مشاهدت من إسطنبول (7)

سليمان القانوني من أكبر المساجد وأشهرها في تركيا

تحفة معمارية رائعة بهندستيها وبنائها الفريدين

رعد ابو كلل الطائي

يقع مسجد سليمان القانوني أو جامع السليمانية على التلة الثالثة من تلال إسطنبول السبعة في قلب مجمع السليمانية في إسطنبول الأوربية، ويعتبر أحد أكبر المساجد وأشهرها في تركيا وعلى مستوى العالم ويحمل أسم السلطان سليمان القانوني الذي أمر ببنائه وهو قريب من مضيق البسفور ويُعد من أهم المعالم السياحية في إسطنبول.

مكونات المسجد

يضم المسجد أربع مآذن ويرجع سبب ذلك إلى ترتيب السلطان سليمان القانوني فهو الرابع من بين سلاطين الدولة العثمانية بعد فتح إسطنبول، والمآذن الأربعة مرفقةً بعشر شرف تدل على ترتيب السلطان سليمان القانوني العاشر بين سلاطين الإمبراطورية العثمانية وقد أراد السلطان سليمان ان يبني مسجداً فخماُ فأوكل مهمة ذلك إلى أشهر مهندسي العمارة الإسلامية في إسطنبول المهندس سنان باشا المعماري، فشرع ببناء المسجد في عام 1550 م وتم الإنتهاء منه في عام 1557م وقال عنه المهندس سنان المعماري: إن هذا المسجد هو أعظم أنجازاتي، وشُيد المسجد الذي تبلغ مساحته سبعة وثلاثين دونماً وفقاً لنظام المجمعات المعمارية وهو مبنىً كبيراً تحيط من حوله مجموعة من الملحقات والمشيدات تضم حرم السلطان سليمان القانوني وأربع مدارس ومدرسة قرآنية ومستشفى وفندق وحمامات ومطعم خيري لتوزيع الطعام على الفقراء

ومحلات تجارية ومكتبة السليمانية ومقبرة وضريح المهندس المعماري سنان باشا كما تضم خانة للقوافل  (كروان سراي).

وشُيد المسجد الذي يصل طوله نحو 69 متراً وعرضه 63 متراً على نظام القبة الوسطى وتستند هذه القبة على أربعة اعمدة ضخمة وهي متمركزة قرب الجدران وهناك تناسق رائع وإبداعي بين مكونات هذا المكان وعناصره، ويقع المسجد وسط مساحات واسعة من المروج والأحراش الخضراء والتي أضفت على المكان جمالاً أخاذاً واكتمالاً مع مآذنه وقبابه في لوحة حلوة وجميلة تتناغم مع السماء الزرقاء.

جولة إلى المسجد

شدني الفضول للأطلاع على المسجد وزيارته وإلقاء الضوء على هذه التحفة المعمارية العثمانية الرائعة بهندستيها وبنائها الفريدة ولكونه لا يبعد كثيراً عن مكان إقامتي قصدته ماشياً، ووصلته بعد نصف ساعة تقريباً، ولاح أمامي منظرا في غاية الروعة والجمال، منظراً بطلته الساحرة على أحياء المدينة القديمة والحديثة في إسطنبول، وعلى مضيق البسفور والتلة المرتفعة التي هي الأخرى مطلةً على الخليج الذهبي، الأمر الذي منح مسجد السلطان سليمان القانوني هيبةً وبهاءً قلما نجدها في باقي مساجد الإمبراطورية العثمانية على الرغم من كثرتها وفخامتها التي تتميز بها، حقاً صورة مسجد السليمانية تأسر الزائر بجاذبيته الخيالية.

ووسط زحمة المجاميع والافواج السياحية الكبيرة شَقيتُ طريقي من مدخله الرئيسي قاصداً المسجد من الداخل فوجدته تحفة معمارية بحق، فالمدخل تراه محاطاً بالأروقة وفيه الشذروان (مكان الوضوء) ونرى الجمال الهندسي والزينة التي تُغطي جدران المسجد حينما نقصده من داخله بينما تتكامل عناصر الزخرفة الإسلامية في محرابه بأشكال هندسية ولوحات قرآنية وبجواره منبراً رخامياُ من المرمر الأبيض تعكس نوافذه الزجاجية الملونة أضواء  النهار الخارجية، ويبدو إن البلاط العثماني استخدم في  التصاميم المصقولة سبعة ألوان مع خطوط بيضاء وسوداء، أما بيت الصلاة فتكسو جدرانه الداخلية زخارف على شكل زهور التوليب والقرنفل والجوري والبنفسج والأقحوان وأوراق العنب وأشجار التفاح والسرو اما القبة الضخمة للمسجد فنراها قد كستّ الوجه الداخلي للمسجد برمته، وبعدها عرجنا إلى ساحة الصلاة التي أخذت شكلاً مستطيلاً، أما مجلس السلطان الذي يؤدي فيه الصلاة فوجدته قائماً على الجهة الشمالية من المحراب.

مكتبة السليمانية

و بعدها شرعتُ إلى مكتبة السليمانية والتي تم بناؤها بعد بناء المسجد بين عامي 1555م و1557م، وتتصف بسمعة عالمية كبرى لكونها تحتوي على نفائس الكتب والوثائق  والمخطوطات وقد ازدادت اهميتها مع انتقال كثير من مكتبات إسطنبول العامة والخاصة إليها لتصبح من أكبر المكتبات الإسلامية التي عرفها العالم أنذاك، وكما فهمتُ من القائمين عليها إن هذه المكتبة الضخمة والكبيرة في محتواها كانت قد اُقيمت كمكتبة صغيرة داخل المسجد في بداية تأسيسها وأصبحت هذه المكتبة النواة التي بُنيت عليها المكتبة الحالية (مكتبة السليمانية) إذ نُقلت اليها كافة المكتبات التي كانت موجودة في التكايا والزوايا والأضرحة التي اُغلقت عام 1922م.

هذا غَيْضٌ من فَيْضٌ، قليلٌ من كثيرٍ عن مسجد السليمانية أو مسجد سليمان القانوني.