الترجمة والحساسية الثقافية
معراج أحمد معراج الندوي
تلعب الترجمة دورًا حاسمًا في تشكيل الفهم للثقافات الأخرى، وهي أداة للتواصل والفهم المتبادل بين الشعوب، لكن عندما تصطدم هذه الأداة بالحساسيات الثقافية والصراعات القومية تتولد تحديات معقدة، كما هو الحال في ترجمة الأفلام الأمريكية في العالم العربي.
إن الترجمة تشكل عملية ثقافية مشحونة بالتوتر، نظرًا لتأثرها بالتحيزات الثقافية والأيديولوجية و تمثل أحد أبرز نقاط التماس والتلاقي بين الثقافات. وكان من المتوقع أن تظهرقنوات MBC حيادتيها في ترجمتها، خاصةً عند ترجمة مصطلحات مثل «Jewish» إلى “يهودي”، لضمان فهم الجمهور العربي للنصوص السينمائية بشكل دقيق.
تحمل المفردات أو المفاهيم خصوصية ثقافية يصعب نقلها إلى لغة أخرى لأن الكلمات تحمل في طياتها ثقل الثقافات والتاريخ، وعندما يتم ترجمتها، تصبح مرآة تعكس مدى تعقيد وتداخل البنى الثقافية والاجتماعية. ويتجلى هذا المعنى عندما تستخدم صفة اليهودي او كلمة اليهود في الفيلم فهي ذات دلالة ثقافية واجتماعية معينه وكان حري بالقناة الالتزام بالترجمة الحرفية ليستقيم المعنى وإلا لأصبحت الجملة بلا معنى كما هي ترجمة .MBC
وقد نشاهد هذه الظاهرة في الأفلام الأمريكية عند الإشارة إلى العرب أو القضايا الإسلامية؟ هل يتم إخفاء أو تجنب ذكر العرب أو المسلمين في الأفلام الأمريكية حفاظًا على مشاعرهم وحماية لهم من التشويه؟ فمثلاً عندما نشاهد فيلم «Long Kiss Goodnight» من عام 1996، نجد أن المشهد يظهر الخطة لتفجير مركز التجارة العالمي وقتل 4000 مدني وإلقاء اللوم على المسلمين.
ترجمة افلام
إن تحوير مصطلحات مثل “اليهود” في ترجمة الأفلام الأمريكية ظاهرة تعكس الحساسيات القومية والتاريخية العميقة في العقل العربي.
ويشكل هذا التحوير انعكاسًا للعداء المتواصل بين العرب واليهود نتيجة للصراع العربي الإسرائيلي. وبالتالي، تصبح الترجمة أداة ليست فقط لنقل المعاني، بل للتعبير عن موقف قومي وسياسي ويصبح الانحياز في الترجمة موضوعًا يتجاوز حدود اللغة إلى أعماق الهوية والانتماء، مما يطرح تساؤلات مهمة حول كيفية التعامل مع هذه التحديات بمهنية ونزاهة، وكيف يمكن للمترجم أن يلعب دورًا فعالاً في تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات في ظل هذه التعقيدات.هذا التحور في الترجمة يمكن أن يُعزى إلى مفهوم “الحساسية الثقافية” والهدف منه هو التقليل من الجدل أو الاستياء من خلال تجنب الكلمات التي قد تُعتبر حساسة أو مثيرة للجدل. وهذه الممارسات في ترجمة مصطلح اليهود هي أمثلة حية تبين أن الترجمة أصبحت عملية معقدة تتجاوز مجرد نقل الكلمات، لتصبح عملية تفاعلية تشتبك مع السياقات الثقافية والاجتماعية.
تمثل الترجمة حقلاً معقدًا حيث تتداخل اللغة مع الثقافة والسياسة والهوية القومية وفي العالم العربي، حيث يكشف تحوير مصطلحات مثل “اليهودي” في ترجمة الأفلام الأمريكية عن تحديات تتعلق بكيفية تقديم الآخر في ظل الصراعات القومية المستمرة. هذه الظاهرة قد تفتح الباب لنقاش عميق حول دور الترجمة في تشكيل الوعي الثقافي والقومي، كما تؤكد على أهمية دور الترجمة في المقاربة بين الحقيقة والحساسية الثقافية.