الإنتخابات الإيرانية في ميزان التجربة العراقية
جواد العطار
الانتخابات الرئاسية الايرانية التي ستجري يوم الجمعة المقبل المصادف 29 حزيران 2024 ، هي الرابعة عشر منذ اندلاع الثورة ونجاحها عام 1979 بمعدل كل اربع سنوات تقريبا... وتمتاز كل الدورات الانتخابية بتنوع المرشحين ونسب المشاركة التي تقارب اقلها الخمسين بالمئة من مجموع الناخبين وهي نسبة مقبولة دوليا لشرعنة اية انتخابات ، وبقانون انتخابي واحد لم يتغير طيلة هذه الفترات. وهذا العام الاستثنائي من تأريخ إيران تجري الانتخابات بعد فقدان رئيس الجمهورية ابراهيم رئيسي بشكل مفاجيء نتيجة تحطم طائرته قبل شهرين ، بستة مرشحين ثلاثة يحسبون على المحافظين واثنين من المستقلين وسادس من الاصلاحيين ، ولا توجد مفوضية عليا للانتخابات تدير العملية بل وزارة الداخلية والمتطوعين من السلك التعليمي بإشراف مجلس القضاء هم الذين اداروا كل العمليات الانتخابية السابقة بنجاح ودون اعتراض من احد ، مع وجود إشراف دولي نسبي من مراقبين من دول متعددة.
اثار سلبية
وعلى الرغم مما تعانيه إيران من حصار وما يلقيه من آثار سلبية على حياة الشعب ، ورغم التنوع الاثني والعرقي والقومي الذي تزخر به ، الا ان نسبة المشاركة الشعبية ما زالت مقاربة للنصف طيلة الفترات الماضية ، ترتفع كثيرا مثلما جرى عام 1997 ولكنها لا تنخفض الا قليلا عن الخـــــــــمسين مثلما جرى في انتخابات عام 2021 الاخيرة.
نظرة بسيطة ومقارنة عاجلة مع هذا الجار القريب والذي تربطنا معه اتفاقيات بكل الجوانب تفوق اتفاقياتنا مع كل دول الجيران الاخرى مجتمعة ، توضح البون الشاسع بيننا وبينهم !!!.فالمفوضية العليا في العراق هي من تشرف على الانتخابات ، وللأسف تعاني ما تعاني من ضغوط ومحاصصة في تعيين مجلس مفوضيها من البرلمان المشكل اصلا من الاحزاب التي ستخوض الانتخابات وتتغير في كل مناسبة ، والنظام الانتخابي متغير في العراق ويفصل قبل كل انتخابات على مقاس الاحزاب الكبيرة ، والمستقلين مغيبين حتى وان حققوا وجودا مثلما جرى في الانتخابات البرلمانية الماضية ، والمشاركة في تدني مستمر وأقل من الخمسين بالمئة ، بل بدأنا نحتسب المشاركة على اساس المحدثين للبطاقات الانتخابية وليس على اساس المؤهلين المسموح لهم بالانتخاب.ايها الساسة يا من عاش وعاصر التجارب الايرانية في اغلبكم منذ نجاح الثورة وحتى عام 2003 ، وتتقلدون اليوم اعلى المناصب بل ويؤمن بعضكم بالثورة وولاية الفقيه...
أما آن لكم ان تتعلموا من تجارب الآخرين في بناء الدولة وتثبيت اركان النظام والسلطة بانتخابات نزيهة شفافة يتساوى فيها الجميع بفرص الفوز دون محاصصة او محاباة او استئثار؟؟؟.ان المرحلة حرجة والعملية السياسية على كف عفريت وما جرى في السماوة مؤخرا من دعوة من داخل النظام نفسه لتعيين حاكم عسكري ينسف كل شيء وتذهب معه تضحيات الشهداء منذ زمن المعارضة والى اليوم ادراج الرياح...
فانتبهوا انتبهوا لان بقاء الحال من المحال ، والتجديد والإصلاح وتصدير الشخص المناسب للمكان المناسب ونبذ الطائفية والمحاصصة ومحاربة الفساد قولا وفعلا والاستماع الى صوت الشعب والتجاوب معه والسهر على تقديم افـضل الخدمات له ، هو الطريـــــــــقة الناجحة لبقاء النظام واستمراره ونجاحه ، ولات حين مندم.