الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بشأن خور عبد الـله.. على العراق الدفاع عن حقوقه وفق القانون الدولي

بواسطة azzaman

بشأن خور عبد الـله.. على العراق الدفاع عن حقوقه وفق القانون الدولي

عصام الياسري

 

يُعد ملف خور عبد الله من الملفات الخلافية الحساسة بين العراق والكويت التي تدعي بأن هذا الممر العميق، والذي يعد شريانا حيويا للمواني العراقية، يقع ضمن مياهها الإقليمية، وتستند في ذلك إلى تفسير محدد لترسيم الحدود. غير أن الحقائق التاريخية والجغرافية والقانونية، تثبت بأن خور عبد الله كان عبر عقود ممر ملاحي مشترك، وأنه يمثل المنفذ البحري الأساسي للعراق نحو الخليج، مما يستدعي العراق لأن يطالب بإعادة النظر دوليا في أي تقسيم يخل بالتوازن أو يعيق حركة الملاحة العراقية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أكدت في أيلول 2023، عدم دستورية قانون تصديق البرلمان العراقي على الاتفاقية عام 2013 بين العراق والكويت بشأن تنظيم الملاحة في خور عبد الله. وفي تحرك غير مسبوق يقوم به مسؤولون من مستوى حكومي رفيع ممثل برأس السلطة القيام بالتنازل عن حقوق العراق ومصالحه الحيوية، حيث قدم في منتصف نيسان 2025 كل من رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني العراقيين طعنين منفصلين إلى المحكمة الاتحادية العليا، طالبا فيهما بالعدول عن قرارها القاضي ببطلان قانون تصديق اتفاقية خور عبد الله مع الكويت.

أثار هذا الموقف غير المتوازن لمسؤولين في أعلى سلطة في الدولة، جدلا شعبيا وقانونيا واسعا، انتهى بتقديم تسعة أعضاء للمحكمة الاتحادية استقالاتهم من عضوية المحكمة، بسبب «الضغوطات الحكومية» التي مورست على المحكمة بشأن قضية خور عبد الله، كما تناولته وسائل الإعلام.

مسؤولين عراقيين

الأنكى من هذا، أن مسؤولين كويتيين يعلنون جهارا في وسائل الإعلام، أنهم أعطوا رشاوي لمسؤولين عراقيين كانوا يتباحثون معهم للتنازل عن خور عبد الله. وإذا لم يقر العراق بأحقية الكويت لخور عبد الله سيكشفون أسماء المسؤولين العراقيين وحجم المبالغ التي استلموها وهي بملايين الدولارات كما يدعون!.

 أن ما يقوله هؤلاء، إذا صح وثبت، يعد أمرا بالغ الخطورة قانونيا وسياسيا، وله أبعاد تمس السيادة الوطنية، وشرعية أي اتفاق يبرم تحت التهديد أو الفساد، وهو ما يبطل حسب القانونين الوطني والدولي أي أثر قانوني لمثل تلك الاتفاقات أو التنازلات. أيضا، إذا ما ثبت فعلا، أن تصريحات المسؤولين الكويتيين حقيقية، فهي سيف ذو حدين: من جهة تدين مسؤولون عراقيون (يجب محاسبتهم)، ومن جهة أخرى تبطل أي اتفاق أو تفاهم تم نتيجة الابتزاز أو الفساد، ويجعل موقف العراق في أي محفل دولي قويا.

أن تواطئا عراقيا على مستوى مسؤولين كبار في جهات عليا داخل السلطة وخارجها لا تتحرك للدفاع عن حق العراق، بل تقف إلى جانب الكويت دون أي مسائله سياسية أو قانونية.

مما يجعل الأمر في منتهى الخطورة، لأنه يسلط الضوء على ما هو أخطر من التهديد الخارجي: التفريط الداخلي المتعمد بالحقوق السيادية، سواء كان بالصمت أو التواطؤ. وهذا النوع من السلوك السياسي، إن ثبت، لا يعد فقط انحرافا وظيفيا أو فشلا إداريا، بل يمكن اعتباره خيانة دستورية وجنائية صريحة في نظام مؤسساتي تحكمه نصوصا واضحة بشأن حماية الوطن...

إذن، كيف يمكن مواجهة هذه التحديات؟

تحويل قضية خور عبد الله إلى قضية رأي عام مدعومة بالوثائق، وفضح أي جهة أو مسؤول يتهرب من موقف وطني واضح. تفعيل الضغط الإعلامي والبرلماني لسحب الغطاء السياسي عن المتواطئين. والأهم ممارسة الضغط الشعبي على البرلمان لفتح تحقيق علني وفق النظام الداخلي، مع كل من شارك في المفاوضات أو وقع أو سكت، ومطالبتهم بإثبات أن ما حدث لم يمس السيادة أو القانون. ذلك يتطلب جهود قوى مجتمعية حقيقية فاعلة من الشخصيات والنخب الوطنية (نواب، أكاديميين، قضاة سابقين...) للضغط على مؤسسات الدولة، وخلق جبهة دفاع عن السيادة خارج الاصطفافات الحزبية.

واجب دستوري

والتوجه إلى القضاء الإداري أو المحكمة الاتحادية العليا لتفعيل دورها لملاحقة من فرط بحقوق العراق المائية لخور عبد الله.

الجدير بالذكر ان المادة 1 و67 و109 الواردة في الدستور العراقي لعام 2005: تؤكد على وحدة الدولة وسيادتها، وأي مساس بها يعد خرقا للواجب الدستوري لرئيس الجمهورية والوزراء وأعضاء البرلمان. فيما المادة 50 تؤكد: على كل مسؤول يؤدي القسم حماية وحدة وسلامة أراضي العراق، وأي خرق لهذا القسم هو خيانة دستورية.

وفي قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 تتحدث المادة 156: يعاقب بالإعدام من ساعد دولة أجنبية في النيل من سيادة العراق أو سلامته أو منحه تسهيلات أو تنازلات سيادية دون تخويل دستوري. بيد ان المادة 307 و 308 تشير إلى: قبول رشوة من جهات أجنبية مقابل التنازل عن المصلحة الوطنية جريمة يعاقب عليها بالسجن المؤبد أو المؤقت. ووفق المادة 340: الإضرار المتعمد بالمال العام ينطبق على كل من فرط بمصالح الدولة أو تنازل عنها من دون وجه حق، ويعد مسؤولا جنائيا.

باختصار: كل مسؤول يفرط بسيادة العراق تحت غطاء المصلحة أو المساومة السياسية، يجب أن يحاسب شعبيا، قانونيا، ودستوريا. ومواجهة هذا التواطؤ تتطلب تحركا وطنيا شجاعا ومنظما، لا يعول على النخب الصامتة، بل على صوت الناس والموقف القانوني الصلب.

 

 


مشاهدات 103
الكاتب عصام الياسري
أضيف 2025/07/22 - 4:11 PM
آخر تحديث 2025/07/23 - 7:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 14967 الكلي 11168579
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير