مجلس لا يولد إلا بشروط
فاتح عبدالسلام
تجارب مجالس النواب في العراق غير ناضجة وواكبت مرحلة فرح الجميع بعناوينها حين تكون ميسرة للاستغلال السياسي وحين تنعكس الرياح ضدهم نراهم يحملون البرلمان او أي تشكيل اخر مسؤولية التقصير.
ماالعمل اذن؟ وماذا نصنع بالانتخابات البرلمانية؟ هنا لا اريد مناقشة جدوى انتخابات محسومة النتائج لمائة سنة مقبلة ولا وزن لها في الميزان الديمقراطي تحت ظل المحاصصة المقطوعة، لأنه نقاش عقيم ولا جدوى منه في ظل الوضع الحالي، لذلك نقول لتذهب الانتخابات الى مساراتها وما تفضي اليه من معلوم غير مجهول، ونقف هنا عند البديل المقترح والقابل للتداول لضبط اعدادات البلد ووقايتها من التذبذب والاستنزاف والاضطراب.
العراق ينقصه مجلس اكثر تخصصا ودقة وقوة ودلالة من البرلمان العادي، وهو مجس للأعيان قد لا يحمله هذا الاسم بالضرورة كما في بعض الدول المجاورة، او كما في تاريخ العراق الملكي، ولكن الفعالية والأداء هو الأهم من التسمية.
ربَّ معلق يقول، وما الفائدة اذا كان هذا المجلس سينبثق من نفس رحم العملية السياسية، وان التكرار والاجترار والموازنات الإضافية ستكون هي الحاضرة وليس الفاعلية السياسية والتشريعية المطلوبة؟ وهذا السؤال المنطوي على مخاوف واقعية ماثل أمامنا، ولا بد من ان يكون هذا المجلس على مستوى من الخبرات العالية في مختلف الاختصاصات الحياتية والوطنية، التي، مع الأسف، لا يعرف قسيمتها المصوتون العاديون الذي تباع بطاقاتهم الانتخابية وتشترى بعلمهم او بدونه.
من يسمح بقيام مثل هذا المجلس الاعتباري المرجعي الوطني؟ وكم جهة غارقة بالفساد الحالي ستحاربه وتحاول تصفيته قبل ان يولد؟
نعم، لا مجال لولادة هذا المجلس من دون ان تكون هناك صفة دستورية معززة بدعم وطني شامل، وموازرة دولية، لكي يستطيع مجلس تخصصي واعتباري ان يعيد رفع اسم العراق عالياً، ويضع الاحجام السياسية في محلها الطبيعي بالسينتمرات وليس بالأميال كما في واقع حال الاستفلات الجاري.
من هنا يبدأ التغيير، من الرؤية الجديدة، والمسار الجديد، وليس عبر الاجترار والعجن في المعجن الذي أصابه العفن.