‭ ‬يومي‭ ‬على‭ ‬تمام‭ ‬بوصلتي‭ ‬والريح‭ ‬التي‭ ‬تعبىء‭ ‬بطن‭ ‬شراع‭ ‬سفينتي‭. ‬سوء‭ ‬الحظ‭ ‬أتى‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬شاشة‭ ‬خاصة‭ ‬بعرض‭ ‬الأفلام‭ ‬الوثائقية‭ ‬المنشغلة‭ ‬بالجغرافيا‭ ‬والتأريخ‭ ‬واكتشاف‭ ‬الأنهر‭ ‬والجبال‭ ‬والكهوف‭ ‬والناس‭ ‬المنعزلة‭ ‬والعادات‭ ‬العجيبة‭ ‬والمقامرات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬المباغت‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬بطل‭ ‬الشريط‭ ‬وصاحبته‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بباب‭ ‬التمثيل‭ ‬الإحترافي‭ ‬الهوليودي‭ ‬الجميل‭ . ‬أحببت‭ ‬ربع‭ ‬الساعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الشريط‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬حدث‭ ‬شيء‭ ‬كدت‭ ‬معه‭ ‬أفرغ‭ ‬معدتي‭ ‬فوق‭ ‬بساط‭ ‬عصر‭ ‬بدا‭ ‬زاحفاً‭ ‬صوب‭ ‬غيابٍ‭ ‬مهيب‭ .‬

إقترح‭ ‬الفتى‭ ‬على‭ ‬صويحبته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬العجيبة‭ ‬تناول‭ ‬أكلة‭ ‬كان‭ ‬جربها‭ ‬بيوم‭ ‬حوصر‭ ‬فيه‭ ‬وثلة‭ ‬رفاق‭ ‬مجانين‭ ‬بكهف‭ ‬مظلم‭ ‬تنير‭ ‬بعض‭ ‬دقائقه‭ ‬زخات‭ ‬وومضات‭ ‬من‭ ‬البرق‭ ‬والرعد‭ ‬والمطر‭ ‬الشديد‭ ‬وعواء‭ ‬ذئاب‭ ‬وأشجار‭ ‬ضخمة‭ ‬تنود‭ ‬وترقص‭ ‬كأنها‭ ‬حفلة‭ ‬غيلان‭ ‬ووحوش‭ .‬

وافقت‭ ‬البنت‭ ‬فقام‭ ‬صاحبها‭ ‬بجلب‭ ‬علبة‭ ‬ألمنيوم‭ ‬وقدمها‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬ولما‭ ‬نظرت‭ ‬ببئرها‭ ‬فزت‭ ‬وعاطت‭ ‬وتعجبت‭ ‬واستنكرت‭ ‬وهالها‭ ‬منظر‭ ‬فأر‭ ‬صغير‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬فمه‭ ‬ملطخاً‭ ‬بدمٍ‭ ‬يابس‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬طولها‭ ‬وتشنجت‭ ‬حتى‭ ‬كاد‭ ‬ثدياها‭ ‬يهربان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أزرار‭ ‬القميص‭ !!‬‭ ‬

لكن‭ ‬الولد‭ ‬الأرعن‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬الأمر‭ ‬وطلب‭ ‬من‭ ‬الحلوة‭ ‬أن‭ ‬تختلي‭ ‬وراء‭ ‬شجرة‭ ‬كثيفة‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ ‬لتملأ‭ ‬الصفيحة‭ ‬ببولها‭ ‬،‭ ‬فضحكت‭ ‬وتمايلت‭ ‬ثم‭ ‬وافقت‭ ‬واستسلمت‭ ‬وشخّت‭ ‬حتى‭ ‬ملأت‭ ‬الوعاء‭ ‬ببول‭ ‬دافىء‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬جدال‭ .‬

كان‭ ‬المنقل‭ ‬قد‭ ‬تجمّر‭ ‬بباب‭ ‬الخيمة‭ ‬وحان‭ ‬وضع‭ ‬القدر‭ ‬على‭ ‬طقطقة‭ ‬الجمر‭ ‬ورماد‭ ‬الحماقة‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬سوى‭ ‬حفنة‭ ‬دقائق‭ ‬حتى‭ ‬نضجت‭ ‬الطبخة‭ ‬الحقيرة‭ .‬

قالت‭ ‬له‭ ‬إبدأ‭ ‬أنت‭ ‬فشرع‭ ‬في‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬جسم‭ ‬الفأر‭ ‬المسكين‭ ‬وازدردها‭ ‬معلناً‭ ‬عن‭ ‬تقزيز‭ ‬عظيم‭ ‬وبداية‭ ‬تستحق‭ ‬التضحية‭ . ‬بعدها‭ ‬فعلت‭ ‬الفتاة‭ ‬الممثلة‭ ‬نفس‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬وأخبرته‭ ‬بأن‭ ‬طعم‭ ‬هذا‭ ‬الحساء‭ ‬طيب‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تظن‭ ‬وتبطن‭ !!‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬أتحامق‭ ‬وأحطم‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬،‭ ‬ظهر‭ ‬الكائنان‭ ‬المنفران‭ ‬بمشهد‭ ‬منفصل‭ ‬وهما‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬البهجة‭ ‬وقالا‭ ‬بصوت‭ ‬ملتبس‭ ‬بعضه‭ ‬ببعضه‭ ‬،‭ ‬إنّ‭ ‬حياة‭ ‬الغابة‭ ‬والرغبة‭ ‬بالكشف‭ ‬تستحق‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬الصعبة‭ !!‬

هل‭ ‬كان‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أسرد‭ ‬عليكم‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬وأنتم‭ ‬تدلفون‭ ‬إلى‭ ‬العشرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬؟‭!‬


مشاهدات 98
الكاتب علي السوداني
أضيف 2025/03/11 - 1:02 PM
آخر تحديث 2025/03/12 - 3:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 125 الشهر 5943 الكلي 10566892
الوقت الآن
الأربعاء 2025/3/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير