الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لازال الإتحاد السوفيتي يلعب في فلسطين

بواسطة azzaman

لازال الإتحاد السوفيتي يلعب في فلسطين

عماد مكلف البدران

 

لست بصدد إعطاء محاضرة عن العلاقات الدولية أو الكلام عن المناورات التي سادت في مدة الحرب الباردة بين الغرب بزعامة امريكا وبين الاتحاد السوفيتي وكتلته الاشتراكية بزعامة حزبها الأوحد الشيوعي، لكن الكلام هنا عن تاريخ لعبة بدأت تتجدد بثوبٍ جديد واتبعت المنهج نفسه ،فمع اجتياح روسيا اوكرانيا تجددت الآمال لدى قوى المقاومة الفلسطينية لكي توسع عملياتها وبدعم من قوى اقليمية، ربما أخذت الضوء الأخضر من روسيا وريث الاتحاد السوفيتي المنطقي، لكي تفتح جبهة في الشرق الاوسط لإشغال امريكا وحلفائها بحربٍ تحد من دعمهم لأوكرانيا وصمودها بوجه القوة الروسية الكبيرة، وهكذا ادركت الدول الاقليمية ان الفرصة مؤاتية لإشعال جبهة فلسطين وهي من لديها ثأر مع امريكا؛ ولاستغلال الوضع الدولي من أجل الحصول على مكاسب تخص ملفاتها العالقة مع امريكا والغرب، وهكذا رجعت الاصول التاريخية السياسية لهذا الاتجاه ،فقد دعم السوفييت الاحزاب الشيوعية العربية فضلاً عن الاتجاهات القومية في مقاومتها للاحتلال الاسرائيلي من اجل فتح جبهات ضد الغرب في منطقة الشرق الاوسط ،اذ كان المعسكران السوفييتي والغربي الامريكي يتقاتلان بالوكالة في اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية فضلاً عن صراعهما الاكبر في اوروبا التي انقسمت الى شرقية سوفيتية وغربية امريكية اذا ما جاز لنا التعبير، وقد ادركت امريكا جيداً اللعبة السوفيتية واذرعها وحاولت التصدي بكل ما تستطيع للتضيق على حركة هذه الاذرع في محاولة لاحتواء تمددها باتجاهات مختلفة ومنها منطقة الخليج العربي واستعملت في سبيل ذلك الضغط السياسي والاقتصادي واججت الصراعات العسكرية بين المعسكرات العربية المختلفة القومي منها والاشتراكي والرجعي كما يحلو لبعضهم ان يسميه ، ومن جانبهم دعم السوفييت اذرعهم بقوة مستغلين القضية الفلسطينية وقواها التحررية ليدعموا ويؤججوا الصراع وما ان تصل اوراق المساومة الى ذروتها مع امريكا يهدأ اللعب وكذلك تفعل امريكا إذا ما حلول لاحت بالآفق لأهم القضايا المختلف عليها في العالم، وتأتي روسيا اليوم وحلفاؤها الاقليميون لتدعم اذرعا جديدة ، فقد اشار الرئيس الروسي بوتين قبل عدة أيام الى امكانية السماح بإرسال اسلحة روسية الى دول وجماعات يمكن ان توجه ضربات مؤلمة لأعضاء حلف الناتو الغربي الذين يُزودون اوكرانيا بالأسلحة، ويعد هذا تحولاً خطيراً، اذ ان روسيا اعلنت رسمياً انها تدعم كل ذراع يقف بوجه الدول الغربية  ومصالحا وبالتأكيد منها التي تعمل في فلسطين وحولها، وهكذا يرجع السوفييت الجدد الى الواجهة ولعبة توازن القوى وهذا بحد ذاته جيد لو ان سياستهم ستؤدي الى تحرير فلسطين لا ان تُبقي القضية ورقة مساومة، فقد كان الاتحاد السوفيتي من اول المعترفين بإسرائيل عام 1949 وهو من اوجد توازنا في حربي 1967 و1973 بين العرب واسرائيل ،اذ عمل مع امريكا على ان لا تنتهي اسرائيل ولاتتحرر فلسطين، انما إبقاء الحال على ما هو عليه ، ومن جانبها ادركت امريكا مدى التأثير السوفيتي على الحزب الشيوعي الفلسطيني وحركات التحرر فالسوفيت هم من يمدها بالمال والسلاح ويدعمها بالتدريب والتخطيط ،وها هي روسيا تتدخل اليوم في سعيها لإعادة العمل بالخطوط القديمة ومنها الشرق الاوسط من خلال قضية فلسطين وداعمهم الاقليمي ،وكوبا اذ وصول الاسطول الروسي لمياهها عملاً بما قام به السوفييت عام 1962 فضلا عن التمسك بقواعدها في سوريا والسعي الى النفوذ بقوة في افريقيا ومنها دولة السودان العربية، وهكذا لا حل نهائيا لقضية فلسطين فهي ورقة مناورة لاتحاد سوفيتي جديد ولأمريكا والغرب وللأذرع وملفاتها العالقة والثمن شعب فلسطين .


مشاهدات 523
الكاتب عماد مكلف البدران
أضيف 2024/06/15 - 2:08 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 2:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 330 الشهر 9034 الكلي 10052178
الوقت الآن
الخميس 2024/11/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير