الشهادة العليا مجرد ورقة
لينا ياقو يوخنا
ان رغبة الكثيرين في الحصول على الشهادة العليا من المفترض ان يكون مؤشرٌ ايجابي لطموح الناس, لكن في واقع الامر وخلال السنوات الاخيرة اصبح السعي للتقديم على الدراسات العليا من قبل الاغلبية ليس من اجل رغبتهم في طلب العلم بالدرجة الاساس وتطوير معارفهم في العلوم المختلفة كي ينتفعوا او ينفعوا غيرهم في حال كانوا موظفين او غير موظفين وهذا ما افقد الشهادة قيمتها العلمية واصبحت مجرد ورقة ويعود ذلك الى اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية.
فالمحاصصة السياسية في العراق بعد 2003 في توزيع المناصب من ضمنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كانت السبب الرئيسي في اخفاق اداء عمل المؤسسة منذ سنوات وذلك لتبوء المنصب اشخاص غير متخصصين وذلك ما اثر على اتخاذ القرارات الصحيحة التى تصُب في مصلحة التعليم وتساهم في تطوره مما ادى الى تراجع المستوى العلمي للطلبة من ضمنهم حاملي الشهادات العُليا اذ اصبح كل اهتمامهم هو الحصول على الامتيازات المالية التي تمنح لهم في حال كانوا موظفين لتحسين وضعهم الاقتصادي كون رواتب العاملين من اصحاب الشهادات الاولية متدنية خاصة في بعض الوزارات مقارنة بالوزارات الاخرى التي تمنح رواتب جيدة حتى لمن هم اقل من شهادة البكالوريوس وهذا التفاوت الكبير بين وزارة واخرى في توزيع الرواتب ساهم بشكل كبير في رغبة الافراد في اكمالهم للدراسة العُليا من اجل زيادة الراتب. والسبب الاخر الذي ادى الى تراجع قيمة الشهادة العُليا متعلق بالجانب الاجتماعي والمكانة الرفيعة التي يعتقدون وهماً بأنها سيصلون اليها لمجرد دراستهم لسنتين او ثلاث سنوات, فالكثيرين يتباهون بحصولهم عليها لدرجة الغرور والتكبر اذ وصلوا هؤلاء لقناعة تامة بأنهم اكثر علماً ومعرفة ممن هم اقل درجة منهم في الشهادة ولا يعتقدون بفكرة ان العلم لا حدود له وان العالم في تطور مستمر في العلوم المختلفة لذا يبتعدون عن المطالعة والبحث بمجرد حصولهم على الشهادة لاعتقادهم بمعرفة كل شيء عن اي شيء مما جعلها ثقافة متجذرة لدى الاغلبية لهذا فهم يعجزون او لا يهتمون بتقديم اية فائدة في مجال تخصصهم علمياً وعملياً بقدر اهتمامهم في التباهي بالشهادة امام الجميع بسبب ضعف مستواهم العلمي والمعرفي. واذا كان هناك من اعطى قيمة للشهادة العُليا لبعض حامليها وانا مؤمنة بوجودهم رغم قلتهم في وقتنا الحالي, فالفضل يعود لأنفسهم واجتهادهم الشخصي بالدرجة الاساس لتواضعهم امام العلم واعتقادهم بضرورة التعلم وبحثهم الحثيث عن كل جديد في ميدان تخصصهم العلمي وتفانيهم في مجال عملهم.
وان تأثر التعليم في العراق بشكل كبير كان نتيجة لظروف سياسية بالدرجة الاساس ولا يمكن ان تنفع الحلول الترقيعية في اصلاح نظام يعاني منذ سنوات من مشكلات كثيرة, ومن اجل اعطاء للشهادة قيمتها يجب بالدرجة الاساس استثناء هذه المؤسسة من المحاصصة كخطوة اولى في البناء والتطوير ومن ثم افساح المجال للمختصين من اجل وضع خطة متكاملة لأنقاذها والتخلص من كل الشوائب التي لصقت بها او اصابتها بالعجز و الذي اصبح ظاهراً في كمية الشهادات العُليا التي لا تُعد ولا تحصى دون الاستفادة من حامليها في تحقيقهم للتقدم العلمي وتطور بلدهم.