الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أحمد يمزج التراث والمعاصرة بنصب بغداد الحضارة والسلام

بواسطة azzaman

أحمد يمزج التراث والمعاصرة بنصب بغداد الحضارة والسلام

حكايات من وادي الرافدين في 6 مسلات

بغداد - لمى الربيعي

في أرض الرافدين، التي تشتهر بتاريخها العريق وثقافتها الزاخرة، برز العديد من النحاتين الذين تركوا بصمات لا تُمحى في عالم الفن. كان من بين هؤلاء  التدريسي في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد إيهاب أحمد، ، الذي استطاع أن يمزج بين التراث العريق والتقنيات الحديثة ليخلق أعمالًا فنية تجاوزت الزمان والمكان. في نصب «بغداد الحضارة والسلام»، يعكس أحمد عبقريته وإبداعه في هذا العمل الفني الجديد الذي يقع ضمن مقتربات مجسر فائق حسن مجاور كلية الفنون الجميلة في بغداد. التقينا الفنان إيهاب وسألناه عن فكرة العمل وتفاصيله، فأجاب قائلاً:

«يمثل هذا العمل معنى مجازي للعاصمة بغداد، جسدتها في واجهة النصب كأنها امرأة سومرية شامخة كشموخ النخلة التي اندمجت معها في التشكيل، وقد فتحت ذراعيها للسلام تعلوها شمس مشرقة تمثل الأمل والحرية والفجر

سألته إن كانت الفكرة مستمدة من رموز الحضارة القديمة أم من إبداع مخيلته، فأجاب قائلاً: «قد كان تشكيل مركب من المخيلة، لقد استلهمت هذه الأيقونة لعمل فني معاصر يمثل المرأة العراقية مجازاً. فهي امرأة سومرية جذورها مياه رمز الحياة وقمتها سعف نخيل رمز للشموخ وعلى جانبيها جدائل مياه نهري دجلة والفرات

الوجه الآخر من النصب ضم مخطوطة بالخط الكوفي لأبيات شعرية لأمير الشعراء أحمد شوقي وهو يتغنى بالعاصمة بغداد:

دع عنك روما وأثينا وما حوتا

كل اليواقيت في بغداد والتؤم

دار الشرائع روما كلما ذكرت

دار السلام لها ألقت يد السلم

ما ضار عنها بياناً عند ملتام

ولا حكتها قضاء عند مختصم

يعتلي النصب قرص الشمس ومن تحته المياه، وهما يمثلان رمزين من رموز الحياة. سألته ماذا كنت تسميها حين التصميم، فأجابني: «سميتها بغداد الحضارة والسلام

سألته عن الموقع والوقت المستغرق لإنجاز العمل، فأجابني: «في أحد المقتربات من المجسر الذي تنفذه إحدى الشركات تم تكليفي لإنجاز عمل نحتي في هذا الموقع. كان العمل يشكل تحدياً استثنائياً بوجوب إنجازه خلال 20 يومًا. وكانت تلك الفترة ليست للنصب فقط ولكن لعمل آخر وهو المسلة

سألته كيف استطاع أن يضع التصميم في هذه المدة الوجيزة التي ربما لا تكفي للتنفيذ فقط؟

 فأجاب: «بغداد الحضارة والسلام لم يكن عملاً وليد اليوم، فهو من ضمن مخططات سنة 2011 وذلك ضمن مسابقة أعدت من وزارة الثقافة فقدمته نموذجًا للمشاركة. عند تكليفي بإقامة النصب رأيت بضرورة المشاركة بعمل مدروس متكامل وناضج، فوجدته مناسباً لهذا المكان

مداخل المجسر

ومن ضمن الأعمال في نفس المكان وبنفس المدة، أنجزت 6 مسلات، تمثل مشاهد من حضارتنا العريقة حضارة وادي الرافدين، وتم وضعها في مداخل المجسر. قلت له :مؤكد كل مسلة تسرد قصة معينة عن الحضارة، فكيف اخترت الحكاية وتشكيلها؟ فأجاب: «تمثل هذه المسلات مشاهد من حضارة وادي الرافدين وتحديداً حضارة أشور وبابل. كل مسلة تعتبر وثيقة حضارية من وادي الرافدين، كانت توثق إنجازات الملك في البناء والحروب وأحياناً تمثل شرائع كما في مسلة حمورابي. اخترت أن تكون نصباً نحتياً معاصراً يوثق بعض مشاهد الحضارة العراقية ورموزها وحياتها الاجتماعية لتكون شاهداً حضارياً لإنجازات بلد يمتد تاريخه لآلاف السنين

سألته عن أعمال أخرى في هذه الفترة، فأجابني:

 «نعم، مؤخراً وكلت لي مهمة تصميم جائزة مهرجان الهلال الذهبي فقد تم تكليفي من قبل الصحفي حيدر النعيمي مؤسس ومدير مهرجان الهلال الذهبي بتقديم نموذج للجائزة ودرع المهرجان. قمت في حينها بتصميم نموذج وتمت الموافقة عليه

سألته عن الفكرة المستوحاة لتصميم جائزة الهلال الذهبي

، فأجاب: «فكرة تصميم الجائزة تتمثل في تجسيد الشخص الناجح والفائز بهيئة مجردة وهو يرفع بيديه الهلال الذهبي. وقد تضمن التصميم رموزاً من حضارة وادي الرافدين منها جدائل المياه وسعف النخلة الآشورية والسنبلة، بوصفها دلالات تعزز الهوية الحضارية للبلد. أما الدرع فكان بنفس فكرة وتصميم الجائزة

كما قام الدكتور إيهاب مؤخرًا بإنجازات أخرى كصيانة عمل تمثال الأم للراحل النحات خالد الرحال في حديقة ساحة التحرير بتكليف من رئاسة الوزراء. ومن أعماله الأخرى: نصب الزعيم عبد الكريم قاسم في شبكة الإعلام العراقي، وهناك متحف في بناية نصب الشهيد يمثل أعمالاً لشهداء الشعب، ونصب للعالم الفيزيائي عبد الجبار عبد الله الذي أقيم في جامعة بغداد.

هناك أعمال أخرى متفرقة في بعض المؤسسات والكليات تمثل أعلام العراق. سألته إن كانت هناك مشاريع أخرى أو أفكار جديدة يود تجسيدها لاحقاً، فأجابني: «هناك العديد من الأعمال التي فزت بها في مسابقات أعدتها وزارة الثقافة ومنها تماثيل تخص أعلام العراق: العلامة طه باقر، عالم اللغة مصطفى جواد، والعالم الفيزيائي عبد الجبار عبد الله، والشهيدة الإعلامية أطوار بهجت. لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن لأسباب إدارية ومالية تخص الوزارة.» يبدو أن الطابع التجسيدي لمعظم أعمالك مستمد من حضارة العراق القديمة، هل تعتبره تخليداً لها أم امتداداً؟

فأجاب: «تخليداً لها وامتداداً لها في ذات الوقت، كوني ابن البلد وأحرص على تأكيد الهوية العراقية العريقة بحضارتها وإنجازاتها، لا سيما وأنا أدرس مادة الفن في حضارة وادي الرافدين في كلية الفنون الجميلة

سألته عن الرسالة التي تبعثها مشاريعه وتعبيرها في مجموعة أعماله التي تمزج بين التراث القديم والأفكار المعاصرة،

فأجابني قائلاً: «رسالتي التي وددت إيصالها للمجتمع العراقي، وهو الشعور بالإرث الحضاري للبلد، فحضارة وادي الرافدين حضارة عريقة تستحق الفخر


مشاهدات 165
أضيف 2024/12/15 - 5:52 PM
آخر تحديث 2024/12/17 - 3:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 328 الشهر 7219 الكلي 10063314
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/12/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير