إنقلاب على إنقلاب
خليل ابراهيم العبيدي
في يوم تشريني بارد الموافق الثامن عشر منه عام 1963 زحف. الجيش قاطعا الشوارع في بغداد وبعض المدن العراقية متوجها نحو مقر المؤتمر القطري لحزب البعث ونحو المقر العام للحرس القومي وبعض المقرات الفرعية الأخرى مطيحا بقياداته ، مفرقا سراياه التي
تمددت طوال تسعة أشهر منذ الثامن من شباط نحو مسك مداخل المدن وبعض الشوارع مشكلة بذلك نقاط تفتيش على المارة وكان لها ايضا تفتيش الضباط والجنود عبر هذه النقاط ، وكانت قيادات الحرس القومي تمارس أبشع أنواع التعذيب بحق المعارضين لحكم البعث الشباطي وكانت تصطحب المواطنين الأبرياء عنوة الى مقرات الحرس ، وقد قاد الانقلاب المشير عبد السلام محمد عارف. بمساعدة اللواء رشيد مصلح واللواء ناجي طالب والعميد سعيد صليبي والعميد عبد الكريم فرحان والمقدم صبحي عبد الحميد الذي عين فيما بعد وزيرا للخارجية ، وقد كان للفريق عبد الرحمن عارف شقيق الرئيس الراحل عبد السلام عارف دوره الأهم في تنفيذ الانقلاب كونه رئيسا لأركان الجيش . ان ردة تشرين كما كان يسميها البعثيون ، أو ثورة الثامن عشر من تشرين كما كان يطلق عليها القوميون كانت نتيجة لتراجع دور الدولة أمام تقدم عبث حزب البعث بالسلطة وتحويلها إلى أداة حكم وفرض مبادئ الحزب التي جاء بها الأمين العام ميشل عفلق والتي كانت تتعارض مع توجهات القوميين العرب الذين تسلموا السلطة بعد هذا التاريخ ، والمعروف أن القوميين كانوا إلى جانب البعثيين في انقلاب 8 شباط على ثورة الرابع عشر من تموز ، وان تنصيب البعث للرئيس عارف كان بقصد استغلال سمعته القومية وقربه من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .
وان ردة تشرين كما كان يسميها البعث ، أو ثورة تشرين كما كان يطلق عليها القوميون ، كانت في حقيقة الأمر انتقام الجيش لكرامته من تعديات الحرس القومي ، وكانت نتاج الصراع بين الناصرية والبعث ، لذا فإنها لم تكن إلا انقلابا على الانقلاب الذي أطاح بحكومة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم .