الجنوب و الطرفة و الفكاهة
عبد الكاظم محمد حسون
الجنوب العراقي ثري بكل شيء ..ثري بثرواته الطبيعية من نفط وزراعة وأسماك واهوار فيها أكثر من موقع تاريخي يشهد حضارته السومرية وكذلك الجنوب ثري بثقافته وفولكلوره المتميز فهناك اكثر من شاعر وشاعرة او كاتب قصة او مغني او مطرب واغلب الأطوار الغنائية هي ملتصقه ببيئة وحياة اهل الجنوب وهو ثري بوطنيته وتاريخه النضالي وحتى الفكري فجميع الحركات السياسية الثورية نشأت على ارضه ..والجنوب العراقي ارض الشهداء والمناضلين وهو ارض مقاومة الاحتلال وثورة العشرين شاهد لذلك ..ان ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع ليس إنحيازي للجنوب لكونه مسقط رأسي ولكن أردت أن ارد على بعض الأصوات النشاز التي تتهم بعض المسلسلات ومن القائمين عليها التي تستخدم الحسجه او اللهجة الجنوبية للفكاهة وبعض تلك الأصوات تستغل هذه الظاهرة لتتهم من يدير تلك المسلسلات مثل مسلسل (بيت الطين) على سبيل المثال او التي بطلها الممثل العظيم الموهوب اياد راضي على سبيل المثال لا الحصر بانهم ينتقصون من اهل الجنوب ويسخرون منهم وهؤلاء للأسف قصدهم كلمة حق يراد بها باطل لسبب واحد انهم يجهلون طبائع وميزات الجنوبيين وأنهم يكرهون حالات الإبداع الفني والنيل منها ...فالجنوبيون رغم ثوريتهم وجديتهم في كل شيء وما تعرضوا له من ظلم الاقطاع والحكومات المتعاقبة ورغم الكوارث والامراض ورغم حزنهم الذي انعكس حتى على غنائهم تجدهم يميلون للضحة والنكته و الفكاهة حتى في أشد حالات الحزن لديهم ولذلك تجد حتى بعض مجالس العزاء التي تقام لعزيز لهم لا تخلو من النكته والطرفة ..وكانت مجالس الشيوخ حينها لا تخلوا من شخص يجيد الطرفة لإضحك الحضور ونشر الفرح والسعادة .ان الطرفه اوالحدث الفكاهي لا يكتمل ولا يكون مؤثرا إلا بالحسجة واللهجة الجنوبية واغلب برامج النكته العراقية على بعض القنوات الفضائية مؤخرا نجد من يديرها هم من أصل جنوبي .وكاتب الكوميديا مجبر ان يمر بتراث الجنوب فتراثة مملوء بالأحداث والهموم الساخنة التي تدعوا بعض الأحيان إلى الضحك وهنالك مثل شعبي يقول ( هم يضحك وهم يبجي ) ...وكذلك لهجته القريبة للقلب والحلوة على اللسان في اصطناع أحداث كوميدية تجعل المقابل يميل للضحك في أصعب الظروف حزنا وان هذه الاحداث لو تم إدارتها بلسان بغدادي او غربي او شمالي ولا ننتقص من لسان اخواننا هؤلاء .. الا انها لا تجد لها فرصة للكوميديا الضاحكة .اذا للنظر من هذا الباب ومن مؤشرات إيجابية لا تنتقص من قيمة أهلنا في الجنوب بل بالعكس تعكس قيمتهم ليس في رسم الإبتسامة على وجوة الناس بل إنهم أهل كرم وشجاعة ومحبة وإخاء ونضال وفكر وثقافة وفن وأدب وحتى علم والشواهد كثيرة والاسماء لا تعد ولا تحصى وعلى المتصيدين في الماء العكر من هم اصلا لا يفهمون قيم الجنوب الكف عن لغة التشكيك وزرع الفرقة والنيل من بعض الممثلين الجيدين او كتاب السيناريو او المخرجين والإبتعاد عن الحساسية المفرطة في هذا المجال وان تكون نظرتهم إيجابيه للأحداث بعيداً عن لغة التشكيك وزرع الفرقة والفتنة .