نحو بناء إقتصاد الإنتاج لا اقتصاد الإستهلاك
خليل ابراهيم العبيدي
منذ عقدين والحكومات المتعاقبة لم تكن تأخذ موضوعة الاقتصاد على محمل الجد ، ونتيجة لذلك تبنى الكثير من العراقيين فكرة أمية تلك الحكومات وجهلها بدور قوانين علم الاقتصاد في بناء الدول ، ومن تلك القوانين ، قانون حماية المنتوج الوطني التي حرصت عليه جميع الحكومات رغم اختلاف الأنظمة التي تعاقبت على هذا البلد منذ تأسيسه دولته عام 1921 . وتاريخيا كانت الحكومات ومنذ العهد الملكي تشجع على التوسع بالانتاج المحلي وكانت في مقدمة دول المنطقة في إنشاء المصارف المتخصصة ومنها المصرف الصناعي والمصرف الزراعي إلى جانب مصرف الرافدين التجاري الذي تم تأسيسه عام 1941، وتبع ذلك إنشاء المصرف العقاري عام 1948 ، ومصرف الرهون عام 1951، والمصرف التعاوني عام 1956 . وقد أسهمت هذه المصارف في حينها في التوسع الصناعي والزراعي والتعاوني وتقدم صناعة الحرف اليدوية ، اضافة الى تشجيع الزراعة التصديرية ، والتوجه نحو التسليف العقاري لمعالجة مسألة التوسع السكاني ، وكانت بالمقابل تفرض الرسوم الكمركية على البضائع المنافسة ، لذا فقد توسعت صناعة المنسوجات الصوفية والقطنية في معمل الوصي ومعمل مفتاح باشا على سبيل المثال لا الحصر وغيرها من مصانع صناعة الجوت والسجاد والسكاير والشخاط والزيوت النباتية ومساحيق الغسيل والصوابين وبعض المنتوجات الزجاجية ، وتوسعت صناعة الطابوق والكاشيي وكان العراق في مقدمة دول الشرق الأوسط المنتجة للسكر والاسمنت ، وتقدمت صناعة التمور وصناعة المشروبات الروحية اضافة الى تطور الصناعات اليدوية التقليدية . وغيرها الكثير من الصناعات المحلية .
أن اتباع سياسة الاعتماد على ايرادات النفط وتغطية الاستيراد المفتوح من خلال مزاد العملة دون تحديد هدف واضح لمعدلات الاستهلاك وربطه بحجم الاستيراد حتى وصل معدل هذا الاستيراد إلى 70 مليار دولار سنويا وهو يفوق بنسبة تكاد تصل إلى 45 بالمئة من الاحتياجات الفعلية للسلع والخدمات ، ويقع في ذلك الحاجات شبه الضرورية والكمالية وحاجات الرفاهية . وهذا يعني أن نسبة كبيرة من التحويلات تتجه نحو التهريب ، وهذا هو الجهالة بعينها ، وللتدليل على ذلك ، فإن الرسوم الكمركية المستحصلة سنويا والتي هي في المعدل وحسب الأهمية النسبية للسلع والبضائع المستوردة 15 بالمئة ، فإن الإيرادات السنوية المقدرة تفوق ال 10,5 مليار دولار سنويا ، أي ما يعادل 14 تريليون دينار ، والمستحصل عام 2034 لغاية شهر تموز كان 1،145 تريليون دينار ، حسب رئيس الهيئة العامة للجمارك ، وتقدر إيرادات العراق الإجمالية من الضرائب والرسوم والغرامات وغيرها من وسائل استحصال الدون الحكومية ب 45 تريليون دينار ، وهي لو تم تنفيذ القوانين بصرامة ومكافحة الفساد وتهريب الأموال ، أو غسيل قذارتها ، لكان العراق بعيدا اليوم كل البعد عن تذبذبات اسعار النفط الزئبقية جراء الصراعات الدولية أو نمو الإنتاج النفط الصيني أو قدوم ترامب والتوسع باستخراج النفوط الاحفوربة الأمريكية . أو التحول الجدي نحو الطاقة النظيفة .
أن الاقتصاد العراقي بحاجة إلى تجاوز العمى الاقتصادي والذهاب فورا إلى .
تحديد المصارف
1....الغاء مزاد العملة .
2....تصفير العملة .
3....جعل سعر الدينار الواحد بدولار واحد.
4...شراء البنك المركزي كل 1،250 دينار قديم بدينار واحد جديد .
5....العودة بجدية إلى فتح إجازات الاستيراد من قبل وزارة التجارة ، واعتماد سلم الأهمية النسبية لكل بضاعة مستوردة .
6...فتح الاعتماد من قبل البنك المركزي والمصارف الحكومية حصرا ، والعمل على تحديد المصارف الرصينة لتكون هي لوحدها المصارف المراسلة ، وان تكون السلع المستوردة لا تنافس السلع المحلية .
7...العمل بجدية على اعتماد الاستثمار الأجنبي لأن يكون باكورة تفعيل دور القطاع الخاص ورفع القيود والمعوقات البيروقراطية أو فساد الذمم عند التعاطي مع المستثمرين ، ومنع دخول المال العام شريكا في أي استثمار .
8....دراسة إعادة تفعيل مصانع القطاع العام وإعادة دراسة دور آلاف المصانع الأهلية المعطلة لأسباب كثيرة منها عجز الطاقة الكهربائية ، شحة الرأسمال الإنتاجي ، والتشجيع على استخدام المكنة الحديثة .
9...تخفيض سعر الفائدة على القروض الصناعية والزراعية واي قروض إنتاجية ، وزيادة مدة السماحات للاغراض الإنتاجية بما يضمن جودة الإنتاج ولتكون الاسعار تنافسية .
10....التوسع قدر الإمكان في التسهيلات الإدارية وفسح المجال أمام رؤوس الأموال الوطنية في عمليات الإنتاج ،
أية عوامل تراها الوزارات المعنية قادرة على النهوض بالاقتصاد الزراعي والصناعي ، وهذه ليست مسلمات طوبائية أنها مستخلصة من واقع عوامل الإنتاج التي مهما توسعت ستكون حافزا جديا لتقليل الاعتماد على واردات النفط التي بدأت أسعاره تتدنى شيئا فشيئا ، وان زادت هذه الأسعار فإنها ستكون وبالا على اقتصاد بلادنا لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع بالمقابل في أسعار المعروض السلعي العالمي الاستهلاكي أو الإنتاجي ، ولا خير في أمة تأكل ما لاتزرع ، واخيرا فلنغادر اقتصاد الفقاعة الذي يعتمد فيه السوق أساسا على واردات النفط --- الرواتب والأجور ، لأن مثل هذا السوق سوف ينهار عند أو انخفاض لأسعار الخام ، وهذا ما أثبتته الأيام والحريص تكفيه إشارة الإبهام .