الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
يوميات الحرب في لبنان.. تصوير الضحايا بين أخلاقيات الإعلام والمواطن الصحفي

بواسطة azzaman

يوميات الحرب في لبنان.. تصوير الضحايا بين أخلاقيات الإعلام والمواطن الصحفي

غفران حداد

 

يمثل تصوير الموت وقتلى الحروب في مجال توثيق ونقل الصورة تحدياً كبيراً فكيف يمكن للصحافي أن يغطي مشاهد الحرب وفظاعة الصور وأن يحترم خصوصية الضحية وأسرتها في آن واحد؟

قيم اخلاقية

أخلاقيات مهنة الصحافة وبالأخص في جانبها المرئي، والتي لا تختلف عن أية بديهيات تفرضها علينا منظومة القيم الأخلاقية حين نوثق يوميات الحروب وما ينتج عنها من سقوط قتلى وجرحى ، وحتى أية نكبات وكوارث تصيب بعض الشعوب من الزلازل ودمار الممتلكات وما ينتج عنها أيضا من مناظر الأموات أو الناجين من تحت الأنقاض والرماد ، من الطبيعي أن تحترم وسائل الإعلام حرمة الجثث ونرى الكثير من التقارير المتلفزة تمويه لوجوه القتلى وحتى في الصحافة الورقية نلاحظ في العموم تنشر صور عامة للضحايا ، احتراماً منها لحرمة الميت ومراعاة لمشاعر القاريء او المتلقي .لكن أصبح المواطن العربي اليوم القريب من موقع الإنفجار أو الغارة هنا وهناك وبوجود الهواتف النقالة في جيوبهم ،أعطى لكل واحد منهم الحق لنفسه ان يكون مصوراً صحافياً ، لا يطبقون أخلاقيات المهنة الإعلامية التي نعمل بها فيبدأ كل من يحلو له تصوير فيديوهات القتلى دون احترام موته وتصوير نساء بثياب ممزقة وأطفال أيتام ، القدر كتب لهم ان يكونوا أرقاماً في حرب ليس لهم قرارٌ فيها ، فينشرون فيديوهاتهم عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي من تيك توك وفيس بوك ويوتيوب والإنستكرام ، لحصد اكبر عدد من اللايكات ونسبة عالية من المشاهدة ، أصبح هنالك توحش إلكتروني يتغذى على صور الموتى والمصابين دون أدنى شعور بالذنب أو بالانتهاك، بل وقد يصاحبه شعور بالتفرد والفوز بأخذ اللقطة.من سمح لهم بإنتهاك خصوصية ضحايا الحروب ؟ لنقلب الحدث بشكل عكسي لو كان المواطن الذي خوّل لنفسه ان يكون مصورا صحافيا هو الضحية ، وزوجته او ابنته إحدى الجرحى التي تم انقاذها كانت تحت الركام وهي تُعرض على الملأ بثياب النوم الممزقة، وتصبح وجوههم للتداول والسفر على الموبايلات بين الأشخاص والبلدان، ليدخل وجهه وهو في أسوأ لحظات حياته في أرشيف الإعلام والإنترنت للأبد ، كيف سيكون شعوره حينها؟. للأسف لا لسان يتحدث للموتى، لا احد يدافع عن المصابين والجرحى لا قوة لهم للدفاع عن أنفسهم ولتغطية أجسادهم ولحماية وجوههم من الكاميرات هل نحتاج إلى إعادة تعريف وإحترام الخصوصية في زمن التكنولوجيا؟

أو هل تفقدنا الحرب جزءاً من حقوقنا لأننا نصبح خبراً لا بشراً، أو بالأحرى رقماً لا اسماً؟ ربما بعض وسائل الإعلام العربية تضع في ذات الخطأ الذي يفعله اليوم المواطن الذي يوثق الحرب وضحاياه ، ربما أيضا تحتار في الكثير من الأحيان بين تصوير المشهد ونقل صورة الفظائع التي تحل بضحايا الحروب وبين احترام حُرمة الميت وخصوصية أهله ،هم عالقون بين نارين، بين نار إظهار ما يمر به للعالم، ونار انتهاك خصوصية الشهداء والمصابين، ويرى كثيرين هذه المشاهد ما كانت وصلت الناس لولا فظاعة الصور ومقاطع الفيديو التي قام صحفيون بنشرها وبثها للعالم.

القانون بجانب الضحايا

إن القوانين الدولية بشكل عام تمنع نشر الصور لضحايا وعائلاتهم في الإعلام، لأسباب تعود لخصوصية المتوفي والعائلة وانتهاك حرمة الميت ، وتنص «شبكة الصحفيين الدوليين» على إرشادات محددة للمصورين الصحفيين والإعلاميين حول تصوير ضحايا أحداث مأساوية، حيث يُنصح بالتركيز على «صور رمزية» تنقل الحدث دون المساس ب»كرامة الضحايا» ، هذه الإرشادات قد يلتزم بها الصحفي لكن فما بال المواطن، الذي ينتهك أدنى أخلاقيات الإنسان التي يجب ان يتحلى بها، نحن أمام خلل إنساني في النفس البشرية، يجب إعادة التفكير بها ، وكيفية التعاطي معها ، إن منضمات حقوق الإنسان

والقانون الدولي مطالبتان بحماية بيانات ضحية الحرب في حالة فقدان قدرته على ذلك، الوجه جزء من بياناته وجسده كذلك.

الاعتماد على الصورة كدليل على عملية القتل

من جانب آخر ولأحداث ذات أهمية قد تضطر وسائل الإعلام للكثير من الدول لنشر صورة القتيل كدليل على نجاح العملية ، خصوصا عندما يكون ذلك الشخص ، قد دخل في حرب مع دولاً أجنبية، موضوع توثيق القتل يعود لحادثة مقتل الثوري تشي غيفارا عام 1967، فحرصت قوات الأمن العسكري البوليفية حينها على نشر صور للجثة كدليل على أنها «نجحت بقتل» تشي»،  تكرر الأمر في حالات تصوير إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين شنقاً، وكذلك قتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وصور مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بثت صور وفيديوهات لإثبات نجاح العملية ، لا نعلم بعد هذا كله هل يجب نشر صور القــــــــتيل بغض النظر ان كان ضحية أم جلاد؟


مشاهدات 302
أضيف 2024/10/15 - 4:10 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 11:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 248 الشهر 9719 الكلي 10052863
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير