رحلة إستكشاف جديدة إلى السليمانية.. الجانب التاريخي للمعابد والكنائس الأثرية

السليمانية – حمدي العطار

ليس من السهولة السفر مع فريق لاماسو فهو الاختيار الصعب بل الصعب جدا، وبما أننا قد زرنا المواقع الاثرية لمدينة السليمانية من قبل في رحلات أطلق عليها فريق لاماسو السليمانية ( 1*2*3) فإن هذه السفرة ستكون لزيارة ما تبقى من مواقع أثرية تم تأجيل الذهاب إليها لأنها في أماكن نائية والطريق الوصول إليها وعر ويعاني من الإهمال ويرفص السائقون المجازفة بسيارتهم للوصول إلى تلك الوديان واعالي الجبال، كما لا تفكر شركات السياحة لمثل هكذا نوع من المتعة المرتبط بالمعرفة! ويزيد من صعوبة الأمر أن هيئة السياحة والآثار تبخل حتى بوضع إشارات دلالة تدل على وجود موقع اثري مهم مثل ( موقع جرمو الأثري).

موقع جرمو الاثري

وعمر هذا الموقع الأثري يعود إلى نهاية العصر الحجري الحديث 6700- 7000 قبل الميلاد!

يقع في سفوح جبال زاغروس في السليمانية وهو اول مجتمع زراعي في العالم مساحته بين 12000-16000 م مربع وارتفاعه 800 م فوق سطح البحر.

قبل دخولنا إلى مدينة السليمانية وأخذ الإقامات توجد مدينة تاريخية  أثرية اسمها ( جمجمال)

قرية جرمو التي تقع على رابية مرتفعة هي من قرى جمجمال ، وتعني  القلعة البيضاء،. وتعود إلى نهاية العصر الحجري الحديث وهنا اكتشف الإنسان ولأول مرة في التاريخ مهنة الزراعة لتشكل ثورة حقيقية ومرحلة انتقال الإنسان من الصيد والجمع إلى مرحلة انتاج الطعام والتي ظهرت لأول مرة  في بلاد الرافدين ومن هنا بدأت مرحلة تشكيل القرى الزراعية وزيادة النسل والاستمرار الدائم. اننا نقف اليوم في المكان الذي غير حياة الإنسان القديم من طور» جمع القوت» إلى الزراعة وتربية الحيوانات اي طور» انتاج القوت» كما شهد الإنسان في هذه المرحلة تطور في الفكر والدين والفنون وصناعة الفخار.

 أن قرية جرمو لها الفضل في جعل الزراعة وتدجين الحيوانات هي عماد الانسان، إذ حقق فيها الانسان في البداية الاكتفاء الذاتي، كما تعلم صناعة الأدوات الزراعية من العظام وعثر فعلا في هذا الموقع على لقى كانت تستخدم في عملية الزراعة.

ويسرد التاريخ البشري القديم « إن  الزراعة أدت إلى الاستقرار ثم ظهور المدن القديمة وتطور الكتابة والفن ونشأة الحضارة»

استغرقت زيارتنا إلى هذا الموقع أكثر من ثلاث ساعات في طريق وعر اضطر سائق( الباص) أن يطفئ التبريد وكنا نعاني من حرارة الجو ومن الأتربة لذلك من جاء معنا لأول مرة ويظن أن الرحلة هي استجمام لم يتحمل مثل هذا التعب وانا سمعت فتيات كن يتوقعن السفر للسياحة والمتعة وليس للاستكشاف و التعب والأذى قالت احداهن لزميلتها ( جا شبيه الزوراء) !

ومن يذهب الى مدينة السليمانية بطريق البر يلاحظ بالتأكيد هذه البوابة والسور والتمثال فما هي حكاية هذا المضيق؟

هذه المنطقة تدعى ده ربه ندي بازيان باللغة الكردية أو مضيق بازيان وتقع على الطريق البري بين مدينتي السليمانية وكركوك.

اصطدمت قوات الشيخ محمود الحفيد بالإنكليز في هذه المنطقة بالذات عام 1919 قبل تأسيس الدولة العراقية وشهد المضيق العديد من الصدامات العسكرية بين الامارة البابانية ومركزها السليمانية والقوات العثمانية كان أخرها عام 1850.

عندما أستلم حكم أمارة السليمانية (أمارة بابان) عام 1803 من ابن عمه مؤسس المدينة إبراهيم پاشا البابان قام عبد الرحمن پاشا البابان بتحصين هذا المضيق وجعله خط الدفاع الاول عن المدينة والامارة.

موانع طبيعية

تشكل الجبال والهضاب موانع طبيعية تحمي حدود الامارة ولكن هناك بعض الثغرات المفتوحة وغير المحمية بالعوارض الطبيعية وبالذات في منطقة المضيق وقام عبد الرحمن پاشا البابان بسد هذه الثغرات ببناء سور طويل وساهمت هذه التحصينات في حماية الامارة والمدينة لفترة طويلة ولغاية عام 1850 حيث صدت الامارة الهجمة العثمانية عسكريا في هذا المضيق بالذات لكن العثمانيين دخلوا المدينة باستغلال سلاح الدين (اصدار الفتاوي بان السلطان العثماني هو خليفة الله على الارض ومن يقف ضد قواته يعتبر كافرا وتعتبر زوجته مطلقة)   خلدت محافظة السليمانية ذكرى عبد الرحمن پاشا البابان بترميمها السور والبوابة القديمة وبنت تمثالا له وخلدت ذكرى الشيخ محمود الحفيد بترميم منطقة به رده قاره مان (صخرة الابطال) التي أصيب تحتها بجروح ووقع في أسر الإنكليز.

توقفنا عند هذه المنطقة لالتقاط الصور والاستراحة من تعب زيارتنا إلى قرية جرمو الأثرية وهي منطقة جميلة ورائعة.

موقع بازيان الأثري

مررنا بهذا الموقع وشرح لنا الاستاذ مثنى الخبير الجيولوجي ومخطط الرحلات لفريق لاماسو قائلا إنه موقع بازيان الأثري عندما كانت الديانة الزرادستية موجودة كان هذا موقع معبد لهم بعدها تحول إلى كنيسة  وتعد من تراث المسيحي، وهو يقع عند المخرج الغربي. لمضيق بازيان دربندي وهو مسجل كموقع التراث المسيحي  الوحيد الذي كان السبب ببدء الحفريات الأثرية التي أجرتها بعثة علمية فرنسية عراقية في بداية القرن الحادي والعشرين حدد الخبراء  أن الكنيسة التي وجدت في هذا الموقع على أنها من عمل المسيحين الذين كانوا يتحدثون السريانية في القرن السادس وهو موقع استثماري. رفقا مما نعانيه من تعب اقتصر الحديث عن هذا الموقع ونحن في الباص لحرارة الشمس والتعب الذي لم يغادرنا عندما غادرنا موقع جرمو الأثري!وتشير الدراسات عن هذا الموقع الأثري القديم بأنه قد وجدت في هذه الآثار وفي الصحن « هيكلا غالبا ما تم ذكره في النصوص ولكنه نادر ما يتم العثور عليه على الأرض وهو ( المذبح النصفي مع أماكن للجلوس المواجهة للمكان المقدس والمتصلة ببعضها البعض بواسطة ممر صغير تحده حواجز منخفضة) ويذكر الاستاذ محمد امين استاذ في جامعة صلاح الدين « أن مخطط موقع بازيان الأثري تم التنقيب عنه عام 2012 من قبل البعثة الفرنسية المتخصصة بأثار بازيان تحت إشراف ( فاسان ديرو ش ونارمين علي)

كهف هزار ميرد

سمي بهذا الاسم لأن الكهف يسع لالف رجل!

لم يبق من المواقع الأثرية المخطط زيارتها في هذه الرحلة الا كهف « هزار ميرد» والذي يقع على بعد 15كم غربي مدينة السليمانية في جبل ( مراثان)  توجد في أسفل الجبل قرية هزار ميرد وهي قرية صغيرة يعتمد سكانها على الزراعة وتربية الحيوانات. لم نستطع الوصول إليه فتم التقاط الصور من بعيد إذ يعاني هذا الكهف الأثري الذي طالما كان ملجأ لآلاف الناس ومركزا للعديد من القصص والحكايات ترك بدون اي اهتمام ولا توجد إشارة تدل الزائر على الطريق الذي يسلكه للوصول إلى كهف هزار والذي يتكون من الصخور السوداء وتشير رطوبة الصخور إلى وجود  الماء فوقه ويوجد على أطرافه بعض المغارات الصغيرة.الباحثة ( اني اليزابيث) تقول عام 1928 توجهت بعثة أثرية لإجراء ابحاث على كهف هزار مبرد وتم العثور على بعض اللقى التي يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي.كما فيه الات وأدوات يعود تاريخها إلى 50الف سنة قبل الميلاد، وعرف الكهف باسم ( كهف الظلام) لظلامه الدامس وعدم وجود  أي ضوء فيه ولطوله فريق تنقيب ياباني اكتشفوا ( المدينة المفقودة،) في منطقة « كونارة» قرب كهف « هزار ميرد»

وبزيارة كهف «هزار ميرد» يكون الجانب الأثري القديم من رحلتنا قد انتهى وسوف يبدأ الجانب المعاصر السياحي لرحلتنا إلى السليمانية.

انتهت