أيها القادة .. حافظوا على الضبط والسياقات العسكرية
سامي الزبيدي
مقدمة
1. بين الحين والآخر وللأسف الشديد نشاهد عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ممارسات تسيء لجيشنا الباسل الذي كان معروفا بضبطه العالي وسياقاته العسكرية الرصينة التي تميزه عن اغلب جيوش المنطقة والمشكلة الكبيرة ان أبطال هذه الممارسات ضباط قادة برتب كبيرة ناهيك عن باقي الضباط وهذا ان دل على شيء فانه يدل على النقص في التدريب والإعداد وعدم معرفة هؤلاء الضباط بسياقات الجيش وأوامره الثابتة وعدم معرفتهم لأهمية الضبط العسكري في بناء الشخصية العسكرية وفي بناء الوحدات والتشكيلات وبالتالي بناء الجيوش فالضبط هو العمود الفقري الذي يشد كيان الجيش ولا فائدة ترجى من جيش عمت فيه الفوضى وانعدم في صفوفه الضبط والنظام وتصاعدت فيه الممارسات المسيئة والغير منضبطة.
ما هو الضبط
2. الضبط هو الانقياد الصحيح وقبول الطاعة التامة والسيطرة على الأعصاب وهو الوسيلة التي تتحقق بها القوة المعنوية للجيوش والضبط بمعناه الأعم هو إمكانية تقبل التدريب المؤدي الى النظام والطاعة والسيطرة على الذات والتعود على الجلد والصبر على المكاره بنظام ورضا , انه الانصياع التام للأوامر وتنفيذها بسرعة دون تردد ودون حسيب أو رقيب حتى ولو أدى ذلك الى استشهاد الفرد أو جرحه.
الغاية من الضبط
3. ان الغاية من الضبط هو التغلب على الخوف لان الخوف إذا تغلغل في نفوس المقاتلين فانه سيقلل من عزيمتهم ويحط من شجاعتهم فيجب ان ينمي الضبط شعور المقاتلين أنهم مجموعة متعاونة و متماسكة وبهذه الطريقة يتغلب الضبط على الخوف ويساعد المقاتلين على مواجهة الأهوال والمخاطر دون خوف وبالإضافة الى ذلك فان الضبط يصقل شخصية العسكري ويهذبها و يجعل العسكري أكثر التزاماً واتزاناً في كل تصرفاته وأفعاله بحيث يبتعد عن كل الممارسات والأفعال التي تسيء لشخصيته ولمهنته ولجيشه .
إدامة الضبط
4. من متطلبات بناء الوحدات والتشكيلات في السلم وإحراز النصر في الحرب بلوغ الضبط أعلى درجاته لدى المقاتلين ضباطاً ومراتب عندها سيتم تنفيذ الأوامر وانجاز المهام والواجبات بدقة وإخلاص ودون تردد لذا لابد من إدامة الضبط في جميع الأوقات والظروف وهذه من أهم واجبات القادة والآمرين في كل المستويات.
5. أساليب إدامة الضبط
أ. التدريب أهم وسيلة لإدامة الضبط ويجب ألا يقتصر التدريب على فترة السلم بل يجب ان يستمر تدريب الوحدات والتشكيلات حتى في زمن الحرب فالتدريب هو العامل الأساسي في بناء وإدامة الضبط وعندما يفقد التدريب زخمه أو يتعثر فان خلالاً كبيرا سيصيب الضبط ينعكس على أداء المقاتلين والوحدات قد يؤدي الى نتائج غير مرضية .
ب .القيادة الجيدة فالقائد والآمر الجيد والكفء المتصف بالشجاعة والصبر وقوة الإرادة ولديه القابلية على إدارة وقيادة وحدته أو تشكيله بكفاءة هو القادر على إدامة الضبط لدى مقاتليه في السلم وتحقيق النصر في المعارك فالقيادة الجيدة مهمة جداً في إدامة الضبط والمحافظة عليه في كل الظروف والأوقات .
ج . الاهتمام بالشؤون الإدارية ولإدامة مستوى عالي من الضبط يجب على القادة والأمرين الاهتمام بالشؤون الإدارية للمقاتلين وفي المقدمة منها أرزاقهم وتجهيزاتهم فهناك علاقة بين الصحة والمعنويات فإذا ضعف الجسم من جراء سوء التغذية وعدم الاهتمام بأرزاق المقاتلين وانعدام الترفيه فسيؤدي ذلك الى هبوط المعنويات وبالتالي تريدي مستوى الضبط
د. العقاب قد يصبح العقاب ضروري جدا لإدامة مستوى جيد من الضبط عندما يشعر القادة والأمرين الحاجة له لمنع تردي الضبط أو انحلاله ويجب ان يكون العقاب ضمن صلاحيات القادة والأمرين ووفق قانون العقوبات العسكري.
هـ . الثواب كما ان العقاب ضروري لإدامة الضبط فان الثواب ومكافئة المتميزين في التدريب وفي انجاز الواجبات والذين يبدون أعمال بطولية في المعارك ضروري جدا في إدامة الضبط وتعزيزه في نفوس المقاتلين.
و. تشجيع المقاتلين دوما خصوصا عندما يبادرون بمبادرات جيدة تخدم الوحدات كما ان غرس الثقة في نفوس المقاتلين وتنمية روح العمل الجماعي وروح التعرض لديهم من الأمور المهمة في أدمة الضبط .
ممارسات تسيء للضبط وللجيش
5. من المعروف ان تنمية الضبط والتدريب عليه يبدأ من الكلية العسكرية بالنسبة للضباط ومن مراكز التدريب الأولية لدى المراتب ويستمر معهم طوال فترة خدمتهم بوتائر متصاعدة وكلما كانت عملية الاهتمام بالضبط وتنميته والمحافظة عليه مستمرة ومتواصلة فان ذلك ينعكس على الأداء الجيد للوحدات والتشكيلات وعلى سلوك وتصرفات الضباط والمقاتلين بحيث لا تظهر منهم ممارسات وأفعال تسئ للضبط وتسئ لشخصية العسكري ولوحدته و تشكيله وبالتالي للجيش أما إذا حدث خلل في عملية تدريب وإعداد الضباط والمقاتلين وإذا ظهرت ممارسات تسيء للضبط وتتجاوز سياقات الجيش كحالات الفساد وسوء القيادة والإدارة لدى القادة والآمرين والضباط وضعف الشخصية وإذا تم الابتعاد عن سياقات الجيش المعروفة وأوامره الثابتة الرصينة فان خلالاً كبيراً سيصيب الضبط وسينتج عن ذلك ممارسات وأفعال تسئ للجيش وللشخصية العسكرية من قبل بعض الضباط وحتى بعض القادة والآمرين للأسف الشديد كما يحصل هذه الأيام ومن هذه الممارسات المحسوبية والمنسوبية والعلاقات العشائرية والمناطقية والانتماءات الحزبية التي أصبحت ظاهرة خطيرة في الجيش وتعدد مراكز القيادة والنفوذ وحالات الفساد والسرقة واخذ الرشا والإتاوات وعدم محاسبة المخالفين الذين يسيئون للضبط ولسياقات الجيش والمحاباة والعلاقات الغير منضبطة الخارجة عن القيم والمبادئ والابتزاز كشبكة الابتزاز التي أعلن عنها والتي تظم ضباط قادة برتب عالية والظهور في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي دون موافقات المراجع والتصوير في أوضاع وأماكن غير سوية تسئ للجيش كالمطاعم وأماكن اللهو ولبس القيافة الغير جيدة والتي لا تتماشى مع سياقات الجيش والذوق العام والقيام بأعمال وأفعال ليست من واجبات القادة والضباط ولا هي من مهام الجيش.