الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التعريف بمدينة قامشلو.. جديلة ذهبية على خاصرة كردستان

بواسطة azzaman

التعريف بمدينة قامشلو.. جديلة ذهبية على خاصرة كردستان

الهام عبد الرحمن

 

ماقبل الحرب العالمية الاولى كانت كوردستان الكبرى تحت الحكم الصفوي والحكم العثماني وبدات مأساة الكورد في التاريخ المعاصر بعد توقيع أتفاقية ساكيس بيكو السرية في عام 1916 السرية بين فرنسا وبريطانية لتقسيم تركة الرجل المريض الدولة العثمانية ومن بينها ارض كوردستان الشمالية التي تم تقسيمها الى ثلاث أجزاء القسم الشمالي بقى تحت السيطرة العثمانية والجزء الغربي تم وضعها تحت سيطرة الدولة السورية الحديثة التي اصبحت منطقة نفوذ فرنسية تحت مسمى الانتداب الفرنسي، والقسم الجنوبي تم والاحاقها بدولة العراقية والتي خضعت للانتداب البريطانية.

مدينة حديثة

قامشلو (قامشلوكا افيني) هي من احدى أجمل المدن الكوردية في غرب كوردستان، جديلة ذهبية على خاصرة كوردستان، نرجسة (نيَرطزةكا) برية من قلب جبال كوردستان نبتت في سهل غني بالحياة، قامشلو مدينة حديثة النشأة نسبياً، تم تصميم مخططتها الهندسي في عهد الانتداب الفرنسي، ما بين سنوات 1921 -1926.

المدينة تأسست بعد ان تم تقسيم الدولة العثمانية ، وانشاء الدولة التركية الحديثة التي رفضت ترسيم الحدود بعد معاهدة سيفر سنة 1920، حيث تم إعادة ترسيم الحدود بعد غضب القوميين الاتراك، وفق معاهدة انقرة 1921 بين فرنسا وتركيا، ودعمتها معاهدة لوزان سنة 1923، ولاحقا في سنة 1926 تم رسم الحدود بشكل اكثر دقة بين سوريا وتركيا، وتم المصادقة على بروتوكول ترسيم الحدود النهائي سنة 1930، الامر الذي أدى الى الفصل بين الاهل والاقارب الموجودين في نصيبين وقامشلو واصبحت نصيبين من نصيب الدولة التركية وسميت (سةرخةتىَ) اما المناطق والمدن والقرى الكوردية التي دخلت ضمن حدود الدولة السورية الحديثة سيمت ( بن خةتىَ).

أدى وجود الخط الفاصل الى قيام بعض الكورد بالانتقال الى الجانب الاخر حيث اهلهم واحبتهم وذلك بعد توقيع معاهدة لوزان التي تغاضت عن ما جاءت في معاهدة سيفر، حيث كانت الأخيرة قد نصت على منح الكورد حق تقرير المصير وانشاء كيان كوردي مستقل، الا ان قوة النزعة الكمالية التركية حالت دون تحقيق ذلك الامر، و رأت القوى العظمى وقتها ان الحفاظ على مصالحها افضل لها من مواجهة تحديات جديدة، لذا وجدت الدولة التركية في ذلك مبرراً للقيام بالعديد من المجازر تجاه القوميات غير التركية كالأرمن والكورد، كما عمدت الى سياسة الترحيل والاستيطان، مما اضطر الكثيرين من التوجه الى المناطق الواقعة تحت الانتداب الفرنسي، فضلاً عن الأماكن التي يتواجد فيها التعليم المدرسي.

كان لترسيم الحدود اثاره المابعدية على جميع المكونات البشرية في المنطقة وبالأخص الكورد الذين تم تهجيرهم من مناطقهم مراراً تحت ذرائع مختلفة، وحين اخذت الدولة السورية الحديثة استقلالها سنة 1946 بدأت ملامح سياستها تظهر بشكل جلي، لاسيما في التعامل مع المكونات غير العربية داخل الأراضي السورية، حيث اعتبرت الكورد مهاجرين وذلك كان له منعطف تاريخي سيء ليس للكورد فحسب انما حتى للمكونات الأخرى داخل الاراضي السورية، لأن الكورد سكنوا مناطقهم قبل وجود نشوء الدولة السورية، ووقوع مناطقهم ضمن جغرافية سوريا الحديثة لم يكن الا جراء مخطط دولي معروف لاسيما بعد معاهدتي سيفر ولوزان.

 استمرت السياسة المناهضة للكورد، لاسيما بعد اعلان الجمهورية العربية المتحدة سنة 1958 والتي ضمن كل من سوريا ومصر، والتي لم تستمر طويلاً حيث انهى انقلاب عسكري في دمشق سنة 1961 تلك الوحدة، واعلن قيام الجمهورية العربية السورية، تعتبر تلك الفترة من احدى اكثر الفترات ضرارة على الكورد بشكل خاص وعلى عموم أبناء سوريا بشكل عام، حيث عمدت السلطات الى تعريب اللغة ومنع الكورد من التحدث بلغتهم الام، كما قاموا بتعريب المدارس التي انشأتها فرنسا في المناطق الكوردية ومن ضمنها في مدينة قامشلو، كما  تم الغاء التعددية السياسية ومصاردة اقلام المثقفين كما واعادت في عهدها الخدمة الإلزامية، واتبعت الحكومات للاحقة بعد انفصال سوريا ومصر نفس السياسية ضد الكورد.

احداث تاريخية

اخذت مدينة قامشلو تبرز بشكل واضح ضمن مسار الاحداث التاريخية في المنطقة، لاسيما وانها في الأصل تم انشاؤها بمخطط هندسي فرنسي، حيث انتظمت فيها الشوارع المستقيمة والمتوازية فاشتهرت بتنسيق أحيائها وشوارعها، وهي تسمى بباريس الصغرى نتيجة تنظيمها وتقسيمها الفرنسي الأوربي، ولا يختلف انتشار البناء السكني في مدينة قامشلو عنه في مدينة الحسكة من حيث الانتشار الأفقي للمساكن، ففي البداية تم انشاء الابنية الطينية المؤلفة من طابق واحد ثم تطورت تلك الأبنية لتصبح اسمنتية من طابق واحد وبعدها تحولت الى ابنية عمودية بسبب تزايد عدد السكان فيها.

 

 أما الأسواق التجارية فقد بنيت منذ البداية بشكل جيد ، وهي تمركزت وسط المدينة كأسواق الأقمشة والصاغة والخضار واللحوم وغيرها.

ولشهرتها أصبح المؤرخون والكتاب يبحثون في أصولها، فبدأوا بتسميتها، حيث ظهرت العديد من الروايات حول التسمية، فنسب بعضهم الاسم الى نبات ( القاميش) الذي يعني القصب المنتشر بكثرة حول نهر جغجغ الذي يمر من خلال المدينة، بينما ذهب البعض الى ان اصل الكلمة (قامشلو) سريانية، في حين ان الكورد يؤكدون على الرواية الأولى والتي تربط الاسم بالقاميش الطويل.

اما جعرافية المنطقة فان المدينة تقع بالقرب من آثار مدينة أوركيش القديمة تل موزان حاليا  التابعة للحوريين التي تأسست خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد، ولخصوبة تربتها واهمية موقعها الاستراتيجي قام الاحتلال الفرنسي بانشاء اول قاعدة عسكرية لها بالقرب من المدينة، بسبب وجود نهر الجغجغ وسكة حديد حلب نصيبين، تقع مدينة قامشلو في جنوب جبال طوروس، حيث تعتبر من أكثر المناطق الصالحة للزراعة لأنها لا تبتعد أكثر من 10 كيلومترًا عن جبال طوروس.

 لذلك اشتهرت بالزراعة واعتمد سكانها ايضا في معيشتهم على تربية المواشي. ويقع قامشلو في المثلث الحدودي فمن جهة الشمال تركيا ومن جهة  الشرق العراق وفي جهة الجنوب جبال سنجار. ومن داخل سورية يحدها من جهة الشرق ناحية تربة سبية والتي تم تعريب اسمها لاحقا .

وسميت بالقحطانية ومن جهة الجنوب الشرقي ناحية تل حميس ومن جهة الغرب ناحية عامودا أما من الشمال فمدينة نصيبين، حيث يفصل بين مدينتي قامشلو ونصيبين الخط الحدودي السوري-التركي ، فالكوردي في نصيبين سرخطي يستطيع مشاهدة اهله في بنخطي، ولاحقا تم تغير اسماء النواحي والمدن والقرى الكوردية الى اسماء عربية وكان القصد منها تعريب المنطقة  وتغير ديمغرافيتها، وتعد قامشلو مدينة حديثة مقارنة بالمدن الكوردية العريقة في غرب كوردستان مثل عامودا وحسكة وسري كاني.

يسكن في هذه المدن الكورد والجركس والعرب والطوائف الدينية من اليهود والمسيحية والايزيدية الكورد ، وهي ذات اغلبية كوردية من الديانة المسلمة واذا عدنا الى اللغات الموجودة والمحكية فيها فهي كثيرة  ومتنوعة حيث بلغت خمسة عشرة لغة محكية، ماعدا اختلاف اللهجات حسب المناطق، وهي الكوردية والعربية، والشركسية التركمانية، السريانية، الأرمنية، الآرامية، الآشورية الحديثة، الأذرية الجنوبية (تسمى التركمانية أحياناً)، الدومرية، الطورية أو الطورانية، الآرامية الحديثة الشمالية وغيرها من اللغات. تعتبر اللهجة الكرمانجية الكوردية هي اللهجة الغالبة والتي تتفرع عنها لهجات محلية بحسب المناطق والقرى، الا ان الغربية والآشتية والبوتانية والهكارية والبادينانية هي الأكثر انتشاراً فضلاً عن الشمدينانية والكوجرية والكيكية .


مشاهدات 582
الكاتب الهام عبد الرحمن
أضيف 2024/09/14 - 3:56 PM
آخر تحديث 2024/10/14 - 8:07 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 207 الشهر 5694 الكلي 10035417
الوقت الآن
الإثنين 2024/10/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير