الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حوار مع الشاعر طلال الغوّار: وجدت في طفولتي معيناً لا ينضب  للرؤى والأفكار والأخيلة

بواسطة azzaman

حوار مع الشاعر طلال الغوّاروجدت في طفولتي معيناً لا ينضب  للرؤى والأفكار والأخيلة

ثناء عليان

ينتمي الشاعر طلال الغوار إلى جيل السبعينيات من القرن الماضي، ويعد من الأسماء البارزة في الشعر العراقي، صدرت له أكثر من عشرة كتب تنوعت بين الشعر والسرد وهي: «الخروج من الأسماء، الأشجار تحلق عالياً، السماء تتفتح في أصابعي، حرريني من قبضتك، احتفاء بصباحات شاغرة، أولّ الحب… أول المعنى، انثيالات، في الشعر والطفولة والحياة، شموس في الظل، اسمّي جرحي شجرة، نداء لصباحات بعيدة , واشجار تتبعها الطرقات »، كما كتب المقالة الصحفية، والانطباع النقدي الأدبي، وعمل مسؤولاً عن الصفحة الثقافية في جريدة الإصلاح العربي، كما كان رئيس تحرير جريدة الوحدة العراقية 2008 الى 2010.

عن هذا النتاج والتجربة الثرية الطويلة، كان لـ «للزمان» هذا الحوار مع الشاعر طلال الغوار  فإلى التفاصيل:

مسيرة شعرية

- لوحظ في الآونة الأخيرة، اتجاهكَ إلى إصدار كتب غير شعرية، وتصفُها بأنها (سرد بلغة الشعر)، مثل كتابك السابق (نداء لصباحات بعيدة) الذي تناولَ جوانب هامة من سيرتك الشخصية السؤال: ما الذي يدفع الشاعر بعد مسيرة شعرية استغرقت عشرة دواوين، إلى أن يصدر كتباً في غير فن الشعر؟

 نعم صدر لي كتابان يحملان صفة (سرد) وهما «نداء لصباحات بعيدة» 2022 و» أشجار تتبعها الطرقات» 2023, ففي هذين الكتابين نجد تداخلاً للأجناس الادبية, وهذا التداخل يولد شكلاً أدبياً فيه مجموعة أشكال، ويمكن أن نسميه بالكتابة (المركبة). أي أصبح النص مستوعباً في بناءاته الفنية, الشعر، والحوار، والقص، الخ ....وأن هذه الكتابة تحولت إلى نص معرفي وشاعي وجمالي.

وتوجهي إلى هذا النوع من الكتابة، ليس هرباً من الشعر أو مللاً منه بقدر ما هو نتيجة أو محصلة لتجربة شعرية وثقافية وفنية وحياتية ايضاً أن صح التعبير، والسعي إلى مضامين جديدة وجدتها في الشكل الكتابي هذا ما يستوعب ارهاصات التجربة, فطفولتي على سبيل المثال التي عشتها وتشكل مرحلة اولى من حياتي وحدها، أجد فيها المعين الذي لا ينضب  للرؤى والأفكار والأخيلة وما فيها من مواقف ومشاهدات قد يضيق بها الشعر احياناً, مما يدفعك لتوظيف تقنيات فنيّة أخرى من الأجناس الأدبية كالاسترجاع والحوار  والمفارقات  وغيرها, لقد اتكأت على عصا السرد في هذين الكتابين لأقدم  شعرية من نوع آخر  ولأثبت  ايضاً أن الشعر حاضر في السرد وما يندرج تحت مظلة الكتابة النثرية.

خلاصة القول: إن توجهي نحو السرد يندرج ضمن عملية التجريب التي تتسم بالمغايرة, وليس التجريب من أجل التجريب فقط, وإنما كما ذكرت سابقاً يستند إلى قراءات وتجربة وثقافة تحمل رؤى وأفكاراً وتصورات, وبالتالي فالتجريب الذي امارسه هو استجابة لها, وبطبيعته فأنه أي التجريب يوصلك إلى الاكتشاف والتجديد, فالكتابةَ الإبداعية هي  تجريبٌ, وهي هاجس مرافق لحالة الكتابة في كلِّ اشكالها, وتقولَ مالم يقلهُ الأخرون وتبتكرُ شيئاً جديداً وبطريقة قول جديدة يتوالد عنها ما لم تتوقّعه أو تنتظره.

* يُلاحظ المتابع لأخباركَ على مواقع التواصل الاجتماعي احتفاءً أدبياً كبيراً من النقاد والصحفيين السوريين، وبخاصة في الفترة الأخيرة. لماذا برأيكَ يجد القارئ السوري قبولاً واستحساناً لشعر (طلال الغوار)؟

 لم تنقطع زياراتي إلى دمشق منذ 2003  وإلى يومنا هذا، وكانت ضمن وفود ثقافية للتضامن مع سوريا في تصديها لقوى الظلام ومخططات الاعداء من صهاينة واتباع, أو دعوات للمشاركة في نشاط أدبي ومنها زيارات خاصة، حيث شاركت في عدد كبير من الندوات الثقافية والاماسي الشعرية، وكانت لي حوارات ولقاءات في الفضائية السورية وحوارات في الصحف السورية اجراها عدد من الاعلاميين والاعلاميات والادباء.

 وكتب عني عدد من الأدباء في سوريا منهم الدكتور والشاعر نزار بني المرجة والشاعر والروائي احمد يوسف داوود والروائي والقاص حسن حميد  والقاص والفنان احمد عساف  والشاعر منذر يحيى عيسى والناقد احمد علي هلال  والشاعرة احلام غانم  وغيرهم وهناك من يتابع كل اصداراتي من الكتب الادبية  ونشاطاتي  من قبل الاعلامية ملدا شويكاني  والشاعرة والاعلامية هويدا مصطفى وغيرها، علما انا عضو اتحاد الكتاب العرب بسوريا وبطبيعة الحال أصبح لي عدد كبير من الأصدقاء الأدباء ومن غير الأدباء ومعارف كثر ولهذا تجدين تواصلهم الجميل مع كتاباتي وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي, وهذا دليل ايضا على أن أغلب الأدباء السوريين والاعلامين والمثقفين لديهم هاجس التزود بالمعرفة والاطلاع على الكتابات الجديدة ومتابعتها ولديهم قدرة التميز بين الغث والسمين من الكتابات, وأنا سعيد وفخور جداً بمتابعتهم لكتاباتي وتواصلهم معي عبر مواقع التوصل الاجتماعي, ولا بد من القول فأنا حينما اكون في سوريا احس اني في بلدي  فأنا عربي سوري من العراق.

اعداد المشروع

- صدرَ سابقاً كتاب سردي بعنوان (سحر اللغة وتجليات السيرة)، يبدو أنه دراسات نقدية مستفيضة حول أدب (طلال الغوار) شعراً ونثراً.. نرجو أن تحدثنا عن هذا الكتاب، كيف بدأت الفكرة، المشاركون في إعداد المشروع.. وأبرز المضامين

 كتاب «سحر اللغة وتجليات السيرة .. قراءات نقدية في كتاب نداء الصباحات بعيدة لطلال الغوار» هو مجموعة من القراءات والدراسات  عن كتابي ( نداء لصباحات بعيدة ) فقط,  لعدد من كتّاب وشعراء  عرب وعراقيين . وكانت فكرة اصدار هذا الكتاب قد بادر بها الدكتور والشاعر ابراهيم  مصطفى الحمد وهو استاذ في كلية الآداب  جامعة تكريت  بأن يجمع هذه الدراسات ويقدم لها فضلاً عن كتابته لدراسة معمقة عن «نداء لصباحات بعيدة»  وصدر الكتاب عن دار السرد ببغداد 2023.

أمّا مضامين هذا الكتاب فقد وضع الكتّاب رؤاهم عنه حين ادركوا أهميته من خلال الجدة والابتكار في أسلوبه, فمنهم من اعتبره أنه يندرج ضمن كتب السيرة الذاتية  وإن كان سرداً بلغة الشعر، ومنهم من أعتبر الأجناس الأدبية تتداخل في نصوصه  لينتج نصاً جديداً، ومنهم من أعتبر أنه ينضوي تحت راية الجنسين، «القصة والرواية»، لأنه يستوفي بعضاً من العناصر الفنية كالمكان والزمان والسرد، ومنهم من أكد على تعبيرية اللغة وخرق النظام التقليدي لها، من خلال الانزياح أو انحرف اللغة وتفجيرها واعادة  تشكيلها, واغلبهم أكدوا على أن كتاب «نداء لصباحات بعيدة» كتاب ماتع ونافع وزاخر بعوالمه وكشوفاته ومتخيله الضارب في أعماق الجمال والدهشة والشعر.

-ما رأيكَ بالمسابقات الأدبية العربية، وهل هناك عزوف لديك عن المشاركة فيها؟

 كثرت في السنوات الأخيرة المسابقات الأدبية المختلفة في الشعر والقصة والرواية... الخ, وسهّلَ عملها مواقع التواصل الاجتماعي وهي مبادرات من منظمات أو مؤسسات, والملفت للنظر أن أغلبها غير رسمية, يكون مسؤولها شخص أو أكثر, وهذا المسؤول لم يكن معروفاً أكان اديباً أو مثقفاً أم لا, ولهذا نجد أغلب المشتركين في المسابقات هم من المبتدئين وانصاف الادباء (طبعا هناك استثناء) كي نكون منصفين, وما دامت هذه المنظمات والتجمعات بهذا المستوى فان تقيم نصوص المشركين في المسابقات لم تكن بالمستوى المطلوب، كما انها خاضعة لبعض المعاير كالعلاقات الشخصية والنفعية  وغيرها من الاعتبارات, ومثل هذه الافعال تدخل ضمن محاولات التشويه للمشهد الثقافي والادبي العربي في هذا القطر او ذاك، وبالتالي تخلق حالة وهم عند البعض بانهم أصبحوا أدباء حين يحصلوا على جائزة او يذكر اسمه في المسابقة, في حين أنهم مازالوا ببداية الطريق.

     أما بالنسبة لي  فقد شاركت في مسابقات حينما كنت شاباً، وقبل أربعين عاماً، حيث كانت الجهة المسؤولة جهة رصينة وجادة في عملها، ومنذ ذلك الوقت لم أشارك في مسبقات وهناك الكثير من الأدباء من يشاركني هذا الموقف, فكيف بهذه المسابقات التي تقيمها جهات تمنح الجوائز والدروع والهدايا لمن هب ودب، حتى أصبحت حالة تندر في الشارع الثقافي، فحينما نسمع مثلاً أن  القاص فلان  فاز بمائة وخمسة وعشرين مسابقة، ولم نقرأ له نصا في يوم من الايام .

-الأصوات الشعرية الشبابية في العراق، هل يتابعُها الشاعر طلال الغوار؟ أم أنه مكتفٍ بما يسمعهُ صدفة من إبداع جيل اليوم؟ وإذا كان مطَّلعاً على بعض أطياف الشعر الشبابي، فما هو تقييمهُ للشعراء الجدد؟

 في كلِّ مرحلة زمنية يظهر عدد كبير ممن يكتبون الشعر، ولكن بمرور الوقت يتضاءل العدد ليصبح بعدد أصابع اليد الواحدة، وهؤلاء الشعراء ممن استطاعوا أن يمسكوا بجمرة الشعر, أما اليوم فنجد كماً هائلاً من الكتابات للشباب.

وأنا أتابعهم من خلال قراءتي لدواوينهم التي يهدوها لي أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وإن لم يكن بشكل مستمر, لكن أجد هناك من يستطيع أن يمتلك أدواته وخصوصاً اللغة, وقادر على أن يغني تجربته الشعرية باتجاه تحقيق صوته الخاص, ووجدت ممن يكتبون قصيدة العمود وفيها من التجديد على مستوى استخدام اللغة والانزياحات والصور الشعرية والخروج عن الصيغ التقليدية المتعارف عليها, وكذلك كتاب أجد في قصائدهم النثرية شعرية عالية وإن كانوا قلة, وبالمقابل هناك عدد اكثر ممن يكتبون نصوصا لا ترتقي لمستوى الشعر, فمنهم من استهل الكتابة تحت غطاء قصيدة النثر وهي ليس إلاّ خاطرة بسيطة.

إن سهولة النشر في الصحف وغياب المعاير الحقيقية للنشر فيها ومواقع التواصل الاجتماعي، فسح المجال للطارئين على الشعر وللكتابات الهابطة, وأوهم المبتدئين بأنهم امتلكوا ناصية الشعر.

* النقد الأدبي، والدراسات، تواكبُ إصداراتك سريعاً، ما هي أبرز الأصوات الناقدة والدارسة التي تتابع تطورات الإنجاز الشعري لديك؟ في العراق وخارجه.

** كان لإصداراتي الأدبية متابعة ومواكبة لبعض النقاد العراقيين والعرب منذ عقود، فقد كتبوا المقالات النقدية والدراسات، وصدرت كتب تناولت تجربتي الشعرية بأغلب مستوياتها  ككتاب (الرؤى الملونة في شعر طلال الغوار)، وكتاب (جدلية الحب والطفولة في شعر طلال الغوار)  للناقد حمدي الحديثي، وقد جمعت المقالات والدراسات في عدة كتب ككتاب  (مدارات في تجربة طلال الغوار الشعرية ) و(فضاءات المعنى مقاربة نقدية في شعر طلال الغوار ) و(جسور أدبية في أعمال طلال الغوار الشعرية) اعداد وتقديم الأديبة السورية ميسم الجلود, و(سحر اللغة وتجليات المعنى) إعداد وتقديم للدكتور ابراهيم مصطفى الحمد, ومن أبرز النقاد والأدباء الذين كتبوا عن هذه الدراسات الناقد والشاعر خالد علي مصطفى فلسطيني في العراق، والناقد باسم عبد الحميد حمودي،  والقاص حنون مجيد، والدكتور قيس كاظم الجنابي، والدكتور القاص فرج ياسين وجميعهم من العراق، والشاعر محمد الجزيري وعزة الخزرجي من تونس، وحسب كعيد من المغرب ومن سوريا وفلسطين  ذكرنا اسمائهم في البداية.                                  

وحظيت تجربتي الشعرية بثلاث رسائل ماجستير وكانت الأولى : (الخطاب الشعري عند طلال الغوار)- جامعة تكريت كلية العلوم الإنسانية، والرسالة الثانية: (بنية القصيدة عند الشاعر طلال الغوار) - جامعة تكريت كلية البنات، والثالثة: (الانتماء في شعر طلال الغوار) جامعة الإمام الأعظم في بغداد.

* هل يجد الشاعر (طلال الغوار) أنَّ الإعلام العربي ما يزال مقصراً بحق الأدباء البارزين؟ وهل هو محكوم بالعلاقات الشخصية و بالمصالح؟

** الاعلام العربي متفاوت بشأن الاهتمام بالأدباء في هذا القطر أو ذاك، وهو محكوم في بعضها ليس فقط بالعلاقات الشخصية والنفعية والمصالح/ وإنما هناك اعتبارات أخرى لعلّها الموقف السياسي  لهذا الأديب أو ذاك، ومدى انسجام موقفه السياسي مع المؤسسة الإعلامية من عدمه , وفي هذه الحالة إساءة للثقافة وللإعلام، إذ يجعل الثقافة خاضعة للمتن السياسي، في حين أن الثقافة حالة أرقى من السياسية، وهذه الأخيرة تغرف من ما هو ثقافي وليس العكس, لتأخذ منها الرؤى والتصورات والأفكار في رسم معالم الحياة التي تطمح إاليها, وبهذه المغالطة سلطوا الأضواء على أدباء لم يكونوا مهمين كأن تسمّى المهرجانات بأسمائهم  واقامة الندوات  لكتاباتهم, واعادة طبع نتاجاتهم,  ونتيجة هذا الموقف غبن حق عدد من الأدباء المبدعين في أن يظهرهم الاعلام ويقدمهم للناس, ولكي نكون عادلين هناك من الأدباء من أ خذ حقه من الإعلام .

* كلمة أخيرة من فضلك، يمكن أن تتناول مشروعاً أدبياً على الطريق؟

** أكاد أن انتهي من اكمال مجموعة شعرية جديدة تحتوي على قصائد قصيرة تعتمد التفعيلة، واعتقد أنّي في هذه القصائد قد خرجت عن النمط التقليدي لقصيدة التفعيلة،  وأجد فيها مغايرة في مستوى اللغة  والإيقاع، كذلك  لدي مشروع كتاب سردي بدأت به وهو  يكاد أن يكون امتداد لكتاب «نداء لصباحات بعيدة» و «اشجار تتبعها الطرقات»،  رغم أن هناك بعض الاختلاف, وهو عبارة عن مشاهدات ومواقف وأفكار انفد منها إلى مواضيع  أخرى.


مشاهدات 130
أضيف 2024/04/27 - 12:36 AM
آخر تحديث 2024/05/07 - 9:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 143 الشهر 2566 الكلي 9140604
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير