كتاب يوثّق مرحلة من تاريخ العدسة
علي عيسى .. رؤية شاملة لمجهوداته الفوتوغرافية
بغداد – الزمان
فضلاً عن مجهوداته الابداعية في مجال الفوتوغراف، حظي المصور البارز علي عيسى على اشادات مهمة من كبار الاعلاميين والنقاد والادباء. وكان من محطات رحلته الممتدة نحو 40 عاماً او يزيد، صدور اكثر من كتاب عنه، انساناً و حامل عدسة حية وزاهداً، في الحياة والاضواء. وآخر ما اطل من اشادات بشأن مجهودات علي عيسى، كتاب جديد صدر حديثاً بعنوان (قناص اللحظات الابداعية الهاربة) لمؤلفه عبد العليم البناء الذي رافق علي عيسى في بدايات عمله في دائرة السينما والمسرح، خلال عقد الثمانيات من القرن الماضي، والى ذلك فأن البناء يكتب أو يلتقط هو الآخر، اكثر المشاهد والاضاءات صدقاً في رحلة المصور المولع بالفن والمسرح ونجومه وعلاماته على الخشبة وبين كواليسها. والكتاب الجديد الذي كتب مقدمته جبار جودي وصدر عن نقابة الفنانين العراقيين، يتألف من اربعة فصول فضلاً عن ملحق مكمل لنماذج من الصور المتنوعة. حمل الفصل الاول عنوان (علي عيسى والوثيقة البصرية) وتوقف عند تاريخ التصوير الفوتوغرافي والصورة الفوتوغرافية وتعريفها ومفهومها ومكوناتها ودورها واهدافها وأبعادها الجمالية والابداعية، باعتبارها اللغة البصرية الأفضل شكلا ومضموناً، مع التعريف بتجربة عيسى الإبداعية طوال نصف قرن والغوص في تفاصيل الصور التي إقتنصها، ليصبح عراب الصورة المسرحية في العراق، الذي لم يكتف بعطاءات وابداعات (الفرقة القومية – الوطنية للتمثيل) بل بادر من خلال عمله في دائرة السينما والمسرح الى توثيق إنتاجات الدائرة من الأفلام والفعاليات (الفرقة القومية – الوطنية للفنون الشعبية) والمهرجانات، فضلاً عن عديد الأعمال المسرحية للفرق الأهلية والأعمال التلفزيونية الدرامية، ناهيك عن إقامته أكثر من تسعين معرضاً شخصياً عن مجمل منجزه البصري الشامل في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية والفنون الشعبية.
فيما حمل الفصل الثاني عنوان (إضاءات على تجربة علي عيسى الفوتوغرافية) متضمناً مقالات كتبتها كوكبة من الكتاب والنقاد والفنانين والاعلاميين العراقيين الذين زاملوه عبر مقالات بعضها تمت كتابتها خصيصاً بطلب من المؤلف، وبعضها الآخر تم نشرها في الصحف والمجلات في مراحل زمنية مختلفة، وقدموا فيها قراءاتهم ورؤاهم ومؤشراتهم تجاه تجربة الفوتوغرافي علي عيسى إذ كانوا على تماس مباشر مع منجزه، وبعضهم من الفنانين الذين عايشهم وعايشوه أثناء خوضهم تجاربهم المسرحية، والبعض الآخر لنقاد وإعلاميين تعاون معهم عبر تزويدهم بنماذج من إبداعاته التي توشت بها موضوعاتهم في الأعمال العراقية والعربية ومختلف الفعاليات التي كان عيسى ينفرد بتصويرها وبجودة فنية عالية. أما الفصل الثالث الذي جاء عنوان (دراسات كاشفة لمنجز علي عيسى الفوتوغرافي) فقد شمل دراسات بحثية دقيقة وكاشفة، بقلم عدد من النقاد والباحثين الذين عالجوا الأبعاد الفكرية والجمالية والإبداعية لمنجز عيسى وتأشيرهم لمكامن القوة والإبداع في هذا المنجز، وسبق أن تم نشر بعضها في الصحف والمجلات.
أما الفصل الرابع فكان بعنوان (حوارات مع علي عيسى) وتضمن عدداً من الحوارات التي اجرتها مجموعة من الصحفين مع عيسى، وتم نشرها في الصحف والمجلات في أوقات متباينة، توقفوا فيها عند مراحل ومحطات مختلفة من مسيرة الفنان في فضاءات الفوتوغراف، وما تمخض عنها من مواقف وأحداث ودروس منذ بداياته، لاسيما مرافقته لكبار الشخصيات الفنية العربية والأجنبية من ممثلين وخرجين ومطربين، من الذين زاروا العراق وقدموا أعمالهم أو شاركوا أو عرض عليهم المشاركة في أعمال عراقية سينمائية أو مسرحية، وكذلك تلك الأعمال التي قدموها في المناسبات الوطنية وغيرها.
كما تضمن الكتاب ملحقاً لنماذج من الصور المتنوعة في السينما والمسرح والفنون الشعبية والدراما التلفزيونية وتلك التي توثق مراحل من مجهودات علي عيسى الشخصية.
واذا كانت ثمة كلمة في الختام، فأنها يتعين ان تشيد ليس بالمصور المبدع حسب، بل أيضاً بالمؤلف المجتهد البناء، الذي ظل مخلصاً لوظيفته الاعلامية وصادقاً في علاقاته مع الوسطين الفني والصحفي، والى كل من وظف وقتاً أو قلماً للتعريف بالصورة العيسية، التي لولاه لضاع رصيدها وتبعثرت ملامحها التي تشكل قوام المسرح والسينما والفنون العراقية.