التعليم الأهلي .. بين الرؤية والربحية
حامد الزيادي
تسابق محموم بين التعليم الأهلي والحكومي وإنقسام واضح حولهما يعكر صفوة التعليم ويثير الشكوك بغياب التخطيط السليم الذي ينقل التعليم نحو الحلول الجذرية ويعالج العلة حول إعادة العمل بالتعليم الأهلي المعمول به منذ بداية تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ولغاية عام 1968 عندما منع النظام السابق العمل به باعتماد النظام الاشتراكي والتوجه لمجانية التعليم وقد حقق العراق في حقبة السبعينيات مرتبة متقدمة على مستوى التعليم العالمي، لكن الوضع انحدر نحو التردي بسبب الحروب والأزمات المتتالية التي مرت على العراق وبعد عام 2003 تم إعادة العمل بالتعليم الاهلي الذي اعتمد بشكل أساسي على نظام التعليم الأهلي والاجنبي رقم (5) لسنة 2013 وتعليماته بآليات وضوابط جديدة في خطوة الغرض منها اعانة التعليم الحكومي حسب قانون التعليم الألزامي رقم 118 لسنة 1976 الذي يواجه اليوم عدة تحديات من قبيل التسرب وضعف البنية التحتية ونقص الكوادر التعليمية والكثير من مستلزمات التعليم مما يقتضي معالجة الواقع بشكل دقيق ومراعاة متطلبات المرحلة التي خلقت لنا ( تعليم موازي) ممكن أن يسحب البساط من التعليم الحكومي مالم يحصل تدخل لتنظيم الأمور بالشكل الذي ينهض بالتعليم الحكومي والاهلي معا في آن واحد بنفس المواصفات والمزايا لتجنب حدوث الفجوة الكبيرة التي نخشاها بحدوث الهجرة العكسية من طلاب وكوادر من المدارس الحكومية الى المدارس الأهلية في حمى التنافس بالأسعار والخدمات والكلام يشمل الكليات والجامعات الأهلية، ولسنا اليوم بصدد تقديم دراسة أو بحث بهذا الشأن بقدر الإشارة والتنبيه الى بعض الأمور، ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى بعض الجوانب الجيدة عند التعليم الأهلي من الاهتمام بتحسين البيئة المدرسية وتوفير الصفوف النموذجية المكيفة والانارة والمتابعة وتفعيل النشاطات الرياضية والفنية وتقديم التغذية المدرسية والجوائز والهدايا للمتفوقين وتامين باصات النقل وغيرها، بالمقابل نجد تراجع كبير لهذه الأمور في التعليم الحكومي ونقص واضح في مستلزمات التعليم مما انعكس على اداءه وفاقم الأزمة أكثر أمام الزيادات السكانية الكبيرة وغياب البرامج التعليمية الحديثة التي تحتاج للمراجعة والتطوير والتنظيم،وكل هذا راجع لغياب التخصيصات المالية الكافية والرعاية المطلوبة ،بالمقابل نجد زيادة مضطردة في فتح المدارس الأهلية حيث بلغت احصائية عام 2024 فتح أكثر من 3500 مدرسة أهلية والعدد في تزايد كبير مما يعني خلق بيئة جديدة من الفوارق الطبقية فالتعليم الاهلي غير متاح لأصحاب الدخل المحدود ولا يسد الحاجة للإقبال المتزايد عليه، فيما التهميش واضح للتعليم الحكومي في الرؤية والتعامل التي لا تنتج لنا تعليم رصين، فلا نريد أن تتحول المدارس الأهلية الى صفقات تجارية وسطوة لأصحاب الأموال او الطبقية والبحث عن الربح، فلا نريد تمايز فاحش في المعاملة ممكن أن يخلق لنا فجوة لا يمكن ردمها، لأننا نتطلع لتعليم متكامل يبدأ من نــــــــــقطة شروع صحيحة كي تكون النهاية ناجحة ونافعة، لذا ندعو الحكومة الى إعادة النظر بالخطط التربوية وتامين مالي كافي وخلق منافسة علمية مسؤولة تنهض بالتعليم العراقي وتعود به للسمعة العالمية السابقة.