الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مساحات شاسعة تفطر القلوب

بواسطة azzaman

مساحات شاسعة تفطر القلوب

فاتح عبدالسلام

 

حين تمر بنا الطائرة فوق العراق أو البلدان العربية المجاورة، نرى بوضوح كم هي المساحات المهولة في سعتها متروكة من دون وصول الانسان اليها منذ مئات السنوات أحياناً. هناك طرق ترابية ونيسمية مهجورة منذ أن كانت طريقا لقوافل الحجاج الآتين من آسيا والاناضول نحو مكة المكرمة. وهناك طرق مندرسة  ماتت ملامحها منذ أن سلكها الجيش العثماني وهو ينسحب من الأردن والعراق وسوريا ولبنان في أعقاب الحرب العالمية الأولى 1918. وهناك طرق سلكتها قوات اسماعيل الصفوي وهي تغادر العراق الى بلاد فارس، لم يمر من خلالها بعد ذلك الا أرتال الجيش العراقي بعد مئات السنين بعربات عسكرية وأسلحة حديثة كانت غذاء حرب الثماني سنوات، واليوم عادت مهجورة كما كانت.

 وفي جوانب أخرى من صحاري العراق تطلع علينا اخبار هذه الأيام بالقول ان القوات المحمولة جوا قامت بإنزال على مواقع الإرهابيين في تلك المناطق المقفرة، ولا ندري لماذا استطاع الارهابيون إيجاد مكاناً لهم للحياة عدة سنوات فيها وهو مطاردون كل يوم، ولم يستطع الانسان العراقي وحكوماته المتناسلة والمتناكحة والثرية بالنفط الوصول لإعمار تلك القفار أو استخراج ثرواتها.

 أكثر من سبعين في المائة من مساحات العراق لم يمر بها بشر إلا في حالات نادرة كالبعثات الغربية الاثارية او الحملات العسكرية، وما نراه من مدن وبلدات وارياف اليوم انّما هي مساحة متناهية الصغر، ولأننا لا ننظر بعيداً في كل شيء، فيكون من الطبيعي أن نجهل ماهو كائن قبل وجود اجيالنا، وبتنا فقط نسمع الأرقام عن مساحة العراق ولا نرى لها أثراً على الواقع.

 في الجانب الاخر، وأنت تنظر من نافذة طائرة تمر فوق بلدان أوربية كبيرة او صغيرة لا ترى اية مساحة من دون اعمار سكني أو استثمار زراعي، هناك استغلال للشبر الواحد وليس للميل الواحد، فأراضيهم نراها من الاجواء لوحات خلابة فيها من الألوان ما لا يخطر على بال، مدهشة بمعنى الكلمة، أمّا أراضينا فتفطر القلوب، قاسية في تضاريس عطشى وموحشة، مهملة ومتروكة على حالها منذ سنحاريب وآشور بانيبال ونبوخذ نصر وحمورابي.

 

 

 


مشاهدات 122
الكاتب فاتح عبدالسلام
أضيف 2025/09/09 - 2:44 PM
آخر تحديث 2025/10/06 - 3:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 107 الشهر 3520 الكلي 12043375
الوقت الآن
الإثنين 2025/10/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير