الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العلاقات الأمريكية الأوربية بين التحالف التقليدي والتحديات المعاصرة

بواسطة azzaman

العلاقات الأمريكية الأوربية بين التحالف التقليدي والتحديات المعاصرة

محمد علي الحيدري

 

تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا في المرحلة الحالية توترا ملحوظا يعكس تغيرات عميقة في ميزان المصالح والرؤى الاستراتيجية بين الجانبين. هذا التوتر ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتباينات برزت خلال السنوات الماضية، حيث برزت قضايا الأمن والهجرة والتجارة كمحاور خلافية جوهرية.يرى المراقبون أنّ التباعد بين الحليفين التقليديين يأتي نتيجة عوامل عدة، أبرزها اختلاف المقاربات السياسية تجاه التحديات العالمية. ففي الوقت الذي تنظر فيه أوروبا إلى مسألة الأمن الجماعي من منظور تشاركي، تبدي الإدارة الأمريكية أحيانا نزعة أحادية، كما حدث خلال فترات سابقة عندما تم فرض رسوم جمركية على واردات أوروبية.المستشار الألماني أولاف شولتس عبّر بوضوح عن رفضه لانتقادات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، الذي انتقد بعض السياسات الأوروبية المتعلقة بمسألة الهجرة وحرية التعبير. وأكد شولتس أنّ “الديمقراطية في ألمانيا تستند إلى تجربة تاريخية راسخة تجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات الداخلية”، في إشارة إلى الجهود المبذولة لتحصين النظام السياسي من تغلغل الأحزاب اليمينية المتطرفة.وتبرز الهجرة كإحدى أبرز النقاط الخلافية بين الطرفين. ففي حين تبدي الدول الأوروبية حذرا شديدا إزاء تدفق المهاجرين، ترى الولايات المتحدة أنّ التعامل مع هذه القضية يجب أن يكون أكثر مرونة، خاصة في ظل الأزمات الإنسانية المتزايدة. ويرى الباحث السياسي مايكل هيرش أنّ “ملف الهجرة أصبح اختبارا حقيقيا للتضامن الأوروبي-الأمريكي، حيث تختلف المقاربات رغم وحدة الأهداف المعلنة”.

إلى جانب ذلك، تظل قضية الأمن والدفاع الجماعي إحدى المسائل الاستراتيجية التي تعكس عمق الجدل في العلاقات عبر الأطلسي. فمنذ انتهاء الحرب الباردة، اعتمدت أوروبا إلى حد كبير على المظلة الأمنية الأمريكية، إلا أنّ المتغيرات الدولية الأخيرة دفعت بعض الدول، كألمانيا وفرنسا، إلى المطالبة بتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية. المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أشارت في تصريح سابق إلى أنّ “الوقت قد حان لتدرك أوروبا أنّ مصيرها يجب أن يكون بيدها، دون إغفال أهمية التحالف مع الولايات المتحدة”.ولا يمكن فصل الجانب السياسي عن الاقتصادي في هذه العلاقات، إذ تظل الولايات المتحدة شريكا تجاريا أساسيا للاتحاد الأوروبي، والعكس صحيح. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة خلافات حادة حول الرسوم الجمركية والدعم الحكومي لبعض القطاعات الصناعية. ويرى الباحث الاقتصادي الألماني توماس برينكمان أنّ “التحديات الاقتصادية المشتركة، كالتضخم والركود، تتطلب تنسيقا أكبر، لا سجالات إعلامية تزيد من حدة التوترات”.ورغم التوترات الأخيرة، تظل المصالح الاستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة وأوروبا أكبر من الخلافات الظرفية. فالعلاقات بين الطرفين قائمة على إرث طويل من التعاون والتفاهم، خاصة في القضايا المتعلقة بالأمن الدولي والاقتصاد العالمي. ويبقى التحدي الأكبر في قدرة الطرفين على إدارة الخلافات بحكمة، من خلال حوار بناء يحافظ على وحدة الصف الغربي في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة.


مشاهدات 370
الكاتب محمد علي الحيدري
أضيف 2025/02/23 - 3:41 PM
آخر تحديث 2025/02/27 - 12:23 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 323 الشهر 14906 الكلي 10460277
الوقت الآن
الخميس 2025/2/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير