لجين نعمة تستعيد الجمال بعد الخراب.. فوتوغراف العراق يتلألأ في عاصمة النور
باريس - افراح شوقي
بعفوية وبراعة بالغة ، استطاعت الشابة العراقية لجين نعمة القادمة من البصرة ان تصنع اجواء عراقية في المنفى، عبر معرضها الاخير( طريق العودة من المنفى أمل يولد من رحم الخراب) والذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس، وتمكنت لجين عبر لوحاتها الفوتوغرافية من ان تعيد الذاكرة الى اماكن عاثت فيها الحروب وشوهت جمالها لكنها بذات الوقت تحمل امل واصرار على تحدي مامضى.
المعرض الذي اكتض بالزوار العراقيين والعرب والفرنسيين ، نقل بعض قصص التحديات والالم ، حيث سلطت الصور الفوتوغرافية المعروضة نافذةً على الدمار الذي خلفتهُ الحرب، خاصة احياء مهمة في مدينة الموصل حيث مشاهد المنازل المدمرة، والمباني المهجورة، والأطفال الذين يسيرون بين الأنقاض لكنهم -وهذه هي المفارقة-لم يفقدوا ابتسامتهم.
معرض لجين الذي نظم في احدى اهم قاعات الفن في شارع نوتر دام بالدائرة الثالثة، موخرا ، امتاز بنكهته العراقية وكشف العلاقة بين الحرب والوطن باستخدام التصوير الفوتوغرافي كمنفذ حيوي اختارته الفنانة للتعبير عن صمود شخصيات بالمنفى وهي تكتظُ بالأحداث، وتجسد كل صورة تجربتها الحياتية في مواضيع التهجير والفقدان واضطرار الاشخاص للفرار من اوطانهم.
تقول سكرتيرة رابطة المراة العراقية شميران مروكل خلال زيارتها للمعرض « المعرض اعاد لنا كل ذكريات الحرب، ولكن الفريد فيه انه يحمل تحدي افراده رغم كل الخراب المحيط بهم، وهذه هي ميزة العراق الذي ينهض برغم كل اوجاعه».
احتفال مصغر
معرض لجين رعته ونظمته منظمة « ارث» لتعزيز الثقافة والتراث العراقي، ومقرها في باريس، كان كرنفالا احتفاليا مصغرا، اذ تناوب الشعر والموسيقى على صياغة ساعاته ، عبر مشاركة كل من الشاعرين طاهر دوري الذي يعمل في مجال الرسوم المتحركة ايضا وزميله قتيبة جميل ، وكذلك عزف مقاطع من اغنيات والحان عراقية تراثية شهيرة على الة العود.
وفي احد اركان المعرض، كان التمر العراقي حاضرا كضيافة للزوار مع الخبز والشاي المهيل ، مما انعش الاجواء وزاد نكهتها خاصة للمغتربين العراقيين وبعضهم يجتمع بالاخر لأول مرة.
يقول الشاب مهند الساير، احد زوار المعرض ( بالصدفة قرات اعلان المعرض، وفرحت لانه صاحبته عراقية، حضرت وكانت المفاجاة اني التقيت بشباب عراقيين وعرب بمستويات ثقافية متنوعة وطموحات كبيرة واتفقنا على التواصل، اما المعرض فكان واحة لاسترجاع صور العراق الباقية في الذاكرة.
وقال صاحب منظمة ارث،شاذل نواف طاقة : اسست المنظمة قبل اكثر من عام ، مع زميلتي ميساء النبهاني، وهدفها دعم الثقافة والتراث العراقي ، ودعم الفعاليات المتعلقة بثقافة وتراث وفنون العراق؛ وايضا إنشاء منصة لتسليط الضوء على أعمال الفنانين والكتاب العراقيين واخيرا نسعى لاادامة الصلة بين الأجيال العراقية الجديدة والتراث العراقي.
تفاعل الناس
تقول لوجين : الصور كثيرة ، المكان لايتسع لها كلها، وانا سعيدة بتفاعل الناس معها، ورغبتهم بمعرفة المزيد من قصص الناس هناك ، الصور لاتكشف عن دمار الحرب لكن هي ايضا وسيلة لاجل الدعوة للحفاظ على التراث الثقافي وترميم بعض مااصابه من دمار خلال الحرب. واضافت» أردتُ أن أشارك قصتي مع العالم. كانت عيناي هي الكاميرا التي التقطت أحداث حياتي وخزنتها في ذاكرتي، وكان التصوير الفوتوغرافي هو ما أنقذني من العزلة. واليوم أصبحتُ الشخص الذي صاغتهُ الحرب واشعر اني اقوى من قبل».
ولدت لوجين نعمة في البصرة عام 1994. وادركت وحشية الحرب على وطنها مبكرا مع بداية الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. وكان حادث اختطاف والدها المأساوي في عام 2005، سببا للجوء عائلتها الى شمال العراق، وتحديدا في مدينة قرقوش( بغديدا) في ضواحي الموصل.
لكن في عام 2014 ومع تهديد تنظيم داعش، أُجبرت العائلة على الفرار من جديد ، لكن هذه المرة ألى خارج البلاد الى لبنان، ومن ثم إلى فرنسا حيث حصلت العائلة على حق اللجوء السياسي في نهاية عام 2016
خلال هذه الفترة من المنفى، أصبح التصوير الفوتوغرافي وسيلة لوجين لأثبات وجودها وحبها لمدينتها وحنينها لها، وبعد غياب دام عشر سنوات، قررت لوجين العودة الى العراق لزيارة الأماكن التي نشأت فيها، ومواجهة ذكريات الحرب والفقدان وكانت المحصلة هذا المعرض.