التجربة في الإحتلال الحديث
عبد الحق الناصري
يقول المثل العراقي عندما تختلط الامور( تاهت الحسبة علينه ) ’بعد الاحتلال الامريكي على العراق في عام 2003 كان العراقيين ان ذاك تحت حكم الاشتراكيين ’والذي يأخذ على عاتقه جميع النواحي الحياتية والخدمات من ماء الى كهرباء الى المستشفيات...الخ’ بالمقابل يعطي مبالغ زهيدة من الرواتب لا تتجاوز ثلاثين دولار’ على عكس النظام الرأسمالي الذي يعطي الشركات الاستثمارية حرية العمل من خلال القوانين التي تفرضها الدولة’ ومن ضمنها الضرائب على الشركات كبيرة كانت ام صغيرة وتدعم من خلالها الجيش والمشاريع التطويرية والمؤسسات الانسانية في البلاد ’لكن ما حدث في العراق فهو ضرب من الخيال فبعد الاحتلال الامريكي قامت الحكومة العسكرية ان ذاك بتحويل العراق من نظام اشتراكي الى رأس مالي’ وبدون اي ضوابط وخاصة ان العراق كان في تلك الفترة في فوضى عارمة’ كانت لمافيات الشركات الاستثمارية بها نصيب الاسد اذ استطاعت نهب الكثير من اموال العراق بعقود مزيفة ومشاريع وهمية ’ فأصبح العراق تائه فهو نصف اشتراكي ونصف رأس مالي ’وهذه اعتبرها اول تجربة لدمج الانظمة المختلفة على فأر تجارب بالنسبة للدول الغربية اسمه العراق’ هل تعرفون لماذا قلت هذا لان الامريكان لم يمهدوا للأمر اذ يبدوا انهم كانوا مستعجلين على تخصيص النفط العراقي’ بعد ان كانوا محرومين منه بسبب الحصار اذ لم يوفروا ابرز احتياجات النظم الرأسمالية لتقوم وهي الامان وهذا تسبب في انقطاع الخدمات بشكل عام’ ونستطيع القول هذا هو لاختبار الحقيقي للحكومة العراقية لتجلب المستثمرين عليها بتوفير الامان’ ولاسيما ان الشركات الاستثمارية هي التي سوف توفر فرص عمل للعراقيين اذ تعتبر ازمة البطالة في العراق ابرز المشاكل التي تواجه الدولة العراقية’ ومن المفارقات العجيبة في نظامنا النصف اشتراكي ونصف رأسمالي الموظفين في الدولة يتقاضون رواتب مثل رواتب الشركات الاهلية وهذا يثقل كاهل الدولة’ كما يقدر عدد الموظفين في العراق 17مليون موظف من اصل 35مليون نسمة اما في كل امريكا عدد الموظفين بها 12 مليون’ وهذا الشيء غريب جدا وله تفسير بسيط هو ان العراقيين تم برمجتهم منذ عقود على ان الحكومة تأخذ على عاتقها كل الامور’ فاذا سالت اي شاب خريج على التعيينات سوف يلقي اللوم على الحكومة’ وهذه من الامور التي يجب توضيحها اذ ان الحكومة لم تعد مسؤوليتها التعينات بسبب ان العراق اصبح دولة رأسمالية وعلى شبابنا اليوم التوجه الى المؤسسات الاهلية’ ولكن لا ننسى واجب الحكومة باستقطاب المستثمرين من خلال توفير الامان وغير ذلك سوف تبقى دولة اشتراكية بصبغة رأسمالية’ في نهاية المقال اتسأل هل نحن اول تجربة في العالم بدمج الأنظمة معا ؟ هل تعمدت الادارة الامريكية جعلنا انصاف انظمة ؟ ام هذا الاسلوب جديد للهيمنة على خيرات الشرق ؟ و لا ننسى ان القرار الان بيدنا لتحديد ما هو النظام القائم في العراق..