الذباب الإلكتروني
عبد الكاظم محمد حسون
قبل عقود ليس بعيدة ، كان الحصول على المعلومة أمرا شاقا .. غالبا ما تجد شيء منها من خلال المكتبات ومن بطون الكتب والمجلات او من خلال أجهزة الراديو. تبعه بعد ذلك. التلفزيون ، فلا وسيلة لمعرفة أحداث العالم غير هذا الأجهزة والتي من خلالها تتمتع بعض العوائل العراقية او رواد المقاهي بسماع الاخبار من خلال نشراتها والبرامج السياسية او الجرائد التي غالبا ما تصل متأخرة لسوء الطرق وصعوبة النقل لاغلب المحافظات ، اما اليوم فقد قفز التطور في مجال الاتصالات الإلكترونية قفزات خيالية فأصبح العالم قرية صغيرة ..بكل سهولة الحصول على المعلومة في كافة مجالاتها . فظهرت أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والبث الخاص بالقنوات الفضائية وبأعداد مهولة وبلغات مختلفة . ووجود شبكة عنكبوتية تجد فيها مالذ وما طاب من المعلومات وعلى كافة المستويات ومن خلالها وبأتصال الهاتف والحاسوب من خلالها .. أصبح كل شيء ممكن ..واصبحت ظاهرة متابعة الشبكة او الانترنيت امر شائع عالميا تكاد لم تخلو من نشاطها مدينة او قرية في هذا الكوكب ..فتجد الإنسان قد ارتبط بهذه الشبكة ارتباط كبير حد التعلق .. ومن الصعب أن يتخلى عنها او يفارقها حتى ولو لدقائق .. فتجد يتصفح في الهاتف في اغلب وقته ولا يتركه دون أن يشغل نفسه فيه فترى يستخدمه في عمله ووقت فراغه وساعات سفره وحتى في الحمام او على طاولة الطعام ..وربما غير هذا الارتباط نمط حياة الإنسان فتجده يسهر الليل لمتابعته على حساب صحته الشخصية غير مكترث من نتائجه السلبية المضرة بالصحة .. رغم التحذيرات من الجهات الصحية حيث أن كثرة استعمال هذه الأجهزة يضر في صحة الإنسان وسلوكه كما اصبح معروف ومنها امراض العزلة وامراض العيون ..والشبكة العنكبوتية ومن خلال تطبيقات عديدة اصبح قبلة الناس في المعمورة مثل الفيس والوتساب والفايبر وغيرها واصبحت تلك الصفحات وسيلة لنشر المعلومة ونشر الأدب والفن وما يحدث من تقدم وكوارث وحروب في العالم وكذلك العلوم بمختلف صنوفها والبحوث والدراسات المتعلقة بها ..ولكون تأثير هذه الصفحات أصبح هو الطاغي من حيث المتابعة ، استخدمت تلك الصفحات لاغراض دعائية ومراكز للتأثير والاستقطاب واصبحت ايضا ساحة للصراعات على مختلف الاصعدة حيث نشر المعلومات المظللة والكاذبة من باب تسقيط الخصوم لتحقيق أهداف خاصة ربما في منافسات على المصالح الشخصية او أهداف سياسية او الوصول لاغراض الاحتيال والدعاية .. ساعد في ذلك الثورة في مجال الذكاء الصناعي ..حيث فبركة الصور والفيديوهات بمضامين سيئة بعضها خادش للحياء الشغل الشاغل للناس ..وعلى هذا الاساس وبسبب الصراعات غير الشريفة تجد بعض الخصوم يستخدم المواقع ومن خلال صفحات مشبوه لدس السم في العسل وتجنيد جيوش إلكترونية افرادها مدفوع لهم الثمن او ما يسمى بالذباب الإلكتروني الذي يتصداه أفراد قليلي الوعي ذات ألسنة سلطة مفرادتها تصل حد البذائة في الشتم والتخوين والطعن في الأعراض وكيل التهم المتنوعة في مطابخ الكراهية وتحاول الهجوم على الخصم بكل الوسائل لأيهام الآخرين والكذب عليهم للتقسيط .
في هذا اليوم أصبح الإنسان في موقع يحسد عليه خوفا من التظليل والتشهير والكذب وخلق القصص الخيالي كلها تبحث عن التسقيط والنيل من الاخر . وهذا بمجمله خارج عن الأخلاق والقيم البشريه الخيرة . وان هذا الأسلوب من التنافس .. جريمة بعينها ، ولا بد من جهة رقابية حكومية رادعة تتابعها قانونيا وتتصدى لها ومحاسبة من يصنعها او من يروج لها او من يقف خلفها وهي تجاوز على حقوق الإنسان والحفاظ على خصوصياته. والعمل كذلك على كشف روادها وقطع السبيل أمام أهدافها...
حيث أصبحنا في خطر من ممارساتها الخبيثة والمخلة بشرف و الحقيقة والأخلاق . وبذلك يبرز هنا التداعيات السلبية لهذا التطور العلمي الذي أصبح من السهل استخدامه للدعاية والترويج والنشر وحتى المنافسة بعضها شريف والآخر غير ذلك.