الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التشكيلي والطبيب علاء بشير والمساومة القاسية

بواسطة azzaman

التشكيلي والطبيب علاء بشير والمساومة القاسية

5 لوحات تختصر صراع الإنسان من أجل الإستمرار بالحياة

باريس - سعد المسعودي

بحضور نخبة من الأكاديميين والمثقفين البريطانيين والعرب أفتتح معرض الفنان التشكيلي والطبيب الجراح العراقي علاء بشير معرضه الشخصي في لندن، وأسماه المساومة القاسية خمس لوحات بحجم كبير ، أربعة أمتار بمترين زينت قاعة الميلانيوم البريطانية للفنون  كانت كافية لأقتصار  عوالم بشير ، وخلاصة افكاره وهو الطبيب والنحات والتشكيلي حول الانبعاث والحياة والموت ومابينهما والابعاد الفلسفية ، وقد اشتهر بشير بإعادة الأطراف المبتورة منذ بداية عقد الثمانينيـــــــــــات في القرن العشـــــرين. وذاع صـــــــــــيته بعد أن أجـــرى عملية جراحيــة أعاد فيها يداً مقطوعة لمهندس بلغاري، كــذلك ساهم بمعالجة المتضررين من حروق وتشوّهات أثناء الحروب

 التي مرت على العراق كالحرب العراقية الايرانية ثم حرب  الكويت و الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003..بدأ برسم اللوحات الانطباعية في خمسينيات القرن الماضي ثم تغيّر أسلوبه الفني بمرور السنين تدريجياً الى التعبيرية و السريالية متعة بصرية وجمالية عالية يرسمها بشير بالفرشاة وبمبضغه التقويمي والتجميلي راسما في معرضه الأخير حدودا للحياة والموت الحياة والولادة كما رسمها بشير هي اشبه بومضة بيضاء سريعة بالكاد يراها المتلقي في لوحة الولادة او الانبعاث وتذكير للناس بأن الحياة قصيرة والبشر يولدون ويرحلون سريعا ويبقى الأثر بسيط جدا ومع مجيئ الأنسان للحياة وبغريزته الفطرية يريد الأستحواذ على كل شئ ولكنه يرحل في النهاية تاركا كل شئ. يقول لنا الدكتور علاء بشير أن الانسان مخلوق بين متناقضين أثنين مثل الحب والكراهية والحياة والموت والصح والخطأ والحق والباطل وهكذا دائما هذه الثنائية في الحياة لايمكن ان نتخلص منها ومن هنا تأتي المساومة القاسية  فكيف تستطيع ان تتعامل مع شخص تكرهه تضطر ان تتظاهر بمحبته وهذه هي المساومة القاسية التي اخترتها عنوانا للمعرض فالأنسان اذا اراد ان يستمر في الحياة لابد له ان يساوم على بعض الأشياء ويبقى هدفه ان يكون حرا كما جاء في بداياته عند الولادة لكن هذا مستحيل وهو مااردت نقله بلوحاتي. وتظل شهود بشير هي الغربان التي تتطاير في لوحاته وهي القاسم المشترك والشاهد على خطوطة وفرشاته ولوحاته  كتلك التي تتطاير فوق بحر من دم أحمر أنه البرزخ او يوم القيامة ,وعن اختيارة الغراب يقول بشير أن الله كرّم الغراب كما جاء في القرأن الكريم بعث الله غرابا ولم يقل طيرا وهو تكريم للغراب الطائر والشاهد على الأنسان وبقناعتي انه ضمير الانسان ولكن العرب يكرهون الغراب لأنه في اللاوعي يعتبرونه شاهدا على الكراهية, أن ما شاهده الفنان وعايشه إبان عمله نحاتاً ورساماً وطبيباً للرئيس العراقي السابق صدام حسين، دخل عالم الاهتمامات، من دون رغبة والده الذي كان يتمنى على ابنه أن يلبس ثوب الطبيب ويبتعد عن الفرشاة حتى لا يجامل الحكومة، ولكن بشير مهووس بفرشاته وبشهوده وظل متمسكا برسم الغراب وابعاده الفلسفية وهو يرى أن الغراب هو أول من علم الإنسان الحكمة، حين شاهد قابيل كيف يقتل أخاه هابيل فتعلم منه كيف يدفن شقيقه ويعتقد أن الغراب لم يكن نذير شؤم كما يتخيل العرب لكنه طائرا حكيما وله الفضل بتعليم الانسان ، كيف يدفن القتيل بأمر الله، ويظن أنه يستحق الاحتفاء به وتذكير الناس بفضله على البشرية, هذا هو فهم الدكتور علاء بشير لتكرار الغراب في لوحاته. لوحات بشير التعبيرية من الولادة والحياة والابنعاث ورحلة ادم وحواء ولوحة البرزح او القيامة لوحات تحمل الدلالات الفلسفية القوية التي تصور المجازات تصويرًا كبيرا بعيدا عن الحدود الحالات الظاهرة برؤى الخيال كما جاء بلوحة ادم وحواء النزول الى الارض والاشجار المقلوبه والمصير المجهول ولوحة الأغتسال التي ظل الغراب محلقا في السماء شاهدا على مايفعله البشر ومنذ العام 1959، وفي حوار ي مع الشاعر الصديق الشاعر مظفر النواب، رأيت إنه من الغباء رسم الشجرة دون الإشارة إلى جذورها التي هي مصدر وجودها وكذلك رسم الأشخاص بغلاف جلودهم وملابسهم ، كما كنا نرسم مظاهر البيوت وألوان الجدران ونتغافل بغباء عن الإنسان الذي يشغل هذه البيوت وما يحمله من خير أو شر.

الموسيقى والرسم

يقول بشير عن علاقتة الموسيقى بالرسم أعتقد إن الموسيقى هي وسيلة التعبير الأسمى لمظاهر الإنسان وأبعاده الروحية وحيرته وهو يسير في الحياة بين رحم أمه و يصل إلى رحم الأرض (قبره) أعتقد أن فن الرسم (ليس استنساخ الواقع) وإنما يتجلى من فوق الواقع الظاهر وإنه ظل الموسيقى لأنهما يعبران عن المشاعر والأحاسيس الإنسانية بمنهج واحد، للتوضيح أضرب لكِ مثلاً : نحن نتكلم عن الحب والتعبير عنه. الحب بين الإخوة، الحب بين الأصدقاء، الحب بين الرجل والمرأة، الحب بين الأم وطفلها الحب بين الأب وأولاده، لا شك أن التعبير عن الحب بين الأم وأولادها أعمق بكثير من رسم امرأة تحتضن طفلها.  هنا لابد من اللجوء للطرق التعبيرية تحمل المدلولات الإستشعارية المؤطرة بالتشبيهات المبهمة والدلالات القوية التي تصور المجازات تصويرًا بليغاً خارج حدود الحالات الظاهرة وهو فوق الواقعية يعبر الفنان عن قضايا الإنسان في الحياة حسب رؤيته التخيلية ، وليس استنساخ صورة امرأة وطفلها بنظرة واقعية سطحية، ينبغي على الفنان أن يكتشف حقيقة مواهبه التي حباه الله بها فهو كائن حساس يستطيع أن يدخل أعماق الوجود ويستشعر المكنونات الجوهرية ويعبر عنها بأدواته الفنية وغيرها من الخصائص الرسم التي تجعل المتلقي يستشعر ويبصر الرسائل الإنسانية والكونية الموثقة في أعماله الإبداعية.

 


مشاهدات 136
أضيف 2024/09/21 - 12:21 AM
آخر تحديث 2024/09/27 - 11:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1067 الشهر 39624 الكلي 10028246
الوقت الآن
الجمعة 2024/9/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير