الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مقبرة الأنكليز في بغداد ..من يعيد لها جمالها؟

بواسطة azzaman

مقبرة الأنكليز في بغداد ..من يعيد لها جمالها؟

علاء كرم اللـه

 

لا شك أن الغرب معروفين بأهتمامهم بالأنسان في حياته وبعد مماته ، ومقابرهم الجميلة والتي هي واحات ومتنزهات خضراء خير دليل على ذلك ، ووجود مثل هذه المقابر بهذه الجمالية والأهتمام الكبير بها  ، هي دلالة واضحة على أنسانية تلك الحكومات مع شعوبها حتى بعد وفاتهم!. العرب عموما (والعراقيين تحديدا وعلى وجه الخصوص!) لا نعرف هذه اللغة والروح المفعمة بالأنسانية كما لدى الغرب ، حيث أننا اصلا لا نعرف لغة الجمال والتنظيم والترتيب والذوق العام ونكره ذلك كره العمى!! ، وخاصة بعد سنوات الأحتلال من بعد 2003 حيث تغيرت طباع الكثير من العراقيين وأخلاقهم  نحو الأسوء بشكل واضح وكبير ومرعب ومقرف! لا يمكن نكرانه! ، ومن الطبيعي أن ينعدم  لديهم الأحساس بالذوق والجمال والشعوربالحياة كبقية خلق الله ، حيث صاروا يميلون للتخريب والعنف أكثر من التعميروالسلام ، بعد أن غلبت عليهم نزعة الشر! ( النفس أمارة بالسوء ألا مارحم ربي). نعود الى شعوب الغرب واحساسهم بالجمال حتى في مقابرهم ، فالأنكليزلا يختلفون عن تلك الشعوب بل هم يتقدمون عليهم في ذلك وفي الكثير من الأمورالأخرى ، فهم كانوا أسياد العالم قبل أكثر من قرن من الزمان!  ولا زال تأثيرهم كبيرا وقويا!  على العالم رغم التغيير الكبير الذي حدث في مراكز القوى! بالعالم بعد الحرب العالمية الثانية ، ورغم أفول شمس بريطانيا ألا ان أشعة شمسها لايزال تأثيرها قويا ومحرقا!! على الكثير من الأحداث التي ينشغل بها العالم! ، والمعروف أن الأنكليز هم المرجع في كل الأمور السياسية في العالم! ،وهم لازالوا يرون أنفسهم أسياد للعالم بما قدموه للبشرية من خلال ثورتهم الصناعية التي تفجرت في ستينات القرن الثامن عشر عندما صنعوا الألة البخارية! . نعود الى موضوع المقبرة ، فمقبرة الأنكليز الكائنة في تقاطع باب المعظم  مقابل أكاديمية  الفنون الجميلة وتمتد الى كلية الأاداب تعد واحدة من صور وعظمة بريطانيا أنذاك! عندما أحتلت العراق في الحرب العالمية الأولى (1914 -1918) وأنتصرت على الدولة العثمانية! ، وهذه المقبرة موضوع مقالنا  دفن فيها الجنود الأنكليز الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى مع قادتهم وأبرزهم الجنرال (مود) . (( وتقول بعض المراجع التي تم الأطلاع عليها ، ونقلا عن لجنة الكومنولث للحرب ، أن المقبرة تحتوي على 4480 رفاة وشاهد للجنود ، ومن المفيد ان نذكر هنا أيضا : أن صحيفة التايمز البريطانية كتبت مقالا عام 2002  ذكرت فيه بان المقبرة مهملة  وأن الطين يغطي العديد من القبور ، كما أنها مليئة بالقمامة!!))، وحقيقة أنا أكتفيت بهذه المعلومة وعلى ما تختزنه ذاكرتي! عن المقبرة ، حيث أنه في تسعينات القرن الماضي وأبان الحصار الظالم على العراق تم سرقة الكثير من شواهد تلك القبور!! للأستفادة منها لكونها مصنوعة من نوع من الحجر الأبيض الممتاز!! وكذلك تم قطع الكثير الكثير من الأشجار لأستعمالها في أغراض شتى ، وفي أحايين كثيرة صارت المقبرة مكبا للأزبال!.  ولربما لا تتذكر الأجيال  الثلاثة أو الأربعة الأخيرة  من العراقيين شيئا عن هذه المقبرة وكيف كانت ، لأنها الآن خالية جرداء لا فيها أثر لزرع  أبدا ، وفي الحقيقة أن هذه المقبرة كانت حديقة غناء فعلا وليست مقبرة!! ، وكانت تغطي مساحة كبيرة من الأرض مزروعة بالأشجار والورود والزهور، وحتى قبور الجنود فيها كلها موضوعة بنسق واحد ومزينة بترتيب جميل وأنيق ، أستثناء من قادة قبور القادة حيث أقيمت لهم قبة كبيرة ( مثل قبر الجنرال مود) .

حمام الملح

 ومن اللطيف أن أذكر هنا بأن هذه المقبرة كانت ملاذا لنا نحن أبناء المناطق الشعبية ( الفضل والعزة والدركزلية وسيد عبد الله وحمام الملح وغيرها) القريبة من المقبرة ، حيث لا توجد في بيوتنا حدائق ، فكانت مقبرة الأنكليز المكان الذي يجمعنا أيام الأمتحانات وخاصة أيام البكلوريا ، حيث تقينا من لهيب الصيف بأشجارها الكثيفة الباسقة وسكونها وبأجوائها المثالية للدراسة! ، حيث كنا نأتي صباحا ومعنا ما نحتاجه من أكل بسيط ونبقى نقرأ حتى الغروب! .

 من جانب آخر أن العالم كله بات يهتم بزراعة المساحات الخضراء لتلطيف الجو وخلق بيئة نظيفة آمنة بسبب ما أحدثه التقدم التكنلوجي على المناخ  بسبب ( ثقب الأوزون) الذي أثر كثيرا على حرارة الأرض وتغير الجو فيها . العراق كعادته عمل عكس ذلك!! ، وخاصة بالعقود الثلاثة الأخيرة وتحديدا العشرين سنة بعد الأحتلال!! ، حيث لمسنا الأهمال الواضح للدولة وأجهزتها المختصة في زراعة المناطق وأقامة المساحات الخضراء ، بل بالعكس من ذلك وبسبب الفساد الرهيب المستشري في كل مفاصل الدولة ، تم تحويل جنس الكثير من الأراضي الزراعية! وصارت أراضي للسكن والعقارات وأقامة المشاريع!!. نعود للتذكير والتأكيد بأن مقبرة الأنكليز تعرضت للتخريب والنهب  وقطع أشجارها وصارت مكب للنفايات منذ تسعينات القرن الماضي أبان فترة الحصار الظالم على العراق كما ذكرنا آنفا ، وأصبحت جرداء خالية  من أي لون أخضر وأصبح منظرها لا يسر الناظر، فقط ترى شواهد لقبور الجنود الذي ماتوا دفاعا عن الأمبراطورية الأنكليزية!! ، ومن الطبيعي أن المساحة الكبيرة التي كانت تغطيها المقبرة بأشجارها الخضراء العالية كان لها تأثيرها الكبير على تلطيف الجو وجمال المنظر. وأذا كنا نحن لا نهتم بمثل هذه الأمور، ولا نحب الجمال ولا نحب التنظيم كما هو معروف عنا!؟، السؤال هو أين الأنكليز من مقبرتهم هذه ؟؟ ، وأذا عذرناهم سابقا قبل أحتلال العراق ، بسبب الظروف السياسية المتقاطعة بين الأنكليز والنظام السابق! ، أقول فلا عذر لهم الآن فهم من يحتلون العراق مع الأمريكان وبقية دول المنطقة! ، كما أن العراق عاد لهم فهم من صنعوه وأسسوه في سنة 1921! ، فلماذا لم يلتفتوا الى المقبرة ؟؟ أليس فيها جنودهم الذين قتلوا من أجل عظمة بريطانيا ؟ وماذا أصابهم ؟ ، ولماذا لم يعيدوا زراعتها  والأعتناء بها؟ . أخيرا نقول : المقبرة مهملة وفي أعادة تشجيرها وزراعتها تضفي الشيء الكثير من الجمال  لبغداد وخاصة أنها تتوسط أحد أجمل المناطق في العاصمة ،  نعم نحن نكره المحتل أيا كان ذلك المحتل!! ، ولكن من أجل بغداد أجمل ، أوجه دعوة لأمانة بغداد أن تلتفت الى هذه المقبرة وتثير موضوع أعادة تنظيمها وترتيبها وزراعتها بالتنسيق مع الجهات المختصة بما فيهم السفارة البريطانية!! ، أو أية جهة أخرى ، والدعوة بنفس الوقت موجهة  الى السفارة البريطانية نفسها في بغداد ، لأعادة النظر في موضوع المقبرة والأعتناء بها . أن بغداد بحاجة الى مساحات خضراء ، ولا يختلف معي أحد بأن هذه أجمل مساحة تتوسط بغداد ، يمكن أعادتها الى سابق عهدها كمنتجع ومقبرة جميلة!! . ويبقى سؤلا حيرني منذ زمن بعيد! لمن تعود ملكية أرض هذه المقبرة!!؟.


مشاهدات 186
الكاتب علاء كرم اللـه
أضيف 2024/05/04 - 12:28 AM
آخر تحديث 2024/05/18 - 1:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 104 الشهر 6907 الكلي 9344945
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير