الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لأن الوطن هو الأهم

بواسطة azzaman

لأن الوطن هو الأهم

فؤاد مطر

 

جدد الرئيس فلاديمير بوتين رئاسته للمرة الثالثة فيما روسياه منشغلة البال بحرب مع أوكرانيا كان من اليسير بمكان حسمها لولا أن الغرب الأميركي_ الأوروبي تعامل مع هذه الحرب كجبهة تناصب العداء تطلعات روسيا بالسلاح والسياسة وقرارات عقابية مالية إلى جانب إستصدار قرار يحظر على رئيس الدولة العظمى روسيا السفر كي لا يتم إعتقاله جنائياً. ولقد ألحق الموقف الغربي _ الأوروبي المشاكس ثم المعادي الأذى بالتطلعات الروسية نحو إستعادة الشأن الذي جُدد لرئيسه للمرة الثالثة من منطلق أنه في سنوات الولايتيْن السابقتيْن كان الوطن قضيته وكان الحرص على إعتبار القضية هذه تستوجب التضحيات ولذا فإن بوتين لم يخض معركة إنتخابية تقليدية ينافسه على الترؤس آخرون ربما لأن أياً من هؤلاء لا يتحمل عبء تداعيات حرب خاضها وما زال الرئيس بوتين، فضلاً عن الشعور السائد لدى المواطن بأنه عندما يرتضي التجديد دورة ثالثة للرئيس بوتين فلأنه يتقاسم مع هذا الرئيس الشعور بأن الوطن هو الأهم وليس على الإطلاق الصراعات كما الحال راهناً في الولايات المتحدة وبنسبة محسوبة في إيران. وأما البريطاني والفرنسي فإنهما بالحرص على أن الوطن هو الأهم إختار كل منهم في أحدث السباق الإنتخابي من يترجم خير ترجمة معقولة أن الوطن هو الأهم.

ولاية ثالثة

وفي فترة زمنية متقاربة جدد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسته للمرة الثالثة ومن دون تردد من جانب أكثرية المقترعين في أن يكمل الرئيس السيسي في سنوات ولايته الرئاسية الثالثة ما سعى من أجل تثبيته في الولايتيْن الرئاسيتيْن السابقتيْن. ولقد أثمر التجديد الذي ينطلق من شعور مشترك لدى المواطن المصري كما لدى الرئيس الذي بدأت مصر مع ترؤسه العهد أكثر إستقراراً، بأن الوطن هو الأهم وأن الحرص على إستقرار الوطن وتماسك القوى الفاعلة فيه، أهم من الصراعات والإنتماءات إختياراً أو إضطراراً من جانب شرائح من أهل السياسة والحزبية في ما أكده الرئيس السيسي في الولايتيْن الرئاسيتيْن الماضيتيْن ويشاركه التأكيد المواطن الذي يعيش رغم التحديات الناشئة عن أحوال صعبة تعيشها المنطقة وأكثرها خطورة حتى إشعار آخر حرب إسرائيل نتنياهو التدميرية والتجويعية التي لولا التصرف بحكمة وبالكثير من التحمل من جانب الرئيس السيسي لكان حدث مع إستمرار المحنة الغزاوية ما هو أخطر بكثير. وبتدارك الرئيس السيسي للموقف إنطلاقاً من بدهية أن الوطن هو الأهم كان إستكمال الكثير من الإنجازات العمرانية بشتى معالمها في العاصمة وبعض المدن وكان الطي المتدرج للعلاقات المتأزمة مع تركيا تمهيداً لبناء علاقة مستقرة مع ليبيا. كما كانت مشاريع الإستثمار وبعض القروض الدولية وإنتعاش الأحوال التجارية والسياحية. وهذه في مجملها كانت ستهتز لو أن نزوع إسرائيل نتنياهو إلى إقحام مصر في المحنة الغزاوية على نحو ما سرى كتمنيات من منطلق نصرة الأخ المصري للأخ الغزاوي، إضطر الرئيس السيسي إلى إتخاذ موقف يتجاوز التشاور السياسي والتمني الدبلوماسي الأميركي بتعزيز هذا التشاور من خلال إستضافة ممثلين عن «حماس» وإسرائيل وبما يلغي التشجيع الأميركي. وعندما ستضع حرب إسرائيل نتنياهو أوزارها ويتصرف رمزها مع بقاء التدمير والتشريد والتجويع حالات إنسانية مفزعة على حالها فإن دور مصر برئيسها الذي إنتهج خط إعتبار الوطن هو الأهم ولقي هذا الخيار إلتفافاً حول قيادة الدولة، سيكون بمثابة مداواة للجرح إلى جانب أدوار أهل الإقتدار المالي الخليجي الذين هم أيضاً كما الشعب إنتهجوا الخط الأشبه برؤية تقوم على أن الوطن هو الأهم.

في السياق نفسه وعلى قاعدة الوطن هو الأهم والمواطن ليس مهموماً إلى درجة اليأس ستختار الجزائر عبدالقادر بتون رئيساً لها على نحو إختيار موريتانيا محمد ولد الشيخ  الغزواني رئيساً لولاية جديدة. وفي الطريق إلى الخيار نفسه هنالك الإستحقاق الرئاسي التونسي الذي بموجبه يجدد الرئيس قيس بن سعيد الرئاسة للمرة الأولى.

 لا يعني الصراع الذي تعيشه الولايات المتحدة بين الرئيس جو بايدن الحالم بتجديد الولاية دونالد ترامب الحالم هو الآخر بنيْل الرئاسة الذي أخفقوه في تجديدها فتحوَّل إلى أسد جريح لا تداوي جراحه الأوصاف المسيئة في حق بايدن وإنما الذي يداوي هو فوز مبين.. لا يعني ذلك أن صراع الإثنيْن كما الأطياف الناخبة لا يتصرفون وسواء حصل أم أمكن بايدن الفوز عكْس أن الوطن هو الأهم.

اجواء التهم

وحدهم في لبنان يتصرف أولو الأمر السياسي والحزبي وفي أجواء من كيل التهم والشتائم لم يسبقهم إليها شتامون، في موضوع إنتخاب من يترأس الجمهورية الخالية منذ سنتيْن، وفق القاعدة المعاكسة وهي أن القيادات الحزبية وبكل ولاءاتها شيعية _ مارونية_ أرثوذكسية _ كاثوليكية_ بروتستانتية_ سُنية_ درزية _ أرمنية_ علوية تتصرف على أساس أن الوطن ملعب وأنهم كمن في دوْري غير محدد الزمن في أجندتهم لأن صاحب الأجندة أطياف خارج الحدود. ومن أجْل ذلك يبقى القصر الجمهوري في لبنان الوحيد بين قصور الرئاسة في العالم عبارة عن علَم لا يرفرف وكرسي رئاسية لا جليس عليها ووطن متعارَك عليه من بني قومه الحزبيين... وبالذات من الطيفيْن الشيعي الفاعل والماروني المنزوعة منه واجبات التفعيل.

ثم تأتي بدعة اللجنة الخماسية التي تشكلت أصلاً غير مكتملة واقعياً بمعنى أنها إقتصرت على سفراء مصر والسعودية وقطر والولايات المتحدة وفرنسا. وهي أكثرت من اللقاءات والجولات والتصريحات ما لم يثمر إتفاقاً على رئيس للجمهورية في حين أنها لو كانت سباعية بضم سفير إيران وسفير الصين إليها لكانت ربما بمفهوم الحمْل والولادة أنجبت رئيساً وبذلك يقضي الله الأمر الذي به قادة العمل الحزبي يختلفون ويؤكدون بذلك أن الوطن ليس الأهم وإنما هم بما يمثِّلون. لا سامحهم الله.

 

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 68
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/07/13 - 12:40 AM
آخر تحديث 2024/07/18 - 10:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 334 الشهر 7902 الكلي 9369974
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير