تجليات في اليقين الروحاني
قاسم المعمار
- من المبعث الالهي التوفيقي للذات الانسانية ان يلهمها الايمان والاقتدار على البحث والترسيخ والاستيطان لكل ما يؤمن به من عقيدة توحيدية ونبذاً للاشراك والكفر والالحاد .. في تصوف واعتزال ذاتي عميق بعشق الخالق البارئ الصانع العظيم من مخلوقه الكائن الضعيف .- وقد تكمن هذه البركة الروحية العقلية القلبية النفسية في سمة الخلود تجمعها معاً فكراً خلاقاً مبدعاً يستجلي وضوحية الحقائق ومعرفة التأويل والتشبيه وفلسفة الاقناع المتلائمة لما حملته آيات وسور واجزاء كتاب الله العظيم لخاتم انبيائه ورسله ودياناته حصراً من احكام شرعية وبينات وحكايات وسير وسرديات تاريخية وارشاد وتوجيه وترغيب وترهيب منذ خليقتها الاولى لأدم وحواء حتى يومنا الحاضر .
- ربنا عز وجل كاملاً في شموليته لهذا الكون بالسردية التاريخية للأسماء الصريحة لهذه الكوكبة من الرسل والانبياء والاتقياء واماكن بث ونشر دعواتهم التبشيرية التوحيدية زائداً الاقوام وقراهم التي آمنت والتي كفرت مثل:
اقوام عاد ضد نبيهم هود
ومدين ضد نبيهم شعيب
وثمود ضد نبيهم صالحاً
وعدائية نوح من قومه الضالين
-ان كشف حالات الاشراك بالله تعني تلك الصور الانفرادية المستهجنة الالحادية لعبادة الاصنام والشخوص مهما جاءت مناصبهم ودرجاتهم الوظيفية والمجتمعية .
-انه لابد من منطق ايماني عقلي متزن في القراءة لهذا سير والبحث المقارن واخذ مشورة وفتوى المراجع الفقهية الدينية السليمة في اجتهادها وسموها الغير متطرف هدفهم وحدة الكلمة في نطق الشهادتين الكريمتين ...
اشهد ان لا الله الا الله
واشهد ان محمداً رسول الله
وبأعتبار الاسلام خاتم الاديان تكون الدعوة الايمانية مايلي :
الله ربنا ومحمد نبينا . الاسلام ديننا .. والقرآن كتابنا . والكعبة قبلتنا .
واساس العمل للمراجع الدينية على اختلاف مشاربهم الفقهية ترســـــخ مبدئية (لا اشراك في الدين) ومحاربة كل اشكال ومظاهر التشكيل والتكفير للنظريات الغربية بحجة الحريات الفكرية والشخصية وحقوق الفرد والمجتمع ونشر هذه الاطروحات مابين الشباب والطائشين سلوكياً .
فلقد جاء في سورة الفتح قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوهم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل ).
وقوله تعالى: ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم )و( الله يصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس ان الله سميع بصير )
-وهكذا نجد امامنا الكثير من روائع الكلام الرباني الايماني التوحيدي لنوعية وارشاد الانسان المتلقي بروحية الاسلام هذا الدين العظيم لايجاد السوي المقتدر بروحيته السمحاء وعظمة الجبار الخالق العظيم وطاعته مجسدين قوله تعالى ( واطيعوا الله والرسول واؤلي الامر منكم ) في جنبة من سجايا الاخلاق الايمانية الروحية السامية .
حكاية الرقم (12)
لقد ورد هذا الرقم المقدس في الكتب السماوية المقدسة للديانات الصابئة واليهودية والمسيحية وخاتمتها الاسلامية عبر العديد من آيات وسور القرآن الكريم فقد ورد في سورة التوبة قوله تعالى: (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً).كما اشار الى ان هنالك (12) من الاحبار والربانيون مع ديانة السيد المسيح وفي العشاء الرباني معه ، ففي سورة الاعراف قال تعالى (وقطعناهم اثنى عشرة اسباطاً أمماً واوحينا الى موسى اذ استقاه قومه ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل الناس مشربهم ).
-وعند شيعتنا الامامية في العالم الاسلامي عقيدة روحانية راسخة اساسها الاجلال الالهي لآل بيت رسول الله العترة الطاهرة وما اكدته و ورد من احاديث الرسول الاعظم محمد عليه افضل الصلاة والسلام في الائمة المعصومين الاثني عشر بدءاً من الامام علي بن ابي طالب حتى الامام المهدي المنتظر عليهم افضل السلام من نسل فاطمة الزهراء ريحانة الرسول الكريم ام الحسنيين زوجة الامام علي عليهم السلام شامخة اليوم قبورهم وحاضرة بعليائها السماوي مجداً الحياة الملايين المريدين والمحبين الزائرين تحوفهم ليل نهار ففي النجف الاشرف تعلو راية ضريح الامام ابا الحسنيين علي بن ابي طالب فيما تشمخ راية الامام ابا الشهداء الحسين واخيه العباس ابنا الامام علي في كربلاء المقدسة وفي الكاظمية تشمخ رايات ضريحي الامامين الكاظمين .
وضريحي العسكريين في سامراء عليهم السلام جميعا افضل السلام الى جانب عشرات الاضرحة والمراقد المقدسة للانبياء وللمشايخ والدعاة ومؤسسي المذاهب الاسلامية الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ومزاراتهم يعمها الملايين من الزائرين المسلمين اضافة الى مراقد الاولياء الصالحين الكرام الذين يحضون بالاحترام والتقدير والزيارات العائلية المستمرة لهم .
-سبحان الله الذي احكم آياته رابطاً قديساً بين الجوانب الروحية والهندسية في شأن خليقته علمياً حينما عرفنا ان قلب الارض دائمة الغليان قابلة للانفجار لابد من فتحات للتنفيس . الا ان الله تعالى احكم شكل الارض هندسياً رائعاً على شكل (12) اثنى عشر لوحاً منتظماً مقسماً بينها (صدوع) كل واحد متصل مع الاخر لهذا الصدوع اذا رسمت لها خريطة نجدها صدعاً واحداً قد اصبحت للتنفيس . وهذه الظاهرة ذكرها الله تعالى في محكم كتابه العزيز بقوله (والارض ذات الصدع انه لقول فصل وما هو بالهزل ) صدق الله العظيم ... هذا ما ذكره الاستاذ عبد الدائم الكحيل في موضوعة الاعجاز في القرآن الكريم والقدرة الالهية.
المحكمة .
-ومن معجزات الله تعالى ان جعل قيام الساعة غير محدد ومعروف لدى عامة الناس بعيداً عن التنبؤات والقصص الواهية فعلمها عند الله فقط وكذب المنجمون والسحرة ففي سورة الاعراف اية 187 قوله تعالى (يسئلونك عن الساعة ايان مُرسها قل انما علمها الى قوله تعالى عند الله ولكن اكثر الناس لا يعلمون ).
الخالق والمخلوق ..
-هنالك سور وآيات محكمات فيها دقة علمية ربانية جل علاه في شأنه العظيم في خلق الكائنات الحية النباتية والحيوانية والجمادية والانسانية والتي جاءت بها الآية 13 وما تلاها من سورة المؤمنون قوله تعالى ( ولقد خلقنا الانسان من سلسلة من الطين ثم جعلته نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظماً فكسونا العظم لحماً ثم انشأنه خلقاً اخر فتبارك الله احسن الخالقين ثم انكم بعد ذلك لميتون ثم انكم يوم القيامة تبعثون ) .-وفي قوله تعالى من سورة الحج اية (5) النص الكريم الاتي ( يأتيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فأنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئاً وترى الارض هامدة فأذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ) .ومن عظمة الخالق العظيم ارادة اسماء الرسل والانبياء وزوجاتهم وابنائهم ووزرائهم وذويهم مقابل ذكر اسماء الطغاة والملوك والسلاطين والمنافقين والاقوام الضالة . ففي سورة الفرقان اية (33) قوله تعالى ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه اخاه هارون وزيراً ) وقوله تعالى ( وان يونس لمن المرسلين )
وان ياس لمن المرسلين
وفي سورة العنكبوت اية (14) قوله الكريم (ولقد ارسلنا نوحاً الى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) .
-وفي سورة مريم اية (51) وماتلاها قوله تعالى (واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياً وناديناه من جانب الطور الايمن هارون نبياً واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا وكان يأمر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا . واذكر في الكتاب ادريس انه كان صديقاً نبيا .
ورفعناه مكاناً عليا . اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين من ذرية ادم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية ابراهيم واسرائيل وممن هدينا واجتبينا اذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكيا ) .
وقوله تعالى في سورة طه ( واجعل لي وزيراً من اهلي هارون اخي . اشدد به ازري واشركه في امري ) وفي سورة الانبياء قوله تعالى ( ولقد اتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكـــراً للمتقين).
كما وردت مجموعة من اسماء الرسل والانبياء في سورة الانبياء اية 78 قوله تعالى ( ولوطا اتيناه حكماً وعلماً) و ( نوحاً اذ نادى من قبل فاستجبنا له) و ( داود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفثت فيه غنم القوم ) (وسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الارض ) و ( وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين ) و ( واسماعيل وادريس وذي الكفل كل من الصابرين ) و (وذو النون اذ ذهب مغضباً) و ( وزكريا اذ نادى ربه ) الى قوله تعالى (ووهبنا له يحيى) كما وردت تسميات العديد من السور القرآنية تيمناً بالنبي محمد (ص) (سور محمد وطه وياسين).
-وهنالك آيات كريمة حملت اسماء متفرقة منها قصة اخت موسى وفرعون وهامان وقارون من قوم موسى وجالوت وجنوده كما خصصت سورة (محمد) افضل الصلاة والسلام عليه اعتزازاً ربانياً به في القرآن الكريم وفي سورة الاحزاب اية (59) تصريح الهي بزوجات الرسول الاعظم بقوله تعالى (يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين..
وفي تأكيد على مكانة ومنزلة الرسول الاعظم محمد "ص" (ان هو الا وحي يوحى ) وهو القائل الحكيم (اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم) .
ولذا جاءت قداسة اهل بيته الطاهرة هي معروفة وموثقة لها منزلتها الالهية الكبيرة فمحبة الرسول الاعظم محمد عليه افضل الصلاة والسلام لعترته الطيبة الزكية قوله الخطابي في حجة الوداع بحق الامام علي بن ابي طالب ابن عمه وزوج ابنته فاطمة الزهراء بقوله ( اللهم والي من والاه وعادي من عاداه ) سنده الامين وابا الحسنيين سيدا شباب اهل الجنة عليهم جميعاً عليهم افضل السلام ..
-وبهذا الكم الموجز لعظمة اتصال الخالق بالمخلوق الانسان المقصود به هنا وكيفيته يجب ان يكون هذا الرابط القوي المحب المتمثل بالوحدانية والعبادة لهذا الخالق العظيم وعدم الاشراك به ايماناً مطلقاً برسالته السمحاء التي جاء بها خاتم الانبياء والرسل محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه واله واصحابه واتباعه افضل الصلاة والسلام عليهم جميعاً فهم بناة مجد هذا الكيان الكبير في عالمنا الحاضر والذي يزيد حجمه اكثر من ثلاثة مليارات من البشر في قاراته الخمس .
تجمعهم وحدة الحج المبارك لبيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول الاعظم في المدينة المنورة والوقوف معاً في عرفة والطواف المشترك الموحد كلمة التوحيد تجمعهم رغم اختلافات اللون واللسان واللغة والسكن والملبس والاعراف . متجذرين بقدسية قول رسولنا الاكرم (المسلم اخو المسلم) ووحدتهم في طواف الكعبة المشرفة في مكة المكرمة وزياراتهم وحبهم التواصلي لمراقد أأمتنا الاطهار في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وسامراء والكاظمية المقدستين والتي كانت جميعها منار حب واعجاب وزيارات الملايين من المسلمين وبمختلف طوائفهم ومذاهبهم حتى جاءت اخر احصائية لتلك الزيارات بأكثر من عشرة ملايين زائر وزائرة من بقاع العالم .وفي هذا الصدد يكون الخالق هو المعبود المطاع المطلق بعبادته وعبوديته من لدن العابد الضعيف سواء كان بشراً ام حيواناً او نباتاً . وهذا ماشار اليه الكتاب العزيز في سرديات سوره وآياته واحكامه التشريعية الفقهية فكل المخلوقات خاضعة للعبادة والتوحيد ولكنها قد تختلف في منهجية التعبير والنطق فالجميع يلهج بالشكر والثناء صباحاً ومساءاً لان الرابط الروحي الايماني المتأصل اتجاه الرب الجبار العظيم خالق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش فكل شيء هنا مخلوق بمختلف انواعه والوانه ... فما دمنا مخلوقين فنحن ضعفاء مهما اوتينا من قوة الجسد والعقل والروح . لان البداية المولد تنتهي بالموت والفناء لعمر يحدده الخالق سبحانه وتعالى .. الجبار البارئ المصور العظيم الى يوم الميعاد لذلك جاءت فلسفة سيكولوجية البيئية لحياة كل نوع من انواع واقسام هذه المخلوقات تحمل سمات وصفات تعبيرية تختلف فيما بينها بالشكل والتعبير لكنها جميعاً تصب في مفهومية وحدة العبادة والاستغفار وما شهر رمضان الا محطة تعريفية للقيمة الانسانية وحديات قدراتها الايمانية الولائية في عبوديتها للخالق الكريم وفرصة استغفار لمحو الذنوب وفتح ابواب الجنة للتائبين حيث شهر نزول القرآن الكريم فيه خير من الف شهر تلك المنزلة العفوية الاستغفارية العظيمة للذنوب والتوبة وما اعظمها من مكرمة ربانية للمخلوق الانساني.. ونجد فريضة الصوم قد وضعها الله تعالى لكافة الاديان وقد وردت في الكتب السماوية المقدسة كلاً حسب زمنها اليومي تحديداً بالاكل والمشرب والابتعاد عن المنكر وفق طقوسهم الدينية وتعويد النفس والحواس . البصر .. السمع .. اللمس .. الذوق على الصوم والطاعة والصبر عن مغريات الحياة وبالتالي يعد الصوم رحمة للعاملين فرصة الهية سانحة للتغفير والعفو ومسح الذنوب ..