تداعيات الضربة الإسرائيلية لإيران.. فيلم أمريكي على وشك الإنتهاء
حسين الفلوجي
تخيل معي، عزيزي القارئ، أننا نشاهد فيلمًا أمريكيًا في ليلة غامضة تحت سماء ملبدة بالغيوم، وقد وصلنا الآن إلى الربع الأخير من هذا العمل الذي أذهل العالم بأحداثه المثيرة. تأتي الضربة الإسرائيلية المحدودة على إيران كمشهد حاسم، ليس مجرد حدث عابر في سجلات التاريخ، بل فصل درامي يكشف عن خبايا الصراع الإقليمي ودور القوى العظمى، وخصوصًا الولايات المتحدة، في تحريك خيوط اللعبة على مسرح الشرق الأوسط.
إسرائيل وإيران: صراع النفوذ والتوازنات السياسية
على خشبة المسرح الاقليمي، تتقدم إسرائيل وإيران بخطواتٍ واثقة، تتبادلان التهديدات والنظرات الحادة والكلمات المبطنة. التوتر المستمر بينهما يتحول إلى مواجهةٍ مباشرة، حيث تسعى كلٌ منهما لإثبات نفوذها وهيمنتها. الأحداث الأخيرة أكدت أن هاتين القوتين هما اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، قادرين على تحريك المياه الراكدة وإشعال النيران الكامنة. بينما تتوارى الأضواء عن بقية الدول وخصوصا العربية، ليبقى الجمهور مشدودًا إلى هذا الصراع المحتدم.
الدول العربية - جمهورٌ بلا تأثير
في الظل، تقف الدول العربية متفرقةً ومشتتة، تراقب المشهد مذهولة دون قدرةٍ على التأثير. «الفيلم الأمريكي» والمحبوك دراميا اظهرها ككياناتٍ مفككة، عاجزة عن صياغة موقف موحد او تقديم رؤيةٍ مشتركة. الخلافات البينية وتعميق الانقسامات جعلها مجرد متفرجين أو مروجين لأحداث الفيلم، دون أن يكون لها دورٌ حقيقي في تحديد مسار الأحداث. وكأنها فقدت صوتها في خضم ضجيج الصراعات الكبرى.
خلف الكواليس
الولايات المتحدة - كاتب السيناريو والمخرج الخفي
خلف الكواليس، تظهر الولايات المتحدة كمخرجٍ بارعٍ يحرك الدمى بخيوطٍ ناعمة غير مرئية. على مدار العام الماضي، لعبت دور الوسيط الظاهر بين عدوين لدودين، إسرائيل وإيران، لكنها في الواقع كانت تمسك بزمام الأمور، حيث توجه الأحداث وفقًا لمصالحها الاستراتيجية. السيناريو المُحكم الذي تم تنفيذه على أرض الواقع لم يكن سوى جزءٍ من مخططٍ أكبر لإعادة تشكيل توازنات القوى في المنطقة، بما يتناسب مع رؤيتها وأهدافها.
البحث عن بطلٍ جديد
في خضم هذه الأحداث المتسارعة، يتساءل المشاهدون: هل سيظهر بطلٌ جديدٌ يغير مجرى القصة؟ الدول العربية، برغم ضعفها الحالي، تمتلك الإمكانات لتغيير السيناريو إذا ما تمكنت من توحيد صفوفها وبناء مشروعٍ مشترك يستوعب التوجهات المختلفة ويحل الخلافات البينية. الوقت لم يفت بعد، لكن الساعة تدق بسرعة، والمشهد الختامي لم يُكتب بعد.
الخاتمة: خياران لا ثالث لهما
الشرق الأوسط يقف على مفترق طرقٍ حاسم. إما أن تستمر الدول العربية في دور المتفرج الصامت، تاركةً الآخرين يكتبون أدوارها وقصتها، أو أن تنتفض لتأخذ مكانها الطبيعي كلاعبٍ أساسيٍ في المنطقة. بذل الجهود المشتركة لفهم الديناميكيات الحقيقية للقوى الفاعلة والوعي بالمخاطر المحدقة هو السبيل الوحيد لصياغة سياساتٍ فعّالة واستعادة التأثير بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
نهايةٌ مفتوحة:
الفيلم الأمريكي لم ينتهِ بعد، والأحداث القادمة قد تحمل مفاجآتٍ لا تخطر على البال. الكرة الآن في ملعب الدول العربية، فإما أن تكتب فصلًا جديدًا يتسم بالقوة والوحدة، أو تستمر في دور الكومبارس في فيلمٍ يخرجه الآخرون.
سياسي مستقل