التقريب بين المذاهب الإسلامية
نوري جاسم
التقريب بين المذاهب الإسلامية يعتبر من القضايا المهمة التي تهدف إلى تعزيز الوحدة والتسامح بين المسلمين عامة ، وتقدير الاختلافات الفقهية والعقائدية بينهم ، ويعتبر الإسلام دين تسامح ووسطية ، ويحث على التعايش السلمي بين أتباعه ، بغض النظر عن انتمائهم الفقهي أو العقدي ، وتعتبر المشاكل والاختلافات بين المذاهب الإسلامية هي نتاج للتفسيرات الفقهية والثقافية التي تأثرت بها تلك المذاهب خلال تاريخها ، ولذا يجب على المسلمين السعى للتقريب بين هذه المذاهب من خلال التواصل والحوار البناء ، والتفاهم والاحترام المتبادل ...ومن السبل التي يمكن أن تساهم في تحقيق التقارب بين المذاهب الإسلامية ما يلي :
1 : الحوار البناء : يجب أن يكون الحوار بين المذاهب الإسلامية مبني على الاحترام والتفهم المتبادل ، والأستماع إلى وجهات النظر المختلفة بدون تجاوز أو انتقاد ، والنظر إلى الأمور بعقول مفتوحة ، تهدف الوصول إلى الرأي الأرجح من خلال الحوار البناء الذي يهدف إلى تحقيق فهم متبادل وتواصل فعال بين الأفراد أو الجهات المشاركة في الحوار ، ويتميز الحوار البناء بأنه يستند على قواعد وقيم أساسية تهدف إلى تعزيز التعاون والتسامح والتفاهم بين الأطراف .
اختلافات فكرية
وتتضمن مبادئ الحوار البناء :
ا : الاحترام المتبادل : ويتضمن هذه المبدأ ، استماع فعّال واحترام وجهات النظر الأخرى ، بغض النظر عن الاختلافات الفكرية أو الثقافية.
ب : التفاهم المتبادل : ويعني ذلك السعي للوصول إلى فهم متبادل ومشترك للموضوعات المطروحة في الحوار ، والبحث عن نقاط التوافق بدلاً من التركيز على الاختلافات .
ج : البناء والإيجابية : يهدف الحوار البناء إلى إيجاد حلول ومقترحات تساهم في تطوير العلاقات وحل المشكلات بشكل بناء وإيجابي .
د : التعاون : يشجع الحوار البناء على العمل المشترك والتعاون بين الأطراف المشاركة فيه ، ويسعى إلى تحقيق الفوائد المشتركة.
وباختصار يهدف الحوار البناء إلى بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأطراف المشاركة ، وتعزيز الوحدة والتسامح وتحقيق الفهم المتبادل والتعاون .
2 : التفاهم المشترك : يجب أن يعمل المسلمون على التأكيد على النقاط المشتركة بينهم ، والتركيز على القيم والمبادئ التي يتفقون عليها ، والتفاهم المشترك يعني الاتفاق أو الفهم المتبادل بين الأطراف المشاركة في حوار أو مفاوضات على موضوع معين ، ويعتمد التفاهم المشترك على استمرار الحوار والتواصل لتبادل الأفكار والآراء بصدر رحب واحترام متبادل ، والتفاهم المشترك في موضوع التقريب بين المذاهب الإسلامية يعني الاتفاق والتوافق بين المذاهب المختلفة داخل الإسلام على بعض القضايا الدينية والفكرية والتأريخية بهدف تعزيز الوحدة والتعاون بينها ، ويهدف التفاهم المشترك إلى تقريب وجهات النظر وتقليل الخلافات بين المذاهب الإسلامية وتعزيز روح الاحترام والتسامح بين أتباعها ، ويطلق على هذا التفاهم المشترك بين المذاهب الإسلامية اسم «تعزيز التقريب بين المذاهب» أو «الوحدة الإسلامية». وقواعد هذا التفاهم تتضمن مبادئ مثل ( الحوار البناء ، التعاون ، الاحترام المتبادل ، تقدير التنوع الفكري ، القبول بالاختلاف في بسط الرأي ) وتتمثل أهمية هذا التفاهم في تحقيق الوحدة وتعزيز الروح الوسطية والمعتدلة في الإسلام وتفادي الانقسامات والصراعات بين المسلمين .وتتضمن مكونات التفاهم المشترك بما يلي :
ا : الاستماع والتفاعل : يتطلب التفاهم المشترك من جميع الأطراف المشاركة أن تكون قادرة على الاستماع بانفتاح واحترام لآراء الآخرين وتفاعل بناء معها .
ب : المرونة والتعاون : يجب على الأطراف أن تكون مستعدة لتقديم فهم مشترك والتكيف مع آراء الآخرين من أجل التوصل إلى حلول مشتركة .
ج : التواصل الفعال : يعتبر التواصل الجيد والفعّال من أهم عوامل تحقيق التفاهم المشترك ، حيث يساهم في نقل الأفكار والمعلومات بوضوح وصراحة.
د : التنسيق والمتابعة : يتطلب التفاهم المشترك التواصل المستمر والتنسيق بين الأطراف المشاركة لمتابعة التطورات وضمان تنفيذ الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها.
وباختصار ان التفاهم المشترك يعتبر أساس في بناء العلاقات الإيجابية وحل المشكلات بشكل فعال ، ويساهم في تحقيق الاستقرار والتعاون بين الأفراد أو الجهات المشاركة.
3 : التعليم والتثقيف : يمكن تحقيق التقارب بين المذاهب عن طريق التعليم والتوعية بمبادئ الإسلام الحقيقية التي تحث على التسامح والتعايش السلمي ،
والتعليم والتثقيف يلعبان دوراً مهما في تعزيز التقريب بين المذاهب الإسلامية من خلال توفير فرص التعلم والتثقيف حول قيم التسامح والإحترام المتبادل وقبول التنوع الفكري ، ويمكن للأفراد والجماعات داخل المذاهب الإسلامية أن يفهموا بشكل أفضل ويتقبلوا الآراء والمعتقدات الأخرى ، والتعليم والتثقيف يمكن أن يشمل محاضرات وندوات ، وورش عمل ، وكتب ومواد تعليمية ، ووسائل اعلامية ، وتبادل الزيارات بين المراكز الدينية والروحية ، والمشاركة بشكل عام في النقاشات البناءة والحوارات المفتوحة بين العلماء والعامة ، وبهذه الطريقة يمكن أن يساهم التعليم والتثقيف في نشر الوعي والفهم وتعزيز الروح الوحدوية بين المسلمين بغض النظر عن انتماءاتهم الفقهية أو المذهبية .
جهود مشتركة
4 : العمل الجماعي : يجب أن يعمل المسلمون على العمل المشترك والجهود المشتركة في مجالات الخدمة الاجتماعية والإنسانية ، وهو ما يعزز التعاون والتفاهم بين المذاهب ، والعمل الجماعي في موضوع التقريب بين المذاهب الإسلامية ، ويعتبر أمراً حاسماً لتحقيق التواصل والفهم المتبادل بين المسلمين ، ويمكن أن يشمل العمل الجماعي العديد من النشاطات التي تهدف إلى تعزيز التفاهم والتعاون بين المذاهب الإسلامية .
ومن هذه النشاطات :
ا : تنظيم النقاشات والحوارات : يمكن تنظيم جلسات حوار بناءة بين علماء ومفكرين من مختلف المذاهب الإسلامية لمناقشة القضايا الدينية والفقهية بطريقة مثمرة .
ب : تبادل الزيارات : تنظيم زيارات بين ممثلين من مختلف المذاهب للتعرف على بعضهم البعض وتبادل الخبرات والآراء.
ج : العمل في المجتمع : القيام بأنشطة ومبادرات خيرية واجتماعية مشتركة بين أفراد مختلف المذاهب الإسلامية لتعزيز روح التعاون والتضامن .
د : الندوات والمؤتمرات : تنظيم فعاليات وندوات تعليمية وثقافية لنشر الوعي حول أهمية التقريب بين المذاهب وتشجيع الحوار والتبادل البناء ، وان العمل الجماعي والتعاون بين مختلف المجموعات والأفراد داخل المذاهب الإسلامية يعمل على تعزيز روح الوحدة والتسامح وبناء جسور التواصل والتفاهم بينهم .
وأخيرا وبالأعتماد على هذه السبل يمكن للمسلمين تحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية وتعزيز الوحدة والتسامح بينهم ، وبناء جسور المحبة والتعاون بين الناس ، وهذا من رؤى وأفكار الفكر الكسنزاني في ألطريقة العلية القادرية الكسنزانية ، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.