خبير: دور العراق في أوبك مغيّب بشكل متعمّد
وفد إتحادي يقيّم إنتاج كردستان تمهيداً لتنفيذ إتفاق تسليم النفط
بغداد - قصي منذر
من المقرر إن يزور وفد من وزارة النفط الاتحادية، إقليم كردستان، بهدف تقويم حجم الأضرار التي لحقت بعدد من الحقول جراء الهجمات بالطائرات المسيّرة، والوقوف على مستوى الإنتاج الفعلي، وتحديد مواعيد تسليم الكميات المتفق عليها إلى شركة سومو، وسط مساعٍ حثيثة لتنفيذ الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل المقر من مجلس الوزراء.
وقالت مصادر أمس إن (مهمة الوفد ستكون تقويم مستوى إنتاج النفط وكميته وموعد تسليمه إلى شركة تسويق النفط العراقية سومو)، بهدف استئناف تصديره). من جانبه، قال مسؤول في إحدى شركات النفط (لقد أبلغونا بأن وفداً من وزارة النفط سيزور الاقليم، لكن لم يتم تحديد الموعد بعد)، وأضاف (نحن جميعاً نعمل من أجل استئناف تصدير النفط، ولا نريد الإدلاء بتصريح جديد أو إصدار بيان جديد، فعندما تُحسم جميع الاتفاقات، نتوقع أن تصدر حكومة كردستان والحكومة الاتحادية تفاصيل جديدة).
حصة موازنة
ووفقاً لقانون الموازنة العامة والتعديل الذي أقره البرلمان هذا العام، يتعين على الإقليم، تسليم 400 ألف برميل من النفط يومياً للحصول على حصته من الموازنة. لكن في الاتفاق بين بغداد وأربيل، تم تحديد كمية 230 ألف برميل نفط لتصديرها عبر شركة سومو، مقابل أن تُدفع 16 دولاراً لشركات النفط ككلفة إنتاج ونقل للبرميل الواحد. وكان وفد من وزارة النفط، قد زار الاقليم منتصف الشهر الجاري، وتفقد عدداً من حقول النفط، وقدم حينها تقييماً للوزارة مفاده أن إقليم كوردستان لديه القدرة على إنتاج 80 ألف برميل من النفط يومياً. فيما كشفت تقارير حديثة، عن توقف نحو 70 بالمئة من إنتاج النفط في كردستان، نتيجة هجمات مسيّرات نفذتها جماعات مجهولة خلال الأيام الماضية، ما تسبب بأضرار جسيمة للبنية التحتية النفطية.
وقالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أمس (تعرض خمسة حقول نفطية في كردستان لهجمات بمسيّرات مجهولة بين 14 و16 تموز الجاري، ما تسبب بأضرار فادحة أوقفت قرابة 70 بالمئة من إنتاج النفط اليومي، في تصعيد خطير للنزاع المزمن بين بغداد وأربيل بشأن السيطرة على موارد الطاقة وتقاسم الإيرادات)، وأكدت المنظمة إن (هذه الهجمات تهدد البنية التحتية الحيوية للطاقة، وتفاقم أزمة الرواتب المتوقفة لموظفي القطاع العام في الإقليم منذ أيار، نتيجة الخلافات المالية العالقة مع الحكومة الاتحادية، التي استخدمت الملف كأداة ضغط في مفاوضات النفط). من جانبها قالت الباحثة في المنظمة سارة صنبر إن (التدمير المتعمد للبنية النفطية ستكون له انعكاسات مدمّرة على الخدمات الأساسية في الإقليم، بينما لا يزال آلاف المعلمين والأطباء والممرضين عاجزين عن تلبية احتياجاتهم المعيشية وسط شلل حكومي تام).
وتُحمّل تقارير دولية جماعات مسلحة، مسؤولية الهجمات، وهو ما لمح إليه نائب مدير مكتب رئيس وزراء الإقليم، متهماً (مجاميع إجرامية ممولة بتنفيذها، دون إعلان رسمي من أي جهة عن تبنيها). وبحسب ذا نيو أراب، أدت الضربات إلى توقف إنتاج 220 ألف برميل نفط يومياً، ما حرم الإقليم من أهم موارده المالية. وتزامنت هذه الهجمات مع قرار الحكومة الاتحادية بوقف تحويلات الرواتب، وهو ما أدى إلى تكرار الإضرابات، وإغلاق المدارس والمراكز الصحية، وتراجع كبير في خدمات الكهرباء.
فقد أضرب أكثر من 60 ألف معلم في 2023 لأكثر من ستة أشهر، ما حرم نحو 700 ألف طالب من التعليم. كما توقفت خدمات الصحة غير الطارئة، بعد لجوء عدد كبير من الأطباء للعمل في القطاع الخاص هرباً من أزمة الأجور. وفي ظل أزمة الكهرباء المستمرة، أكدت وزارة الكهرباء في الإقليم إن (المواطنين يحصلون على الكهرباء من الشبكة الوطنية ما بين 6 إلى 14 ساعة يومياً فقط، بينما تعرض حقل خور مور الغازي، المغذي الرئيس لمحطات التوليد، لتسع هجمات بمسيّرات خلال عامين، كان أعنفها في شباط الماضي).
وبرغم تعهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بفتح تحقيق في الهجمات ومحاسبة الجناة، لم تُنشر أي نتائج حتى الان. كما لم تُعوض الأسر المتضررة أو العاملين الميدانيين، برغم استمرار الخطر على سلامتهم.
موقف جريء
على صعيد أخر دعا الباحث القانوني والمصرفي سيف الحلفي، الحكومة إلى اتخاذ موقف جريء بالانسحاب من منظمة أوبك في حال استمرار ما وصفه بـالتهميش المتعمد وتجاهل دور العراق المحوري والتاريخي في صناعة الطاقة. وقال الحلفي في بيان أمس إن (العراق ليس دولة عادية داخل أوبك، بل هو أحد المؤسسين الخمسة للمنظمة عام 1960، حيث احتضنت بغداد أول اجتماع تأسيسي لها، ويعد من أكبر منتجي النفط عالميًا وصاحب رابع أكبر احتياطي نفطي)، مؤكداً إنه (برغم هذا الثقل الاقتصادي والتاريخي، يعاني العراق من تغييب تام في المؤتمرات البحثية الدولية المتعلقة بالطاقة والنفط، وسط صمت غير مبرر من المنظمة وأعضائها تجاه الكفاءات والخبرات المحلية).
وأشار إلى إن (العراق تم استبعاده من نظام الحصص في أوبك لقرابة عقدين لأسباب سياسية داخلية، لكن استمرار تجاهله حتى الان أمر مرفوض، ويثير استغراب الشارع العراقي والعربي)، مشدداً على إنه (يجب أن يستعيد العراق مكانته في قيادة أوبك وصناعة القرار النفطي العالمي، وإلا فعليه أن يلوّح، بل ويفكر جديًا بالانسحاب، على غرار قطر في 2019 وسلطنة عُمان التي نجحت في صياغة سياسة نفطية مستقلة تخدم مصالحها الوطنية).
ومضى إلى القول (آن الأوان أن يعرف الجميع أن صوت بغداد لا يُمكن كتمه، وإذا لم تُحترم مكانة العراق، فعلى حكومته أن ترفع البطاقة الحمراء وتنسحب).