أولمبياد بكين الشتوي
إفتتاح الدورة الرابعة والعشرين على وقع كتابة الصين للتاريخ
بكين-(أ ف ب) - افتتحت الدورة الرابعة والعشرون من الألعاب الأولمبية الشتوية في العاصمة الصينية الجمعة، في حفل افتتاح ضخم في الاستاد الوطني، لتصبح معه بكين المدينة الأولى في العالم التي تنظّم دورتي ألعاب أولمبية صيفية 2008 وشتوية.وأعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، قائلاً باقتضاب "أعلن افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الرابعة والعشرين في بكين".وجرى حفل الافتتاح بحضور رؤساء دول عدة بينهم الروسي فلاديمير بوتين، وسط مقاطعة دبلوماسية خصوصاً من الولايات المتحدة وبريطانيا.وبعد العرض التقليدي للوفود المشاركة التي بلغ عددها 91 أعرب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ عن أمله في أن تنهي الروح الأولمبية الخلافات العديدة التي نشبت قبل انطلاق العرس الرياضي.وتوجه باخ للرياضيين قائلاً "خلال الأسبوعين المقبلين، ستتنافسون على أعظم المكافآت، بينما تعيشون معاً، في سلام، تحت سقف أولمبي واحد. لن يكون هناك أي تمييز من أي نوع".وانطلق الأولمبياد على وقع محاولات العملاق الصيني طيّ صفحة انتقادات تطاله بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ومخاوفه من تفشي فيروس كورونا. وكما حدث في 2008 احتضن الاستاد الوطني المذهل في بكين المعروف باسم "عش الطائر" حفل الافتتاح، لتكتب الصين التاريخ.وقبل 14 عاماً، صمم المخرج الصيني تشانغ ييمو عرضاً وطنياً ملوناً يحبس الأنفاس شارك في تقديمه 14 ألف فنان وراقص وبهلواني في ظل ألعاب نارية كثيفة ومؤثرات خاصة.وكما كان متوقعاً، قدّم المخرج نفسه عرضاً "مبتكراً" كما وعد مع الإقرار بأنه اضطر لأن يأخذ في الاعتبار درجات الحرارة في الشتاء (-6 درجة مئوية متوقعة) والتهديد الوبائي لتصميم حفله الذي يشارك فيه هذه المرة ثلاثة آلاف فنان معظمهم من المراهقين.
ندفة ثلجية
وعقب ذلك، أوقد المرجل الأولمبي الذي وضع في هيكل على شكل ندفة ثلجية رفعت فوق الاستاد، من قبل آخر رياضيَين حملا الشعلة هما تشاو جيامين ودينيغير ييلاموجيانغ. وخيّمت الجائحة على إقامة دورة الألعاب هذه، التي تأتي بعد نحو سبعة أشهر من الأولمبياد الصيفي في العاصمة اليابانية طوكيو الذي تأجّل عاماً بسبب كوفيد أيضاً وشهد إجراءات صحية صارمة. فالرياضيون سيوضعون في فقاعة صحية ويخضعون لفحوصات يومية. ولأن بكين تتبع استراتيجية "صفر كوفيد"، لا يُسمح لهم بأي اتصال مع السكان.وستمتلئ مدرجات مواقع المباريات جزئياً، لكن الحضور سيكونون من "الضيوف" الذين يجب عليهم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي.ومن بين حضور حفل الافتتاح الذي قررت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة مقاطعته للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في الصين، قادة من نحو عشرين دولة ومنظمة منهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ويوتين الذي التقى "صديقه العزيز شي".وفي إطار المقاطعة أيضاً، وعلى بعد آلاف الكيلومترات من بكين، في لوزان بسويسرا تحديداً، تظاهر نحو 500 من التبت الخميس أمام مقر اللجنة الأولمبية الدولية للتنديد بـ"ألعاب العار". وفي هونغ كونغ، اعتقل ناشط مؤيد للديموقراطية الجمعة بتهمة "التحريض على التخريب" قبل تظاهرة تم التخطيط لها ضد إقامة الأولمبياد.لكن التعبئة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان والأويغور بعيدة عن أن تجري على نطاق عالمي، خلافاً لما حدث في 2008.وتتعلق القضية الأخرى التي تثير جدلا بالتأثير البيئي لهذه الألعاب التي تجري في مناخ شبه جاف على منحدرات تغطيها ثلوج اصطناعية في منتجعات هائلة للتزلج أقيمت للمناسبة.ويأتي ذلك رغم تأكيد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ الخميس أنه "اليوم يمكننا أن نقول إن الصين بلد للرياضات الشتوية".ويفترض أن يتعامل الرياضيون الذين يبلغ عددهم حوالى 2900 ويتنافسون على 109 ألقاب أولمبية، مع ظروف جوية صعبة، على سبيل المثال في الجلسة التدريبية الثانية لمنحدر الرجال في يانكينغ ورياح عاتية ودرجات حرارة قطبية (بين -36 و-28 درجة في الجزء العلوي من المسار).
طموحات رياضية
ويركز معظم هؤلاء على طموحاتهم الرياضية وعلى مشاركة فريدة من نوعها في حياتهم المهنية في معظم الأحيان، لكن آخرين مثل البريطاني جوس كينورثي يتقبلون بصعوبة وجودهم في الصين.وقال "لا أعتقد أنه يجب السماح لدولة ما باستضافة الألعاب إذا كانت لديها سجلات مروعة في مجال حقوق الإنسان". أما سكان بكين الذين ينقصهم الحماس، فيشعرون بمزيج من نفاد الصبر والفخر. وقال المدرب الصيني شينغ إن "كل احتفال يمثل مفاجأة بالنسبة لنا". واضاف "أنتظر بفارغ الصبر لأرى ما خطط له تشانغ ييمو، ومن يدري، سيتمكن من تكرار حفله الأسطوري للعام 2008 . ورأى أن قرار عدم بيع تذاكر للمتفرجين صائب. وقال إن "الوباء كارثة للبشرية كلها علينا أن نقدم تضحيات صغيرة".