ليلة الزلزال الكوري .. لا أستثناء بعد اليوم
عباس الجبوري
-في النصف الكوري الجنوبي ..هناك طراز حياة ..وإفطار بطعم خاص ..ولذة للحياة ..تحت مظلات ثلاث (شمسيات) هي..
( النظافة -الامن - الامانة)من شروق الشمس الى منتصف الليل حيث يرهق الزائر من وفرة الراحة..الى ان ينتهي الى سوق خاص بالملابس يفتح من منتصف الليل الى السابعة صباحاً..يرتاده السياح باعجاب بالغ ..
-هنا في سيؤول العاصمة التي تغتسل كل صباح..يقف على جانبي عربة( مطعم سريع) مدير بنك وعمال وسواح وضباط ليتناولوا فطورهم ..من عربة تضاهي مطاعم الدنيا بنظافتها ولونها ورائحتها الممزوجة بسحر يخطف الشارع والعابر والرصيف
-بلد يدور في فلك الغرب ويرعاه الاميركان لينافس النصف الكوري الشمالي الذي يدور في فلك الشرق السابق ولايزال.. هنا النصف الجنوبي كل شي مبرمج الكترونياً ..صناعات ودور سينما ومكاتب عمل وسياحة..أما هناك في النصف الشمالي فللصواريخ الحكاية الطويلة وللعسكرة نحافة ونظام وتقشف..
-في كل يوم يتوقع العالم ان يحدث في كوريا الشمالية حدثاً أو انقلاباً أو خرقاً عسكرياً او سياسياً.. أما اليوم وفي ليلة الثلاثاء وقع المحظور وغير المتوقع في كوريا الجنوبية..فالتفت العالم التفاتة كاملة ليرى ويسمع ما جرى هناك..
-الرئيس الكوري الموالي للغرب ..لايتمتع بقوة برلمانية وازنة..وانما اغلبية البرلمان بيد المعارضة ..والتي ليست على مايرام مع الرئيس وزوجته الغارقة بالرفاه..والتي يشبهها الكوريون بملكة فرنسا قديماً (ماري انطوانيت) المسرفة حد التبذير ..
-البرلمان يراقب زوجة الرئيس برادار كبير ودقيق ..وتم (تسريب) فيديو لزوجة الرئيس وهي تقبل وتستلم حقيبة من القس (ابراهام تشوي )..بقيمة ٢٢٢٥ دولار .. لتوثيق العلاقة مع كوريا الشمالية وسميت في حينها (فضيحة حقيبة ديور) ..ولقد دافع الرئيس عن زوجته كثيراً ولكن لم يقتنع بكلامه مجلس النواب والمعارضة..
٧-المعارضة في البرلمان لم توافق على أجزاء من الموازنة التي تخصص لمكتب الرئيس والانشطة البوليسية والادعاء وصندوق الاحتياط..مما اعتبرها الرئيس الكوري محاولة لخنقه والانقلاب عليه وتعطيل مجموعة من المشاريع ..
-في ليلة الثلاثاء أعلن الرئيس الكوري فجأة ومن دون سابق انذار (الاحكام العرفية) في البلاد وانزال الجيش الى الشوارع ومنع دخول مجلس النواب لان المجلس الجهة الوحيدة التي يمكنها رفض الاحكام العرفية ..وحدث تسابق والتفافات في الازقة والشوارع .. وتم رش قوات الامن بمواد الاطفاء من قبل موظفي مجلس النواب..حتى استطاع النواب تسلق البنايات القريبة من المجلس والدخول من النوافذ الى قاعة المجلس واخيرا تمكن ١٩٠ نائب من أصل ٣٠٠ من عقد جلسة للمجلس والتصويت بالاجماع على رفض الاحكام العرفية التي أعلنها الرئيس
-الاسباب التي ساقها الرئيس هي( وقف التمدد الشيوعي وتأثيراته.. وميزانية الدولة تتعرض للخطر…بينما المعارضة تعتبر الموضوع (مخالفة دستورية) تعرض البلاد لخطر الحرب الاهلية خصوصاً بعد ان امتلئت الشوارع بالناس الذين يخافون من الاحكام العرفيـــــة وتقليـــص حريـــاتهم ..
-بعد الغاء القرار من البرلمان وبعد القلق الذي أعلنه العالم الغربي والشرقي من الاحكام العرفية..وخوف اميركا من سقوط النموذج (الغربي) أمام النموذج الكوري الشمالي ..تراجع الرئيس عن قراره واستجاب لرأي البرلمان برفع الاحكام العرفية..
لكن المعارضة طالبت في اليوم الثاني بعزل الرئيس الناكث لليمين والخارق للدستور ..ولابد من اسقاطه..
-ومن خلف الجبال التي تحيط بالعاصمة..كانت تتدلى من السماء عناقيد النجوم ..وتسمع خرير سواقي قريبة لماء صافٍ..وانت من النافذة تتنفس هواءً يجري الى الرئتين بسرعة اللطف والسحر .. ولكنه لم يستطع تشتيت الانتباه عن (أخطر ليلة) مر بها النصف الكوري الجنوبي الذي يتباهى به الغرب من ستين عاماً.. كانت جرس انذار.. لزلزال بدرجة حمراء على مقياس الغرب ..بعد أن فقد مقياس ريختر القدرة على القراءة من شدة الزلزال وترقب الترددات ..
-بعد ليلة سيؤول الطويلة ..لم يعد أحد ينام (بعينين) الى الصباح.. ولم يعد هناك استثناء للزلازل والبراكين والمسيّرات والأشباح والاحلام ..التي لم تعد أضغاثاً ولا (كوابيس) ..ولا (حكايات وسوالف) لجلب النعاس الى عيون المتعبين ..
مجلس النواب العراقي