الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الدينار العراقي والحروب السجال

بواسطة azzaman

الدينار العراقي والحروب السجال

عبدالسلام مأمون السامرائي

 

للدينار صولات وجولات وانتصارات وهزائم ونتائج، وتتمثل حروب الانتصار والخسارة بما يعكس حال العراق الذي مر به من عقود والى يومنا هذا.

يبدأ مسار تداول العملة في العراق منذ فترة الخلافة الراشدة، مرورا بالخلافتين الاموية والعباسية، وانتهاء بالدولة العثمانية، والذي يمثل مسار هذه العُمَل ابتداء من الپارة* الى الروبية*، ومن ثم حط الرحال بتشكيل مجلس اطُلِقَ عليه مجلس عملة العراق، الذي أُسس في شهر نيسان عام 1932 عند انتهاء الانتداب البريطاني، وذلك عندما اصدرت المملكة العراقية -بمبادرة من مجلس العملة العراقي- الدينار الجديد الذي حامل صورة ملك البلاد فيصل الاول (رحمه الله) وتم طرحه في التداولات اليومية بعد ان تم سحبت الروبية المفروضة منذ الاحتلال البريطاني.

كانت قيمة الدينار الواحد تساوي 13.33. وفي عام 1947 أسس المصرف الوطني العراقي وبعد نحو 10 سنوات تم تغيير اسم المصرف الوطني الى اسم البنك المركزي العراقي واستمرت تسميته حتى سقوط الملكية واعلان الجمهورية بقيادة عبدالكريم قاسم عام 1958 إذ اصدرت عملة جديدة، لكن هذه المرة بصورة شعار الجمهورية والرموز التاريخية مثل (ملوية سامراء، والقيثارة السومرية، والثور المجنح، واسد بابل) واعلن البنك المركزي العراقي حينها تخليه عن الجنيه الاسترليني وارتباطه بالدولار الامريكي ليعادل الدينار الواحد 2.8 دولار.

انقلابات متكرره

ومع الانقلاب على عبدالكريم قاسم بقيادة احمد حسن البكر عام 1963 بقي الدينار على حاله؛ بسبب الانقلابات المتكررة بين عبدالسلام عارف، واحمد حسن البكر. حتى عودة البكر لسدة الحكم عام 1968 ليشهد الدينار العراقي انتعاشا بفضل سياسة تأميم المصارف وشركات التأمين، وليستغل الدينار العراقي سلسلة الازمات الاقتصادية الدولية بين عامي 1971 و 1973؛ لترتفع قيمته السوقية بقيمة 3.37 دولار، واستمر الحال حتى اشتعال فتيل الحرب العراقية الايرانية.بهذا الصدد يقول الباحث الاقتصادي (بارق شبر): كان العراق في بداية الحرب يملك احتياطياً من العملة الصعبة، لكنه بدأ بالتآكل لتمويل تكاليف مواجهة ايران في حربها ضد العراق، وهنا بدأت الحكومة بالاقتراض بدون اي صعوبة تذكر؛ بسبب الدعم الذي حظي به العراق من الغرب والخليج العربي في مواجهة ايران. وبهذه المرحلة بدأ انهيار الدينار تدريجياً، إذ بعد أن كان الدينار يساوي 3.3 دولار. فمع نهاية سنة 1988 اصبح الدولار يساوي 4 دينار، وبمطلع التسعينات دخل العراق حرباً جديدة ادت الى ازمة اقتصادية خانقة؛ نتيجة الموقف الدولي والعربي ضد العراق؛ حيث وقف المجتمع الدولي وبعض الاقطار العربية وكذلك دول الخليج العربي ضد النظام العراقي السابق بسبب ازمة احداث الكويت، وفرضت الامم المتحدة وبتحريض امريكي وبعض الانظمة العربية عقوبات مُنِعَ العراق بموجبها من تصدير النفط العراقي، مما ادت هذه العقوبات المفروضة على العراق الى عجز كبير وخطير في الميزانية.

في الوقت نفسه فرضت هذه العقوبات قيودا على تصدير الغداء والدواء وحتى قلم الرصاص؛ مما سبب في ارتفاع كبير بنسبة الوفيات بين الكبار والصغار على حد سواء؛ جراء منع وصول الدواء وحتى حليب الاطفال. وبعد ذلك اضطر العراق لطباعة عملته داخليا، والتي كانت تحمل صورة الرئيس السابق صدام حسين بمطابع رديئة وسهلة التزوير؛ وبذلك انهار الدينار ليكون الدولار الواحد يساوي 3000 دينار. واستمر الحال حتى سنة 2003 حيث الغزو الامريكي وتغير شكل العملة من حيث المعايير الدولية، وباستخدام تقنيات مضادة للتزوير، وليصبح الدولار الواحد يساوي 1690 دينار، ويرتفع الدينار تدريجياً حتى سنه 2024 لتكون قيمة الدولار الواحد يساوي 1320 دينار.

تأثير مباشر

من جهة اخرى فإن الحروب التي مر بها العراق كانت تطيح بقيمة الدينار وتؤثر عليه تاثيرا مباشرا، الا ان العراق بقي صامداً ويبحث عن الحلول للخروج من المآزق التي مر بها منذ تأسيس الملكية الى يومنا هذا، ولولا الحروب والعقوبات التي فرضت عليه، لكان العراق اليوم هو واحد من اقوى الدول الاقتصادية، وكان حال الدينار سيستمر بقوته السابقة، ولكن بسبب الحروب التي يُعدُّ الكل فيها خاسرا، قد خسر العراق اقتصاداً قويا، لاسيما أن قوته كانت تتأتى من قدرات مصانعه الإنتاجية واكتفائه من انتاج المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والشعير وبقية المحاصيل الزراعية، بل حتى مصانع المعدات الثقيلة والفوسفات التي لم يكن بالهين تغافل دورها في الاكتفاء الذاتي، لكن لعنة الحروب وارتداد نتائجها كان له دور سلبي على الواقع الاقتصادي في بلد الرافدين.

ووفق المؤشرات الاقتصادية الحديثة في نظرتها على السياسة الاقتصادية للعراق، فان من الارجح ان يتعافى الدينار، وبخاصة مع وجود تلك المشاريع الجديدة التي تسعى الحكومة الحالية لتحقيقها، وفي الوقت نفسه اذا اعيدت الحياة الى المشاريع الصناعية والنفطية الموجودة في المحافظات؛ فان الكثير من الاوضاع ستشهد نهضة كبرى يزدهر من خلالها اقتصاد العراق في السنوات القريبة القابلة، وهذا ما نرتجيه ونتطلع له.

* المعروف ان الپارة: هي عملة عثمانية سابقة، سبكها السلطان مراد الرابع، وهي كلمة أعجمية، بمنعى قطعة.

* الروبية: هي عملة هندية لازالت سارية في الهند، سبكها السلطان شير شاه.

 


مشاهدات 461
الكاتب عبدالسلام مأمون السامرائي
أضيف 2024/07/21 - 3:24 PM
آخر تحديث 2024/11/24 - 12:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 319 الشهر 10237 الكلي 10053381
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير