قلق مستمر من تفاقم الأزمة وسط إجراءات وقائية
خبير لـ (الزمان): التجاوزات البيئية تؤدّي إلى زيادة الإنبعاثات السامة
بغداد - ابتهال العربي
وصف خبراء في مجال البيئة، الاجراءات الحكومية المتخذة لتقليل الانبعاثات السامة ومعالجة التلوث بالضعيفة، وسط واقع بيئي ينذر بتفاقم الازمة، لافتين الى اهمية ايجاد حلول حقيقية لمنع تزايد انبعاث الغازات السامة.
واكد الخبير البيئي، عدنان الطائي، لـ (الزمان) امس ان (سكان بغداد والمدن المجاورة، يعيشون في اجواء غير مريحة ومستقرة وهم يستنشقون الهواء الملوث)، مبيناً ان (نسبة الغازات السامة ارتفعت بموجب الخروقات البيئية والتحديات المناخية)، وبشأن انخفاض نسبة التلوث وصفاء هواء بغداد، اوضح الطائي ان (ملايين الاشخاص يعيشون في حالة قلق مستمر بسبب مشكلة تلوث الهواء، ورائحة الكبريت وتبعات استنشاقها المضرة بالصحة)، وتابع ان (الهواء يتكون من غاز النتروجين بنسبة 78 بالمئة، والأوكسجين يشكل 21 بالمئة، و9 بالمئة للغازات الاخرى وهي ثاني أكسيد الكربون والازون والغازات النبيلة الخاملة).
حياة صعبة
مشيراً الى ان (زيادة اي غاز على حساب الغازات الأخرى يؤدي الى التلوث، وبالتالي تصبح الحياة صعبة وشبه مستحيلة وسط هكذا ظروف بيئية صعبة)، بحسب وصفه، واكد الخبير ان (هذا ما حصل بالفعل نتيجة عدة عوامل ابرزها التجاوزات البيئية المتمثلة بحرق النفايات وانتشار القمامة، وكذلك ارتفاع اعداد السيارات لاسيما في بغداد، والتي تجاوزت مليوني سيارة)، على حد قوله، منوهاً الى ان (هذه الاعداد كبيرة، ومنها ذات محركات قديمة وتنفث سمومها من عوادم مستهلكة).
واضاف ان (زيادة نسبة سكان العاصمة الذي وصل نحو 11 مليون يؤثر في افراز نسبة ليست بالهينة من ثنائي اكسيد الكربون)، مردفاً بالقول ان (عوامل اخرى اسهمت الى حد بعيد باستفحال هذه المشكلة، وهي نشاطات المعامل، خصوصاً مصانع مواد البناء التي تستخدم الوقود القديم النفط الاسود)، وشدد الطائي على (ضرورة اداء الحكومة ووزارة البيئة واجبها بصورة حقيقية وفعالة للتصدي لهذه الازمة، التي باتت تشكل مصدر تخوف وقلق الملايين من سكان بغداد، تزامناً مع اصدار توجيهات من قبل الجهات المعنية دون حلول)، وفقاً لتعبيره.
وحذر الخبراء من حجم الاضرار الصحية التي يتعرض لها أهالي بغداد فيما بعد بسبب التلوث الكبريتي. وذكر تقرير لشبكة ذا نيو اراب، ان (التعرض بشكل مستمر لغاز الكبريت يؤدي الى امراض رئوية مزمنة)، مبيناً ان (المواطنين يتعرضون لخطر صحي كبير جراء انتشار رائحة الكبريت).
واصدرت منظمة الصحة العالمية، تقريراً جديداً يبرز الحاجة الماسة إلى تقليل انبعاثات الكربون الأسود والأوزون والميثان وثاني أكسيد الكربون، مؤكدة ان جميعها تسهم في تغيّر المناخ.
وذكرت المنظمة في تقرير تابعته (الزمان) امس ان (ملوثات المناخ القصيرة العمر ليس لها تأثيراً قوياً فيما يخص الاحتباس الحراري فحسب، بل تسهم أيضاً الى حد كبير في وقوع وفيات مبكرة بسبب تلوّث الهواء، بما يزيد عن 7 ملايين وفاة سنوياً).
لافتة الى (تقليل المخاطر الصحية في العالم عبر تخفيف ملوثات المناخ القصيرة العمر، بالتعاون مع التحالف المعني بالمناخ والهواء النقي، للحد التلوث)، وأوضحت ان (التقرير يكشف عن التدخلات الرامية إلى الحد من ملوثات المناخ القصيرة العمر في تخفيض معدل الأمراض والوفيات، وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين النظم الغذائية وزيادة النشاط البدني)، وتقول المدير العام المساعد في المنظمة، فلافيا بوستيرو، ان (هذه الملوثات تهدّد يومياً صحة الأشخاص، وهذا التقرير يوصي للمرة الاولى بإجراءات يمكن أن تتخذها البلدان ووزارات الصحة والبيئة في المدن خلال الوقت الراهن، لتقليل الانبعاثات).
تشكيل لجنة
من جهتها تتحرك الحكومة لمواجهة هذه الازمة، فقد وجّه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة، وبيان أسبابها ومعالجتها.
وتتطلع الحكومة الى المضي بالمبادرة الوطنية العليا لدعم الطاقة وتقليل الانبعاثات. وبحسب بيان امس فإن (اجتماعاً حكومياً ضم وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، ورئيس وأعضاء المبادرة من الوزارات ذات العلاقة، والباحثين المختصين بالبيئة، ناقش أهمية تفعيل دور الشرطة البيئية، واختيار افرادها بعناية، واخضاعها لبرامج تدريب اختصاصية مكثفة لممارسة المهام المطلوبة).
ووجه الشمري بأن (تكون ذات مهام تعنى بتطبيق معايير المحافظة على البيئة، وتنسجم مع أهداف حكومة الخدمة). وتمضي وزارة البيئة، بإجراءاتها لمكافحة التلوث، بحسب المتحدث باسم الوزارة لؤي المختار. والذي قال في تصريح امس ان (الوزارة تعمل منذ مدة بالتعاون مع محافظة بغداد والمؤسسات الأخرى ووزارة الداخلية، في إطار حملة كبيرة لغلق الأنشطة الملوثة والمخالفة للشروط البيئية بشكل متتابع، ومعالجة كور الصخر ومنع حرق النفايات). وكانت الوزارة قد كشفت في وقت سابق عن أسباب انتشار رائحة تشبه الكبريت بأجواء بغداء، مؤكدة ان (هذه الظاهرة قد تكون ناتجة عن تغيرات في جودة الهواء المحيط بسبب الاحتراق غير التام للوقود عالي المحتوى الكبريتي لعدد من الأنشطة، وحرق النفايات في المطامر غير النظامية). وتؤكد البيئة، ان مؤشر جودة الهواء في بغداد هو الأفضل عالمياً من بين عدة مدن منها دبي والدوحة والقاهرة في الشرق الأوسط، ومدن عالمية. وأوضح المختار امس انه (وفقاً لتصنيف أي كيو آير لجودة الهواء، تحتل بغداد المرتبة 31 على العالم، بنوعية الهواء المعتدلة)، مشيراً الى ان (نوعية الهواء تبلغ 71 درجة، متفوقة على مدن حول العالم).