الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بدء نشوء الصالون الأدبي في العصر الحديث

بواسطة azzaman

بدء نشوء الصالون الأدبي في العصر الحديث

وليد عبد الحسن الجبر

 

صالون الأميرة نازلي

في العصر الحديث؛ اشتهرت في مصر وبعض البلدان العربية صالونات ثقافية مهمة أثّرت في الحركة الاجتماعية الفكرية والثقافية، من أشهرها صالون الأميرة نازلي هي بنت مصطفى فاضل باشا الملقب بأبي الأحرار، وكانت ذات عقل وفكر وثقافة واسعة، فقد نشأت نشأة حسنة، وتلقت من العلوم والآداب الكثير، وثقفت الحديث من العلوم، وأحوال البلاد والتمدن، وكثيراً من العلوم السياسية والاجتماعية، وساعدها على ذلك عدد من العوامل هي:

الأول: أنها كانت تتقن أربع لغات هي الفرنسية، والإنكليزية، والعربية،  والتركية.

والثاني: إقامتها المتعددة في عدد من العواصم الأوروبية مع زوجها الذي كان وزيراً في الدولة العثمانية، وسفيراً لها في هذه العواصم.

 

والثالث: معرفتها الواسعة بكثير من العظماء والكبار في مصر والخارج، وتقديرهم لها، حتى إن السلطان عبد الحميد منحها وسام (شفقت) من الدرجة الأولى.

وفي أواخر القرن التاسع عشر كان لها صالونها الثقافي، ويعد أقدم صالون في العصر الحديث .. وكان كما يقول أنور الجندي ـ عملاً جريئاً في هذه الفترة أن تفتح سيدة ناديها لتستقبل الرجال الأعلام والوزراء والكبار، وأن تدير الحديث، وتعرض القضايا، فيكون الرأي الأغلب فيها وفق اتجاه الحضارة، لا وفق حاجة الأمة.

وكان يتردد على صالونها كبار المصريين والأوروبيين، ومنهم الإمام محمد عبده، وسعد زغلول، وقاسم أمين، ومحمد المويلحي وآخرون ممن ساهموا في تطور الحياة الثقافية والاجتماعية في مصر،

صالون ماريانا مراش

صالون ماريانا مراش (1849 - 1919) في حلب، وكانت ماريانا أول أديبة سورية برزت في مجالات الأدب والشعر والصحافة في عصرنا الحديث، وصدر لها ديوان شعر في سنة 1893. ومنذ صباها بدأت تكتب في مجلة «الجنان» اللبنانية ثم مجلة «لسان الحال» اللبنانية و«المقتطف» وكانت مريانا تجمع بين الثقافتين العربية الفرنسية، وكان صالون مي زيادة من أهم وأشهر الصالونات العربية في العصر الحديث أشهر وأحفلها بالشخصيات التي تتردد عليه،

صالون مي زيادة

صالون الأديبة مي زيادة (1886 - 1941)، التي برعت في مجال الأدب مبكرًا وأخذت بحظ وفير من الثقافة، وكانت تجيد الفرنسية، الإنكليزية والألمانية، وتكتب بالعربية بأسلوب أخاذ. وكان ديوانها الشعري الأول «أزاهير الحلم» باللغة الفرنسية.، حيث ارتاده نخبة من ألمع المثقفين والمفكرين العرب.

وكان ينشر لـ«مي زيادة» باب ثابت في صحيفة المحروسة تحت عنوان (يوميات فتاة)، وصدر لها عدد من الكتب مثل (باحثة البادية)، (ظلمات وأشعة)، (سوانح فتاة)، (بين المد والجزر)، (الصحائف والرسائل)، (وردة اليازجي)، وغيرهم، وكان صالونها الأدبي الذي تقيمه في بيتها كل ثلاثاء من أبرز نشاطاتها، إذ استمرّ لما يقرب من 20 سنة.

بدأ صالون مي عام 1911 في مسكنها في شارع عدلي، حيث إنها لم تكن متزوجة، ثم أن صالونها كان الوحيد الذي تستقبل فيه ضيوفها من الجنسين، وقد كان لوجود صالونها في بيت العائلة مزية تجعله يتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة لمحافظته على هذا الاطار التقليدي، لذا كان صالونها ملتقى لشخصيات متميزة امتد نشاطهم فيه لمدة عشرين عامًا يتبادلون فيه الآراء من دون تمييز لفارق عقائدي أو فكري أو اجتماعي. ثم انتقل إلى الطابق الذي قدمته لها جريدة «الأهرام». واستمر حتى نهاية الثلاثينيات، و كان رحبًا فسيحًا، وتأنقت في اختيار أثاثه، والصور المعلقة على جدرانه والتماثيل القائمة في أركانه.

وكانت تستقبل ضيوفها فيه كل يوم ثلاثاء، وتساعدها أمها بالترحيب بالضيوف، وتجلس في صدر الصالون تدبر الحديث، وتوجه الكلام وحواليها حشد فيه: إسماعيل باشا صبري، ومنصور باشا فهمي. وولي الدين يكن، وأحمد لطفي السيد، والشيخ رشيد رضا صاحب مجلة «المنار»، والشيخ علي عبد الرزاق، وخليل مطران، وحافظ إبراهيم وسلامة موسى، وعباس العقاد ومصطفى صادق الرافعي، وأحمد شوقي وعبد القادر المازني وغيرهم، والذي كانت له آثار واضحة في حركة الأدب والثقافة، إذ أشعل المعارك الأدبية بين رواده، ما ساهم في إنتاج محتوى أدبي متميز، كما ساهم في إبراز أسماء أدبية جديدة لم تكن معروفة من قبل، وازداد رواده شهرة.

وكان من أبرز هذه الشخصيات العلامة الأزهري مصطفى عبدالرازق، ويعارضه في الفكر الدكتور شبلي شميل صاحب المذهب الداروني، ووصفه طه حسين بأنه صالون «ديموقراطي» على عكس صالون «نازلي» «الارستقراطي»، حيث كان صالون نازلي أول صالون قد تأسس في الوطن العربي.

وبعد أن بدأ العمر يتقدم بصاحبته، وأخذت الشيخوخة تزحف عليها واختطف الموت بعضًا من رواده، وانفض الآخرون لأن الصالون كان يفتقر للمنهج والغاية، ويتوقف على جمال صاحبته، وأنوثتها وعقلها، فلما تقدم السن انفض المعجبون وتخلف الرواد وتحولت حياة صاحبة الصالون إلى خواء، فسيطر عليها الهم والقلق وحاصرتها الأمراض النفسية حتى ودعت الدنيا وحيدة في المستشفى في 17 تشرين الأ,ل/ أكتوبر 1941.

صالون العقاد

كان صالون العقاد أحد المظاهر المهمّة في المشهد الثقافي في الخمسينيات، ومنتصف الستينيات، وكان روّاده من كافة حقول المعرفة: الفلسفة، والأدب، وعلم النفس، والفن، والصحافة.

ويعد صالون العقاد من الصالونات الرائدة في عصره، والتي أنجبت الكثير من الأطروحات الثقافية والأدبية البارزة والهامة، إذ كان يعقد في صباح كل جمعة بحضور الكثير من الشخصيات العربية البارزة مثل أحمد إبراهيم الشريف، محمد طاهر الجبلاوي، أنيس منصور، أحمد حمدي إمام، عبدالحي دياب، وعـــــــبدالرحمن صدقي.

وكان الــــــصالون يناقــــش الكــثير من الموضوعات المتنوعة ما بين الــــــــفكر والأدب والفلسفة والنقد، والذي كتب عنه أنيس منصور كتاب (في صالون العقاد كانت لنا أيام)، والذي يعدّ مرجعًا هامًا عن أهم الإنجازات التي حققها صالون العقاد.

صالون أحمد تيمور

في عام 1987، أسس الشاعر المصري الدكتور أحمد تيمور صالونه الثقافي الشهري في شارع الهرم بالجيزة، معلنًا ضرورة تحقيق التنوير بمفهومه الأصيل الذي يسترفد الماضي والحاضر، والاعتماد على التجريب الداخلي، وإشباع الأنواع الأدبية والثقافية المظلومة التي لا تنال من الآخرين كثيرا من الاهتمام.

  ونجح الصالون منذ تأسيسه في مناقشة قضايا ثقافية هامة مثل مكانة الشعر في مجتمعات التقنية، والحداثة وما بعد الحداثة، كما نجح في استقطاب عدد كبير من الإعلاميين وأساتذة الجامعة والمثقفين منهم نادر الطويل، محمد حجي، ومحمود الهندي، وإسماعيل إمام، وغيرهم.

صالون محمد حسن عبدالله

ويعدّ صالون محمد حسن عبدالله من أقدم الصالونات الثقافية في مصر اليوم، والذي يعقد في الجمعة الأخيرة من كل شهر، والذي اتخذ له أهدافًا، وهي تنمية المعارف وإشاعة ثقافة التنوير، والتركيز على مناقشة قضايا فكرية وأدبية، والاحتفاء بالإصدارات الجديدة.

صالون المعادي الثقافي

أيضًا، يعتبر صالون المعادي الثقافي، الذي أسسه الطبيب وسيم السيسي عام 1990، من أبرز الصالونات الثقافية، والتي يتم من خلالها تبادل المناقشات حول المواضيع المختلفة سواء سياسية أو ثقافية.

 

وفي عام 1987 أسس الشاعر والطبيب أحمد تيمور في منزله بحي الهرم في محافظة الجيزة، صالونه الأدبي، الذي انضم إليه نخبة من المثقفين والمفكرين، ويعنى الصالون بمناقشة كافة القضايا الأدبية والثقافية والعلمية والسياسية.

 

أيضًا، يقيم الدكتور عبدالمنعم تليمة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، صالونًا أدبيًا في الخميس من كل أسبوع، وتتمّ فيه مناقشة الموضوعات الثقافية والفكرية وغيرها، كما يقيم الدكتور حامد طاهر، أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، صالونًا أدبيًا يجمع المثقفين من الأدباء والفنانين والسياسيين والإعلاميين لتبادل النقاش حول القضايا المجتمعية المختلفة.


مشاهدات 608
الكاتب وليد عبد الحسن الجبر
أضيف 2024/04/30 - 7:09 PM
آخر تحديث 2024/11/22 - 7:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 260 الشهر 10178 الكلي 10053322
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير