رجال أم مثاباة؟ سعد البزاز أنموذجاً
جواد الحطاب
-1-
(المواقف)، وثائق شخصية بالغة الأهمية وخاصة للرجال الأعلام كل بمجال اختصاصه، وحاجتنا لتثبيتها مطلوبة، لأنها ربما ستكون يوما «مراجع» لفهم أصحابها باعتبارهم شهود عصورهم، ومن الفاعلين فيها، وما التعمق في مواقفهم التي تختصر حياة كاملة، ليس سوى إشاعة للقوة الأخلاقية، الملتزمة بالحس الإنساني وتقديمها مثالا لزمن استطاعوا فيه ترك بصماتهم (المميزة) نبلا وشجاعة.
-2-
أمثلة :
مرّة .. كتبت منشورا على صفحتي الشخصية وجهته الى الصديق (برهم صالح)، وصداقتي مع « كاكا برهم « صداقة تعاون إعلامي أيام كنت (مدير مكتب قناة العربية في العراق ولـ10 سنوات) وكان فخامته (ريس الجمهورية)، ولم يتأخر حين وصله منشوري، لأن المنشور كان يخص حياة مبدعين مصابين بالمرض الخبيث، وبـــــقلة الحيلة، وضيق ذات اليد، فسعى لإجراء رسمي.
إتصل بي في يومها «مشرق عباس» الذي كان في المكتب الاعلامي للسيد الرئيس وقتذاك، قال : الريس يسلم عليكم، ويكول شوفوا الحطاب ماذا يريد ؟
وكان ردي الشكر للمتابعة، وان ما أريده موجود في المناشدة.
.....
في النشرات الإخبارية ان السيد رئيس الجمهورية قد التقى رؤساء المنظمات الثقافية والصحفية، ودار....الخ
لكن الذي لم تنقله الأخبار، (وفي ضوئه وجّه لي الاستاذ ناجح المعموري رئيس اتحاد الأدباء كتاب شكر وتقدير وكان ممن حضر اللقاء) أن في الاجتماع قال لهم – الفخامة - وبالنص (وصلتني رسالة من صديق) وتذاكر معهم كيفية اسعاف هؤلاء الـ(مكاريد) الذين ذكرهم الحطاب.
ولأني أعرف (خلك) الحكومة، وحالة الأدباء التي تتردى يوما بعد يوم، نقلت وجهة رسالتي الى الإستثنائي (سعد البزاز)، ولم أنتظر، ولم ينتظر هو أيضا .
ففي اليوم نفسه اتصل بي مكتبه، لينقل لي رئيس تحرير جريدة الزمان بطعبتها العراقية، الدكتور «الباشط» احمد عبد المجيد خبر (الإستجابة) بصيغتها الإنسانية التي يجيدها تماما الدكتور البزاز.
وبدلا من ال100 دولار التي كنت أشحذها لتدبير «حبة دواء» واحدة من هذا السياسي او ذاك، انهالت آلاف الدولارات على من طالبتُ برعايتهم، وعيّن للمبدعين المرضى موعد أستلام في مقر الجريدة ، بهدوء ومن دون ضجيج.
فلم ترض شهامة «ابو الطيب» بان يصوّر المستلمين، (على جري العادة المتبعة هذه الأيام لمن يبيعون المواقف مقابل الشهرة او المال)، وإنما اكتفى بما رآه على وجوه أدبائنا المرضى من دفقة أمل، ودعاء خفي.
فالشهرة والمال.. لديه ، ومن جذور سلالته والوجاهة تسعى اليه، ولعلّ الأقرب الينا - كأدباء- جدّه (الملا حسن أفندي البزاز) الشاعر ذو القصائد العصماء الشهيرة بحبّ (محمد وآله وأصحابه) وديوانه الذي حققه الكبير (د. فاتح عبد السلام) نفد من المكتبات أو كاد، والسعي الآن الى طبعة جديدة ومرتبة، ولهذا لم أجد حرجا بمناشدته لأني، وطوال صداقة تمتد الى اربعين عاما، كنت أراه يسعى ليجعل حياة من تصله مناشداتهم معقولة وفيها شيئ من الأمان (بناء بيوت للفقراء، تخصيص رواتب للمحتاجين، رعاية طلبة الكليات المتفوقين بما يسند حالهم)، وهذه كلها مرصودة وتنقلها القنوات الفضائية، وموجودة على النت وموقع اليوتيوب.
-3-
قبل فترة قصيرة، صديقة صحفية معروفة، ولها بصمة خاصة في الصحافة، وفي ادارة مكاتب بعض السياسيين الاجلاف، كانت تتعالج باحدى مستشفيات عمان المتخصصة بالاورام الخبيثة، ونضبت مصادرها، فناشدتني بالبحث عن أهل الحميّة، فكتبت الى الراكض للخير والنجدة دائما، واذا بها بعد أقلّ من ساعة، ترسل لي رسالة على الواتساب( تباركت اخي جواد الآن جاءني من مكتب الاستاذ ابو الطيب «طارش» وبدلا من أن أحار بدفع اجور جلسة واحدة، دفع لي اجور جلسات شهر كامل) .
هذا هو صديقي النبيل الذي هاتفني صباح اليوم الباكر، فقط للسؤال والاطمئنان، واين اصبح الأولاد .. وماذا تفعل ، منشوراتك .. ودعوة للتواصل مع الزمان جريدة وناسا نبلاء .
دعاء من القلب ايها الباذخ .
دعاء من القلب ..
لقد غيّرت مكالمتك (مود) اليوم
ومؤكد سيمتد (المود) الى الأيام المقبلة.
فمن مثلك قلّة القلة في هذا الزمان .
وشكرا لأنك. ذات حدث سابق. أمرت بوضع «سبتايتل» في «الشرقية»، وفي موعد توقيت مهم ( الشاعر العراقي البارز جواد الحطاب يتبنى رعاية عدد من الأدباء العراقيين الذين يعانون من أمراض مزمنة، ويقود حملة وطنية لحماية المبدعين في العراق) .
شكرا من القلب
شكرا سعد البزاز