فاتح عبد السلام
الرئيس الأمريكي بايدن يأمر جيشه ببناء ميناء بحري عاجل في غزة لاستقبال المساعدات المرسلة، وإسرائيل ذاتها ترحب بقرار أوربي لفتح معبر ما بين قبرص وغزة للمساعدات، وهناك مساعدات لدول صديقة أو حليفة لإسرائيل تُلقى من الجو على مناطق محددة في قطاع غزة وتسبب بعضها في مجزرة ، وآخر المصائب مقتل خمسة فلسطينيين وجرح عشرة الجمعة إثر سقوط صناديق مساعدات ألقتها طائرات على قطاع رؤوسهم.
وجميع ذلك لا يتناسب في الحجم والفاعلية والزمن مع المساعدات التي من الممكن أن تدخل من معبر رفح، بمستوى تدفق سبق نشوب الحرب.
تبادل اتهامات بين تل ابيب والقاهرة قبل شهرين بشأن الجهة التي تمنع عبور المساعدات من معبر رفح ذي البوابة المصرية.
أمور عدة غير قابلة على الفهم، منها ان الولايات المتحدة الحليف الاستثنائي لإسرائيل، تذهب الى خيارات مُعقدة وضعيفة التأثير من اجل نقل المساعدات في حين انّ من المفترض أن تكون هذه العلاقة الاستثنائية في الدفاع المشترك حربا وسلما تنفع في فتح طريق بري واحد وآمن للمساعدات.
أمّا ما يخص مصر وإسرائيل فإن التطبيع القديم والعلاقات الدبلوماسية الطويلة والمهمة بين الجانبين لم تشفع في دخول المساعدات من معبر رفح المصري، والذي يفترض انه خارج السيطرة الإسرائيلية، وهو أقصر طرق الامدادات وأسهلها لنجدة ما يقرب من مليون ونصف المليون من الفلسطينيين الذي لم يبق لهم مكان شبه آمن او قابل للعيش الاولي سوى رفح. الا تمتلك مصر، وهي التي تستضيف مفاوضات تبادل الاسرى والرهائن وتبذل جهودا كبيرة، إمكانات وضع معاناة أهالي غزة في كفه والعلاقات الدبلوماسية في كفة للضغط من اجل ادخال المساعدات التي يبدو أن العرب تراخوا عن ارسالها بعد أن أصبح عبورها من معبر رفح عسيراً وشحيحاً.
لماذا يفكر العالم بشتى انواع المعابر البحرية والجوية خاصة ويجري مباحثات ومفاوضات مضنية من أجل المباشرة بالعمل بها وهي في الاساس خيارات ضيقة الفائدة، في حين انَّ معبر رفح موجود وقريب وسهل ولا يمكن من بين خطوط انتشار القوات الإسرائيلية التي تحتل اغلب مساحة الاقطاع. هذا التساؤل لم تكن له إجابات وافية، ولا تزال جميع الأطراف تلف وتدور ولا تفصح عن الأسباب الرئيسية.
كان للعرب فرصة كبيرة لامتحان فائدة علاقاتهم مع إسرائيل لكنهم لم يقدموا عليها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية