الزمان الثقافي (الف ياء) كنز المعرفة والإبداع
أمير دوشي
في حزيران 2002 , كنت في عمان عائدا الى الوطن من صنعاء , حيث كنت اعمل في التعليم. حيثها كان السفر الى بغداد برا فقط, بسب الحصار المفروض على العراق على خلفية غزو العراق للكويت 1990. وهكذا امضيت بضعة ايام في عمان بصحبة الاصدقاء العاملين في الشأن الثقافي وكذلك التقيت ببعض الاصدقاء العائدين الى الوطن او من ينتظر الى يحصل على منحة اللجوء. دلني احد الاصدقاء على كش لأحصل منه ما ابحث من مطبوعات. كان الكش يعرض الصحف اليومية على واجهته , فيما يسطر الكتب على الرفوف الداخلية . اغلب مقالات وتحليلات الصحف تذهب الى ان ما سيجري في لندن في شتاء 2002 هو شهادة وفاة لنظام الحكم في بغداد, حينها لم يتحدد تاريخ عقد المؤتمر- عقد لاحقا في منتصف كانون الاول .
مفكر راحل
اخبرني صاحب كش الكتب الى وجود مجلدين من كتاب الف ياء الثقافي , الذي تصدر جريدة الزمان , كل مجلد بأكثر من خمسمائة صفحة من القطع الكبير : فيما كان الاول عن رحيل الشاعر عبد الوهاب البياتي ,كان الثاني عن المفكر الراحل عزيز السيد جاسم. كانا المجلدان حينها كنز من المعرفة والابداع. اشتريتها , لأمضي طريق السفر من عمان الى بغداد ,اكثر من 16 ساعة في طريق صحراوي , وانا اقرا تلك البحوث والمقالات الباذخة في التحليل والابداع لواقع وتاريخ الثقافة العراقية.
في عام 2007 , اصدر المفكر الدكتور محسن جاسم الموسوي, باللغة الانكليزية , كتاب مهم لتحليل واقع واليات الثقافة العراقية , بعنوان استقراء العراق .لاحقا كتبت عنه في الزمان الثقافي مقال طويل بعنوان: باب محترق وزمن متوقّف . عرفت فيه بمسعى الكتاب الى فحص صراع السلطة والثقافة والى فحص وتأويل الحقائق المغيبة من تاريخ العراق الحديث باستقراء مكونات الثقافة العراقية وتاريخها الفكري وكذلك تمثلات كتابها وصورهم , عبر الاجابة على الاسئلة التالية
:هل يمتلك مثقفو العراق زمام الامور في بلدهم؟ وهل كانوا يوما كذلك؟ وما مدى التأثير الذي يمتلكونه على السواد الناس , اي الجماهير التي كانت تخرج الى الشوارع منذ 2003 وكيف يقيمون وضعهم تجاه التواجد الامريكي الملحوظ الشائن؟ وهل هنالك صحوة دينية فعلية حيال الأيديولوجية العلمانية التي على ما يبدو فشلت في مواكبة الوضع في العراق والشرق الاوسط؟ ولماذا تنقاد (الصحوة) الى طغمة من الفاسدين الذين يحمون سرقاتهم الهائلة بمليشيات مسلحة لتصفية المعارضين؟ الكتاب فحص لدور الثقافة كفاعل في صناعة الهوية العراقية, واستقصاء في الادب العراقي بوصفه خطاب ضد الهيمنة والسلطة , هو قراءة فوكوية في ثنائية المعرفة والسلطة . تحية لجريدة الزمان في عيد ميلادها ..