فاتح عبد السلام
اكثر من مرة تعرضت لهذا السؤال من متابعين للشأن العراقي، هل هناك وزارة للصناعة في البلد؟ لا استطيع الجواب في كل مرة الا اذا عدتُ الى قائمة الكابينة الوزارية عند تشكيلها باحثا عن ذلك المقعد الوزاري؟ وحتى حين أجد “وزارة الصناعة”، فانَّ العناوين الفارغة التي لا محتوى لها هي الطاغية، وأنَّ المصانع القديمة التي جرى تأسيسها في خمسينات القرن الماضي لا تزال كما هي، فيما جرى تدمير بعضها في الحروب والإهمال المتعمد ، كما جرى إيقاف العمل ببعضها سنوات عدة لترويج بضائع مماثلة تنتجها دول مجاورة في اطار النفوذ الطاعن في ظهر العراق منذ عشرين سنة سوداء.
كم مصنعا جديدا للاسمنت استطاعت الحكومات المتعاقبة ان تبني في بلاد تمتلك مؤهلات قيام هذه الصناعة بما يفيض عن الحاجة ويغرق دول الجوار لو أردنا ذلك. علينا ان لا نذهب بعيدا في إيجاد صناعات جديدة برغم من أهمية ذلك في التخطيط الاستراتيجي، لكن هناك مجالات للابتكار في البتروكيمياويات التي تتوافر لدينا موادها الأولية، وان ما كان للبلد قبل خمسين سنة لم يعد قادرا على المنافسة والإنتاج الكافي، ولابد من جردة حساب في هذا الميدان لنعرف الى اين نحن ذاهبون.
علينا ان نفهم كيف نصنف الأولويات في العمل الحكومي بالتناسق مع الموازنة التي تذهب بنود كثير منها الى تجديد أمور استهلاكية من الممكن تحمل الاستغناء عنها بعض الوقت لصالح المشاريع الإنتاجية التي تضمن للبلد إيرادات مالية صعبة. ليس مهما ان تخصص العقود المالية لتجديد طواقم السيارات او منظومات الكاميرات والرصد الالكتروني بقدر ما يحتاج البلد الى ان يكون مقابل صرف كل دولار افق انتاجي يعود علينا بعد سنتين او اربع سنوات بعشرات الدولارات او على الأقل يوفر لنا العملات الصعبة التي تتسرب من بين أيدينا الى الخارج، وسيأتي يوم تكون حسرة على البلد.
لا أرى أي افق للصناعة في العراق ومن هنا اذا استمر الحال بهذا التردي والتراجع فإنّ وجود حقيبة للصناعة هو أمر مضحك ومثير للتندر.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية