الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كثرة صور المرشحين.. إستعراض إنتخابي؟

بواسطة azzaman

كثرة صور المرشحين.. إستعراض إنتخابي؟

صادق حسن العمري

 

مع كل موسم انتخابي في العراق تتحول المدن إلى معارض مفتوحة لصور المرشحين ووجوه مبتسمة وشعارات براقة وألوان متنافرة ومئات اللافتات التي تغطي الجدران وأعمدة الكهرباء وحتى الجسور في مشهد يثير الجدل كل مرة فهل هذه مظاهر ديمقراطية صحية أم مجرد استعراضات انتخابية خالية من المضمون؟

ينتقل المواطن العراقي اليوم بين الشوارع وهو يبتسم تارةً ويسخر تارةً أخرى من طوفان الصور الذي يغزو مدينته فبين صورة المرشح المتواضع وهو يرتدي الزي الشعبي وآخر يرتدي بدلة رسمية فاخرة خلفها علم العراق وتتداخل الرسائل البصرية في محاولة لكسب قلوب الناخبين بأي وسيلة ممكنة ولكن أغلب المواطنين اليوم يتساءلون هل سننتخب الصورة أم صاحبها؟

وعند مشاهدتي لبعض الاستطلاعات الميدانية المحدودة التي أجراها عدد من الصحفيين المحليين تبين أن كثيراً من المواطنين لم يعودوا يثقون بالدعاية البصرية حتى انهم يرونها جزءاً من المسرحية الانتخابية التي تتكرر في كل دورة انتخابية .

برامج تفصيلية

وهذه الحملات الدعائية في العراق تكشف عن خلل في بنية الوعي الانتخابي إذ يركّز معظم المرشحين على الشكل لا الفكرة فبدلاً من أن نرى مناظرات علنية وبرامج تفصيلية حول الخدمات والاقتصاد والتعليم نرى منافسة في أحجام الصور ونوعية الطباعة ومواقع التعليق ولاحظت ان أحد الأكاديميين وصف المشهد بقوله: “نحن نعيش ديمقراطية اللافتات لا ديمقراطية الأفكار» وهذه هي الحقيقة والثقافة الانتخابية الغائبة عن البعض لذلك نرى بأن الصورة لا تصنع نائبًا

والواقع أن المواطن العراقي بات أكثر وعياً من ذي قبل فبعد تجارب متكررة مع الوعود الكاذبة والشعارات الفارغة أدرك أن من يملأ الشوارع بصوره ليس بالضرورة من سيملأ البرلمان بالأفكار والمشاريع ولذلك أصبح كثير من الناخبين يتعاملون مع الحملات الانتخابية كحملة إعلانات تجارية لا أكثر وهذا ما يقلل من تأثيرها الفعلي على قرار التصويت.

وأصبحت الفوضى البصرية بلا رقيب وإلى جانب الجانب السياسي هناك بُعد آخر لا يقل أهمية وهو المشهد الجمالي للمدن فبعد كل انتخابات تبقى اللافتات الممزقة معلقة على الجدران وتتحول الساحات العامة إلى مكبّات نفايات دعائية في غياب واضح للرقابة أو للمساءلة أليس من حق المواطن أن يرى شوارعه نظيفة مثلما يُطالب المرشحون بـ”خدمة المواطن” في شعاراتهم؟

للعلم شاهدنا كثيراً الحملات الانتخابية في دول متقدمة ولكن لم نشهد مثل هكذا دعاية حيث تبقى عالقة في كل مكان دون ان يرفعوها مثلما وضعوها وحتى ان كثرة الصور للمرشحين ليست دليلاً على ازدهار الديمقراطية ولكن ربما انعكاساً لضعفها فحين تتحول السياسة إلى منافسة في الطباعة والتصوير بدل التنافس في الفكر والبرامج تصبح الديمقراطية مجرد قشرة لواقع مشوه ولعلم الجميع فأن المواطن العراقي اليوم لا يحتاج إلى صور ضخمة بل يحتاج إلى مواقف صادقة ولا إلى شعارات منمّقة بل إلى حلول واقعية فالصورة الجميلة لا تصنع نائباً نزيهاً ولكن الوعي الحقيقي هو الذي يصنع التغيير .

 

 


مشاهدات 66
الكاتب صادق حسن العمري
أضيف 2025/11/11 - 7:19 PM
آخر تحديث 2025/11/12 - 1:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 470 الشهر 8507 الكلي 12570010
الوقت الآن
الأربعاء 2025/11/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير